الحراك الإخباري - هل ستبقى مادة الفلسفة " أم العلوم" .. و ما الجدوى من تدريسها بين " زوبعة في فنجان" و أزمة فكر و تحليل ...
إعلان
إعلانات الصفقات العمومية - ANEP
إعلان

هل ستبقى مادة الفلسفة " أم العلوم" .. و ما الجدوى من تدريسها بين " زوبعة في فنجان" و أزمة فكر و تحليل ...

منذ 11 ساعة|الأخبار


لاتزال " الزوبعة" التي أحدثها النائب بالمجلس الشعبي الوطني، رشيد شرشار ، من حركة البناء الوطني، مباشرة بعد انتهاء اختبارات امتحان شهادة البكالوريا في جوان الفارط، تلقي بظلالها على النقاشات و الندوات الفكرية، التي تطرح مدى أهمية تدريس مادة الفلسفة، على الأقل في الشعب العلمية، و دورها، في صقل معارف و مكتسبات التلميذ الممتاز في الرياضيات و الفيزياء و حتى العلوم.

و ان كان هذا الجدل، يعود إلى الواجهة ، كل مرة، يتعثر فيها مترشحو البكالوريا، من الشعب الأدبية خاصة، إلا أن تبني نائب في البرلمان، لهذا الموقف، يطرح، أزمة فكر تعكس في الحقيقة، مستوى النقاش داخل قبة البرلمان، لكن ايضا، يعيد صياغة انشغال هذا الناخب، من عدم جدوى تدريس الفلسفة، إلى دورها الفعال في بناء شخصية الفرد و المجتمع، لان الفلسفة كانت و لازالت و ستظل " أم العلوم"، مثلما وصفها ارسطو، باعتبارها، حسبه، المصدر الأساسي الذي تفرعت منه العلوم الأخرى.

***الفلسفة قادرة على دعم رؤية المدرسة الجزائرية الجديد..

و في هذا الإطار، اكد المهتم بالشأن التربوي يوسف رمضاني، بان الاهتمام الذي توليه وزارة التربية، لمادة الفلسفة، يعكس إيمانها العميق بأهمية التفكير والتأمل، في بناء الإنسان الجزائري الجديد، الإنسان القادر على مواجهة تحديات العصر بعقل منفتح وروح وطنية راسخة، في ظل مدرسة تسعى إلى التوازن بين الأصالة والتجديد، وبين المعرفة المتخصصة والفكر الإنساني الشامل.

و قال في هذا الاطار، بان مادة الفلسفة، من أهم المكوّنات الفكرية والتربوية في المنظومة التعليمية الجزائرية، لما تؤديه من دور محوري، في تنمية القدرات العقلية للتلميذ وصقل تفكيره النقدي والتحليلي. 

فهي، يضيف، مادة تهدف قبل كل شيء إلى تكوين الإنسان المفكّر ، القادر على الفهم والتساؤل والمقارنة والاستنتاج، وتعمل على توجيه المتعلم نحو التفكير المنطقي والموضوعي بعيداً عن التلقين، بما يتماشى مع الأهداف الكبرى للمدرسة الجزائرية الحديثة.

ففي الشعب الأدبية، وعلى رأسها شعبة الآداب والفلسفة، تكتسي هذه المادة طابعاً أساسياً وجوهرياً، في التكوين المعرفي والمنهجي للمتعلمين، إذ تمكنهم من امتلاك أدوات التحليل العميق للنصوص الفكرية والأدبية، واستيعاب المفاهيم المجردة، وتُنمّي لديهم القدرة على الجدل العلمي والنقاش البنّاء.

وهو ما يسهم، حسبه، في تكوين جيل متوازن فكريا، متشبع بقيم الحوار والتفكير المنطقي والانفتاح على الآخر. فهي تُعلّم المتعلم كيف يفكر لا بماذا يفكر، وكيف يبني رأيه على أسس عقلانية رصينة.

أما في الشعب العلمية والتقنية، فرغم أن مادة الفلسفة فيها تصنف كمادة ثانوية، إلا أنّ أثرها، يبقى بيداغوجيا بالغ الأهمية، إذ تعمل على دمج الفكر العلمي، بالبعد الإنساني والأخلاقي، وتعمق لدى التلميذ ، الوعي بالمسؤولية الاجتماعية للعلم والمعرفة.

