تحصلت الحراك الاخباري، على نسخة من مشروع القانون المحدد للقواعد العامة المتعلقة بخدمات الثقة للمعاملات الإلكترونية وبالتعريف الإلكتروني، حيث يقترح استحداث تنظيم جديد، يعتمد على سلطة وطنية واحدة للتصديق الإلكتروني، ستكون مسؤولة عن المجالين الحكومي والاقتصادي.
وسيتيح لها ذلك، التمتع بطابع ملائم من أجل ضمان مجانية الخدمات في المجال الحكومي وممارسة نشاط تجاري في المجال الاقتصادي. وهذا العنوان، ستتمتع السلطة الوطنية للتصديق الإلكتروني بطابع قانوني ملائم يسمح لها، من جهة ممارسة اختصاصات السلطة العامة لاسيما مثل اصدار التراخيص ومراقبة مؤدبي الخدمات وسلطة فرض العقوبات، ومن جهة أخرى ممارسة نشاط تجاري من خلال توفير خدمات الثقة لفائدة الجهات التابعة للمجال
ويجدر الذكر بان السلطة ستكلف، كمرحلة أولى، بتقديم خدمات ضمن المجال الاقتصادي وذلك لكونه مجالا حساسا ومعقدا، يتعلق بالسيادة والامن الوطنيين من أجل السماح تدريجيا يفتح السوق أمام الفاعلين الخواص وضمان منافسة فعلية.
وبالإضافة إلى تزويد السلطة الوطنية للتصديق الإلكتروني بمرونة أكبر في أداء مهامها وفي إدارة مواردها واستغلالها الأمثل، بالنظر إلى التطور السريع للتكنولوجيات وتعقيد أنشطتها وطبيعتها الخاصة، فإن الطابع المقترح سيسمح بالاحتفاظ وتعزيز المورد البشري المتخصص في مجال يتعلق بالسيادة الوطنية من خلال ضمان المزايا والحوافز اللازمة.
ومن جهة أخرى، وفي إطار ديناميكية التحول الرقمي، ومن أجل تمكين البلاد من مواكبة التطورات التكنولوجية في هذا المجال، يكرّس المشروع، من ظهور خدمات الثقة والتعريف الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية، وبالتالي تعزيز التطوير والاستعمال الأمن للخدمات الرقمية.
وفي هذا السياق، وبناء على تعليمة الوزير الأول الواردة في ارساله رقم 145 بتاريخ 13 افريل سنة 2022 والموجهة إلى قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، تم وضع تحت إشراف وزارة الدفاع الوطني، فريق عمل متعدد القطاعات مكون من ممثلي المؤسسات المعنية ، بغرض دراسة ومراجعة القانون رقم 15-04 عند الاقتضاء.
وخلصت أشغال فوج العمل، إلى الكشف عن عدة عوائق ، أعاقت استعمال التصديق الإلكتروني في بصفة عامة، وعلى مستوى مؤسسات الدولة بصفة خاصة.
وتتمثل هذه العوائق أساسا، في تعدد السلطات والحاقهم بمؤسسات مختلفة، مما خلق صعوبات في ترشيد الموارد، وعدم وضوح بشكل محدد مجالات اختصاص كل من السلطة الحكومية للتصديق الإلكتروني والسلطة، وصعوبة إدماج مؤسسات الدولة في مخطط التصديق الإلكتروني، وذلك لأسباب راجعة أساسا إلى ثقل الإجراءات والرسوم المطبقة.
وفي الواقع، حسب المشروع، تحملت السلطة الحكومية للتصديق الإلكتروني، نفقات معتبرة من أجل وضع المخطط الوطني لمعاملات الثقة ، وذلك من أجل اقتناء التجهيزات وانجاز التدقيقات الدولية للثقة عبر الواب، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار المطبقة ، على خدمات التصديق الالكتروني المقترحة على الإدارات والمؤسسات العمومية التابعة للفرع الحكومي.
واسفرت هذه الأسعار المطبقة، من طرف السلطة الحكومية للتصديق الإلكتروني، عن إعاقة ديناميكية تبني خدمات التصديق الالكتروني من قبل الإدارات والمؤسسات العمومية.
