الحراك الإخباري - في فخ جنون عالمي ينسجه نتنياهو
إعلان
إعلان

في فخ جنون عالمي ينسجه نتنياهو

منذ 5 ساعات|رأي من الحراك


من باريس: سهيلة باتو

صحفية و سينمائية 

الصحوة صادمة. ظننا أننا مجرد متفرجين، فإذا بنا جميعًا رهائن. ليس فقط رهائن حماس، ولا أولئك المحاصرين تحت القنابل بلا مفر. بل الإنسانية برمتها وقعت في فخ عرض مريع، يفتقر لأي معنى، تُحركه قيادات بلغ جنون العظمة ونرجسيتهم المرضية حدًا يفوق كل تصور. في قلب هذا المشهد : بنيامين نتنياهو، متلاعبٌ ذو براعة إجرامية حربٍ، يتشبث بالسلطة رغم اتهامات الفساد، مخترعًا الشرور بلا كلل. هذا الرجل، الذي يراه البعض تجسيدًا لثاناتوس، إله الموت، يدفعنا عمدًا، وبإصرار نحو الفوضى. فكما يرى خبراء، إن القادة النرجسيين "يطيلون أمد الصراعات ليُعلنوا أنفسهم أبطالاً، أقوياء أكفاء"، حالمين بأن يكونوا من قهر التهديد الإيراني، ومنقذ إسرائيل أمام عداء تاريخي للشعب اليهودي.

أنانِيَّته تلك تبلغ ذُرى من البرود القاتل. فبينما تُحصد الأرواح بالآلاف، يجرؤ نتنياهو على التصريح : «كل منا يتحمل ثمنًا شخصيًا، وعائلتي لم تُعفَ... زوجتي العزيزة بطلة، وهي تدفع الثمن.» هذا الكلام، إنكارٌ فاضح لمعاناة لا توصف، أشعل غضب نائب ديمقراطي بالكنيست. وصف نتنياهو بأنه «نرجسي بلا حدود»، مضيفًا: «أعرف عائلات كثيرة لم تؤجل زفافًا، بل لن تحتفل بعد الآن بأي زفاف كان من المفترض أن يقام.» هذا الانفصال عن الواقع يظهر بوضوح صادم عندما يزور أماكن القصف «بكامل أناقته، بتصفيفة شعر لا تشوبها شائبة»، إنه إخراج إعلامي بارع، لإظهار سيطرته، غير مكترث بالأنقاض أو الأرواح المحطمة.

والأخطر من ذلك؟ يخشى هؤلاء الخبراء "جنونًا معديًا" أو "حالة نفسية مشتركة" قد تتفشى بين قادة العالم الذين يتعاملون معهم، مما يهدد بنشر هذا المرض المدمر في أعلى مستويات السلطة. لمواجهة هذا التهديد، يصرخون محذرين، مطالبين المجتمع الدولي بالتمسك بقيمه الديمقراطية، وكأنها الملاذ الأخير، لتجنب السقوط في دوامة تدمير ذاتي لا نهاية لها. (آن غيون، لا كروا، 20 يناير 2025)

وفي خضم هذا التوتر النفسي المتصاعد، ظهرت خطوة غير متوقعة، تكاد تكون ساخرة حتى الجنون: اقتراح باكستان بمنح جائزة نوبل للسلام لدونالد ترامب. هل هذا يعقل؟! فكرة تكريم رجل عُرف بتصريحاته الخطيرة بالسلام تبدو غريبة. لكن، أمام غرور بحجم كوكب الأرض، بلا حدود، ألن يكون التملق هو الدبلوماسية الوحيدة الناجعة، القادرة على شراء بعض السلام، ولو مؤقتًا؟ وماذا لو كان خلاص العالم، يا للسخرية المرة، يكمن في تقديم لعبة ذهبية لطفل عنيد، فقط لإبعاده عن علبة الكبريت التي تهدد بإشعال العالم كله؟! إذا نجحت هذه الحيلة اليائسة، فالتاريخ، بسخريته اللاذعة، سيسجل أن الدبلوماسية الحقيقية ربما لم تكن سوى فن المجاملة المتقن!

مسرحية تفتك بالعالم

في هذه الأثناء، تَسودُ خشبة العالم المسرحيةُ الإسرائيلية-الأمريكية، جارفةً ومُغيبةً كل حراك الشعوب – من هتافات العواصم إلى رحلة سفينة "مدلين" ومسيراتها الكبرى – ومعها معاناة جياع غزة الذين غابوا عن أجندة الاهتمام العالمي. الساعات الـ 72 القادمة تُراقب بـقلقٍ خانق يلتهم الأنفاس، وكل ثانية تُدنينا من مصير مجهول.

المأساة: أسرنا الكوني

نحن في قبضة قادة تائهين في غطرستهم واختلالهم، خطرهم لا يُحصى. العالم ينوء بقبحه المتجلي والخفي، الذي يتكشف كل يوم. كل كشف عن بشاعة وفجور يترك جروحًا بالروح، تُعيي النفوسَ شفاءً. كيف نصمد ونتجاوز جرعات الرعب هذه، السامة لأرواحنا كالقنبلة الذرية؟ نحن، للأسف، مجرد كومبارس لا إرادة لنا في مسرحية مخرجها المعتوه يهدد بها العالم. إنها ليست مجرد لعبة غامضة، بل أصبحت فزعًا خالصًا. الستار هنا لا يسقط نهاية للعرض، بل يتمزق بعنف، كاشفًا عن هاوية مُهيبة لا قرار لها، تاركة البشرية مذهولة، في حيرة من أمرها

ومن رحم هذا الذهول، تهمس حقيقة أزلية: دوام الحال من المحال.

تاريخ Jun 22, 2025