عقب إعلان فوزه مباشرة تهاطلت على بريد المرادية رسائل التهاني وعبارات المباركة بعد إعادة انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون لعهدة رئاسية ثانية. بعضها بروتوكولي معتاد، وبعضها استثنائي، ورسالة واحدة لا تزال غائبة أو صاحبها مفقود.
بالحارة حاول ماكرون تجاوز الأزمة وهو يبرق التهاني إلى تبون على أمل أن يكون بعد تلك الكلمات المنمقة أمل في الحوار ولا حديث عن لقاء قريب ابتلعته خلافات الصيف التي لن تنهي قريبا.
مع توافق على اللقاء فضل حاكم الإمارات أن يتواصل مع الباقي في قصر المرادية خمس سنوات أخرى هاتفيا وليس بمجرد رسالة للتهنئة. فهل تكون هذه الخطوة بداية جديدة للابتعاد عن الاستقطاب الثنائي في عدد من القضايا والتخلي نهائيا عن معاكسة مصالح الجزائر ومحاولة تقويض نفوذها هنا أو هناك؟
من موسكو، واشنطن، تونس، القاهرة لكن الرسالة الأبرز كانت من غزة تلك المدينة التي تكن للعم تبون عاطفة خاصة كيف لا وهو قد وجه بوصلة الدبلوماسية الجزائرية صوب الشرق ولا يزال وفيا للترنيمة الثورية "الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة".
رسائل التهنئة أيضا حملت معها هذه المرة دلالات خاصة لاسيما أن بعضها وصل أيضا من حكومة مالي المدنية في المنفى ومن الإطار الاستراتيجي الدائم لأزواد ومن آخرين يعرفون قيمة الجزائر ودورها كوسيط إيجابي في حل الأزمات وليس خصم يمكن من خلاله تجاوز الحقوق المشروعة للفرقاء السياسيين.
وفي هذا الزحام، غاب الملك محمد السادس الذي كان قد هنأ قبل 5 سنوات الرئيس تبون عند وصوله إلى سدة الحكم في الجزائر.
وكان السادس في ذلك الوقت في مرحلة جس النبض وهو يدعو الرئيس الجديد إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين سرعان ما تلاشت بعد أن استبدل المخزن الثقة بالغدر والحوار بالهروب إلى الأمام.
وضل العاهل المغربي المريض خلال فترة من الزمن يهنأ ويدعو، ويدعو ويهنأ، قبل أن يبدأ في مرحلة البحث عن الوسيط الذي يرضي المرادية بعد أن تجاوزت أفعاله العدائية ما يمكن السكوت عنه وخرج للعلن فأصبح قطع العلاقات الدبلوماسية بديلا للحرب.
وحتى إن وصلت برقية محمد السادس في الساعات أو الأيام المقبلة فإنها برقية متأخرة وفي عرف الدبلوماسية التي لا تعترف بالمقولة العالمية "أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا" فإن مأزق المخزن في علاقته مع الجزائر وعزلته الإقليمية والدولية ستبقى سمة الخمسة سنوات المقبلة على الأقل.
لطفي فراج