وبالتالي، فقد استنتج أنه من الضروري استبدال مخطط التصديق الإلكتروني، الذي نص عليه القانون رقم 15-04، ساري المفعول، بإطار تنظيمي جديد للتغلب على هذه العوائق، من خلال اختيار طريقة تدريجية مضبوطة محكمة وآمنة، تتيح الحفاظ على المكتسبات المحققة من حيث الكفاءة والبنية التحتية، وتوحيد الموارد وترشيد النفقات.
ويترجم هذا الإطار التنظيمي الجديد، إلى مخطط يستند تنفيذه إلى مؤدى خدمات التصديق الالكتروني للفرع الحكومي، والطرف الثالث الموثوق بالنسبة للفرع الحكومي، وصاحب شهادة التصديق الالكتروني، المستعمل النهائي، لشهادة التصديق الالكتروني في الفرعين الحكومي والاقتصادي.
وتجدر الإشارة ، الى ان المهام والالتزامات الموكلة إلى مقدم خدمات التصديق الالكتروني ، هي ذاتها المحددة في القانون رقم 04-15، والتي تم إعادة تكييفها لتتلاءم مع المخطط التنظيمي الجديد المنصوص عليه في مشروع هذا القانون.
ويهدف المشروع، ايضا، إلى تحديد إطار قانوني للوثائق الإلكترونية، من خلال ضمان أمانها القانوني والاعتراف بها على نفس مستوى الوثائق الورقية، حيث يتم التركيز في هذا السياق، على ضرورة حفظ هذه الوثائق بطريقة تحافظ على سلامتها وموثوقيتها على مر الوقت باستخدام تقنيات وإجراءات مناسبة.
كما يتم التأكيد على اثبات صحة الوثائق الإلكترونية كأدلة قانونية، بشرط احترام الشروط التي تضمن أصالتها وسلامتها.
علاوة على ذلك، يتضمن هذا المشروع أحكاما تتعلق بالعقود الإلكترونية، مع الاعتراف بإثبات صحتها وتحديد شروط تكوينها، سواء كانت مبرمة بين أشخاص أو بين أنظمة مؤتمنة، بالإضافة إلى أحكام تتعلق بالإسناد واستلام الوثائق الإلكترونية التي توضح مسؤوليات الأطراف وكيفيات الإثبات
من جهة أخرى، يدرج مشروع هذا القانون، مبدأ التعريف الإلكتروني، الذي يمكن بإثبات هوية الشخص أو الهيئة بشكل موثوق ، من أجل تمكينه من الوصول إلى مجموعة واسعة من الخدمات عبر الإنترنت والتفاعل معها بشكل أمن، وهو ما يشكل الأساس لاستخدام خدمات الثقة.
وفي سياق آخر، أحدث مشروع هذا القانون بابا مخصص للمراقبة والعقوبات ،حيث تطرق لكيفيات إجراء التدقيق والمراقبة على الاطراف الثالثة الموثوقة ومؤديي خدمات الثقة.
ينص مشروع هذا القانون كذلك على التزامات تقع على عاتق موفر خدمات الثقة، في مجال حماية البيانات، التي يجمعها هذا الأخير ، والتي يجب أن تستضاف على الإقليم الوطني ويمكن نقلها خارجه في إطار نشاطه، طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما، وتهدف إلزامية استضافة البيانات على التراب الوطني إلى ضمان حماية المعلومات الحساسة والاستراتيجية، وتعزيز السيادة الرقمية.
كذلك، ينص مشروع هذا القانون، ضمانا لانتقالية سلسة في تنفيذ المخطط الجديد ولضمان استمرارية نشاط التصديق الالكتروني، على أحكام انتقالية تبقي على سريان الشهادات الإلكترونية الصادرة عن الهيئات التي توفر خدمات الثقة، قبل دخول هذا القانون حيز النفاذ، وذلك حتى تاريخ انتهاء صلاحيتها، في حدود الأجال المحددة من قبل السلطة.
سيد علي مدني