 ان الفلسفة هنا، يقول رمضاني، تؤدي دورا تكامليا، يجعل التلميذ قادرا على النظر إلى إنجازاته العلمية، من زاوية إنسانية شاملة، تنمي فيه روح النقد والتحليل والتمييز بين الرأي والحقيقة.

وفي هذا الإطار، تعمل وزارة التربية الوطنية ،على تعزيز مكانة الفلسفة، وتثمين جهود أساتذتها ضمن مسار إصلاح المنظومة التربوية، إذ تعتبرها مادة قادرة على دعم رؤية المدرسة الجزائرية الجديدة ، في بناء شخصية متكاملة للتلميذ تجمع بين المعرفة والسلوك والفكر النقدي. 

كما أن الوزارة تعكف، في إطار مقاربة تشاركية، مع الفاعلين التربويين، على دراسة إمكانية تحيين المناهج وتنظيم الحجم الساعي لمختلف المواد، بما يتناسب مع طبيعة كل شعبة، من خلال ورشات عمل تجمع المفتشين والخبراء، مع مراعاة التوازن بين الجوانب التنظيمية والتربوية والتوظيفية داخل المؤسسات التعليمية.

ومن المهم، في هذا الاطار، يقول محدثنا، التأكيد على أن أي تفكير في مراجعة موقع الفلسفة، في البرامج الدراسية، لن يمس بمكانتها المعنوية والتربوية، لأن وزارة التربية الوطنية، تؤمن بأن كل مادة تعليمية تمثل لبنة أساسية في بناء شخصية المتعلم، وأن

 الفلسفة، على وجه الخصوص، تسهم في إرساء التفكير النقدي الواعي، وفي ترسيخ قيم التسامح والحوار والانفتاح.

وهي القيم ، يؤكد يوسف رمضاني، التي تسعى المدرسة الجزائرية إلى تجذيرها في الناشئة، بما يخدم مشروع الدولة في تكوين جيل مبدع ومسؤول فكريا وأخلاقيا.

*** الفلسفة داعم اساسي لبناء الفرد ومساعدته على الفهم العميق للذات و المحيط...

من جهته، قال المكلف بالإعلام في نقابة " كناباست"، بوسماحة صلاح الدين، بان مادة الفلسفة بحيويتها ، هي اساس الفكر النقدي والتحليلي والاستنباطي، وداعم اساسي لبناء الفرد ، ومساعدته على الفهم العميق للذات و المحيط.

 ومن خلال ذلك، تشكيل منظومة قيم شخصية اخلاقية قوية، وعليه، فإن أهمية تدريس الفلسفة تكمن فى تنمية قدرات المتعلم، على التحليل والتقييم والاستنباط، وتحويله من متلق سلبي للمعرفة إلى مشارك نشط ومسؤول في بناء المجتمع.

و اعتبر محدثنا، هذه المادة، من أبرز المواد المثيرة للجدل في الفترة الاخيرة، مادة الفلسفة، حيث يُلاحظ بروز فجوات واضحة في التقييم، سواء على مستوى التجانس في التنقيط، أو على صعيد مصداقية العلامة كمرآة عاكسة لكفاءة المتعلم.

فمادة الفلسفة في نظامنا التعليمي، حسبه، ليست مجرد اختبار في الحفظ أو الإبداع الكتابي، بل هي تدريب منهجي على التفكير النقدي والتحليل المنطقي والاستدلال الفلسفي.

 و هي تقوم في جوهرها ، على التأويل وتعدد المقاربات، و بالتالي، فهي تتطلب آليات تقييم و مقاييس جودة واضحة و ناجعة، فعلم التقييم الحديث يضيف، يشير الى أن العلامة الكاملة، في مواد التفكير المفتوح تكاد تكون حالة استثنائية، خاصة في مواد مثل الفلسفة التي تحتمل تنوعًا في الطرح وصحة في المسارات المتعددة. 

وعليه، فإن ارتفاع نسب العلامات النهائية، في هذه المادة دون تبرير علمي واضح، قد يفرغ عملية التقييم من محتواها، ويضعف ، مثلا، من هيبة الامتحانات الوطنية.

و وجب في ذات السياق، بدل المطالبة بالغائها من المقرر الدراسي، حسب محدثنا، فتح ورشة وطنية حول هذه المادة، تشارك فيها الكفاءات التربوية والبيداغوجية ، " فلا يمكن الحديث عن مدرسة الجودة دون مراجعة جريئة لأنماط التقييم..".


سيد علي مدني

تاريخ Oct 16, 2025