“لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا وقالوا هذا إفك مبين”
سورة النور – الآية 12
تبعا لما أُثير من لغط وتفسيرات مغلوطة حول مشاركتي في اجتماع أممي انعقد يوم 24 سبتمبر 2025 بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، حول موضوع “الإستخدام التعسفي لبرمجيات التجسس”، الذي نُظم من قبل برلمان البحر الأبيض المتوسط بالتعاون مع المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي بصفتي نائبًا في البرلمان الجزائري، ممثلًا للجالية الوطنية بالخارج، ومقررًا للذكاء الاصطناعي في برلمان البحر الأبيض المتوسط.
لقد تابعتُ باهتمام ما أُثير من نقاشات وقراءات متباينة، ورأيت أنه من واجبي تقديم توضيحات ضرورية بشأن الملابسات التي أحاطت بوضعيةٍ تم عرضها للرأي العام بشكل ملتبس.
جاءت مشاركتي استجابةً لدعوة رسمية وُجّهت لي وللمجلس الشعبي الوطني بتاريخ 28 أوت 2025، لتقديم مداخلة رئيسية بعنوان: “برمجيات التجسس: الأبعاد التشريعية والحكومية والقضائية، التطور التاريخي والآفاق التقنية.”
لكن، وبكل أسف، وبشكل مفاجئ وخارج عن السياق الرسمي، تمّ في ختام الجلسة تسجيل مشهد بدا وكأنه مُعدّ سلفًا، لا يمتّ بأي صلة لموضوع اللقاء، ولا لطبيعته المؤسسية،. افتعله نائب مصري ، لأجل تسجيل موقف دعائي وإعلامي لصالح حكومته.
وفي هذا السياق، يهمّني ذكر النقاط التالية:
1. إن الإجتماع الذي شاركتُ فيه لم يتضمن أي تمثيل رسمي للكيان المحتل. أما الشخص الذي أُثير الجدل حول مشاركته، فقد حضر بصفته الشخصية كممثل عن طائفة الدروز ، ولم يكن هناك أي ممثل رسمي للكيان في أي لقاء شاركت فيه.
2. مواقفي من القضية الفلسطينية راسخة وغير قابلة للتأويل أو التشكيك، وقد عبّرت عنها مرارًا، داخل الوطن وخارجه، في المحافل الدولية، وفي المسيرات التي أشارك فيها كلما أُتيحت الفرصة، داخل البرلمان وخارجه. ولا أحتاج إلى تبرير موقفي المناهض للإحتلال، ولا إلى إثبات التزامي بدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، فهذا من صلب قناعاتي ومبادئي ومساري السياسي.
3. إنّ مشاركة الجزائر في الهيئات والمنتديات الدولية التي تضم في تركيبتها ممثلين عن الكيان لم يُسجَّل أو يُفسَّر بأي حال من الأحوال، تطبيعًا أو تراجعًا عن موقفها المبدئي، بل على العكس، وُظِّفت هذه المنصات للدفاع عن القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
4. للتذكير، فإن الجزائر عضو مؤسس في برلمان البحر الأبيض المتوسط منذ سنة 2005، وقد شغل عدد من نوابها مناصب قيادية فيه، بما في ذلك عضوية المكتب التنفيذي، الذي يكرّس، بدوره، تمثيلًا رسميًا لدولة فلسطين، رغم وجود ممثل عن الكيان المحتل. ولم يُفسَّر ذلك يومًا على أنه تطبيع، بل اعتُبر دائمًا منبرًا يُمكّن الجزائر من إيصال صوتها داخل المحافل الدولية ومراكز صناعة القرار.
5. إنني وعلى غرار كل نائب أو مسؤول جزائري يشارك في فعاليات إقليمية أو دولية، صوت لدعم المقاومة التي تضمنها كل الشرائع والقوانين الدولية ومعارضة السياسة الإجرامية التي ينتهجها هذا الكيان ضد الشعب الفلسطيني.
وفي هذا الإطار، أُوضّح أنني قد رُشِّحت بتاريخ 23 جانفي 2023 من الجزائر لمنصب نائب رئيس برلمان البحر الأبيض المتوسط، ولم يتسنّ لي المشاركة في الجمعية العامة الانتخابية آنذاك، ثم تمّت تزكيتي لاحقًا لهذا المنصب في فيفري 2025. وبعد مراجعة الموقف مع المسؤولين، قدّمت استقالتي من هذا المنصب، وقررت الاكتفاء بمهمتي كمقرر للذكاء الاصطناعي.
وختامًا، بعيدًا عن كل المتربصين والمرجفين، أُعبّر عن تفهّمي الكامل لكل مخلص غيور رأى في هذا المشهد ما يستوجب التوضيح، وأُقدّر غيرتكم الصادقة على القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. كما أُجدّد التزامي الكامل بالموقف الوطني الثابت للجزائر الرافض لأي شكل من أشكال التطبيع، وبالمبادئ السياسية التي أناضل من أجلها منذ أكثر من أربعة عقود، نصرةً للحق والكرامة والحرية.
عبد الوهاب يعقوبي
نائب بالمجلس الشعبي الوطني
مقرر الذكاء الاصطناعي – برلمان البحر الأبيض المتوسط