الحراك الإخباري - الانتصار الوهم و السردية الكاذبة
إعلان
إعلان

الانتصار الوهم و السردية الكاذبة

منذ 5 ساعات|الأخبار


من باريس: سهيلة باتو 

صحفية و سينمائية 

تظهر لوحة كبيرة في تل أبيب عشرة رؤساء عرب بجانب دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو. تمجّد هذه الصور الدعائية "نصراً" إسرائيلياً وتعد بـ"شرق أوسط جديد" يضم "حلفاء مخلصين". لكن هؤلاء القادة العرب يمثلون أقل من نصف جامعة الدول العربية. وتحالفهم هذا، وإن زعموا أنه نصر، فثمنه باهظ. هذا "النصر" ليس سوى خدعة سردية بسيطة، روّجت لها إيران وإسرائيل وحتى أمريكا بالتناوب. إنه يجسد "التفكير المزدوج"، تلك القدرة الغريبة على قبول حقائق متناقضة، وتجعل الناس يظنون أن "الحرب هي السلام" حتى وسط الدمار. في مواجهة هذا الواقع، تشعر دول الخليج بقلق وجودي عميق: فإيران تظهر كجار قوي يتحدى إسرائيل، بينما إسرائيل صارت عاجزة عن حماية نفسها، فلا يمكنها حماية أحد.

غزة: رواية مضادة

أما الواقع، فلا يتأخر أبداً في تذكير الجميع بالحقائق. إن انفجار مركبة مدرعة إسرائيلية جنوب غزة، والذي أودى بحياة سبعة جنود، يخالف بشكل واضح رواية بيبي. من ملجئه تحت الأرض، وخلال مؤتمر صحفي عبر تطبيق زوم، يتجنب أسئلة عن أهدافه ويصيح "نصر!". ومع ذلك، لم تدمر إسرائيل النووي الإيراني، ولم تمنع رداً حطم أسطورة جيشها الذي لا يُهزم. هذا الهوس بالنصر يشن حرباً نفسية تُشوّه فيها الرموز إلى أقصى حد. كل إطلالة علنية تصبح مسرحية سوداوية تهدر الحقيقة. إنه نظام يهدف للقضاء على أي تفكير نقدي وفرض واقع غير حقيقي.

قال دونالد ترامب اليوم الخميس: "الولايات المتحدة أنقذت إسرائيل والآن الولايات المتحدة ستنقذ بيبي نتنياهو." وانتقد بشدة المحاكمة الجارية ضد رئيس الوزراء، واصفًا إياها بـ"مطاردة ساحرات سخيفة". كما مجّد نتنياهو بصفته "محاربًا لا مثيل له" بسبب "قوته في حبه للأرض المقدسة الرائعة". أجاب بيبي، بخجل غير متوقع: "شكرًا لك على هذا الدعم المؤثر."

ومع ذلك، أغضب هذا التدخل المعارضة الإسرائيلية. فقد انتقد يائير لابيد، زعيم حزب "هناك مستقبل"، بشدة "مساس أمريكا بالقضاء"؛ ورغم إقراره بالدعم الأمريكي الأخير، ألمح إلى أن ترامب قد يستخدم نفوذه للحصول على تنازلات من نتنياهو، خصوصاً لوقف حرب غزة المستمرة منذ 20 شهراً. هذا الدعم الأبوي يكشف حقيقة أعمق: طالما يفرّ نتنياهو من العدالة، فسيظل يثير الصراعات بلا انقطاع.

الخاتمة:

على الرغم من ملصقات "النصر" والروايات المصطنعة، تبقى حقيقة ثابتة. يضع دونالد ترامب نفسه كمدافع قوي عن بيبي نتنياهو، لكنه يحجب الإبادة الجماعية الجارية وكذلك أوامر الاعتقال من المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر 2024 بتهمة جرائم حرب. هذه الحرب ليست نهاية، بل مجرد "وقف إطلاق نار" مؤقت، فاصل قبل مرحلة جديدة. يبدو مستقبل الشرق الأوسط، بعيدًا عن السلام الحقيقي، محكومًا بمفاوضات وهمية وخيانات واضحة، لأن هذا الصراع ليس سوى حلقة لا تنتهي من الدمار.

تاريخ Jun 26, 2025