الحراك الإخباري - و على هذه الارض ما يستحق الابتسامة
إعلان
إعلانات الصفقات العمومية - ANEP
إعلان

و على هذه الارض ما يستحق الابتسامة

منذ 6 أشهر|الأخبار


من باريس: سهيلة باتو 

صحفية و سينمائية 


ما يمكن قوله في مثل هذه اللحظات، هو أن الصور أبلغ من كل الخطب وأن هناك ابتسامات، هادئة، واثقة، عصية، تقول أكثر من آلاف الصرخات. ريمة حسن لم تتحدّ فقط الأوامر العسكرية الإسرائيلية. لقد أدارت الكاميرات في وجه الأقوياء، في وجه المستوطنين، في وجه صنّاع الرأي المزيف. قدّمت صورة لعصيان متقن، لكرامة متجسدة. وتلك الابتسامة، كانت سلاحًا ناعمًا… لكنه قاطع.

لم تكن وحدها. كان من حولها، نشطاء قدموا من إيرلندا، من تونس، من إسبانيا، من فرنسا، من الجزائر ومن اليونان، مدّوا أذرعهم للأصفاد بنفس الهدوء. نواب، أطباء، صحفيون، ومواطنون عاديون، شكّلوا معًا جبهة إنسانية، أخوّة يقِظة. قالوا للعالم، بصوت واحد: غزة لن تبقى وحدها.

عندما تستحضر ريمة اسم العربي بن مهيدي، فإنها تستدعي ذاكرة جزائرية للمقاومة، ذاكرةً تُواجه القمع دون أن تغضّ الطرف، حتى في الإهانة، حتى أمام الموت. لم تكن ابتسامتها ساذجة، ولا مبتذلة. كانت ابتسامة استراتيجية، سياسية، شبه مقدسة.

قالت قبل اعتقالها: «حين يأتون لاعتقالنا، سأنظر إليهم كما كان العربي بن مهيدي ينظر إلى مستعمري بلاده: بهدوء، وواثقة من تحرير فلسطين». قالتها. وفعلتها. في ذلك اليوم، نظرت في عيون من أرادوا إذلالها. وابتسمت.

إسرائيل، في هذا المشهد المعكوس، أصبحت ممثلًا في مسرح لم يعد يملك سرديته. الجنود، الأصفاد، السفن التي تم اقتحامها… كل ذلك تحوّل إلى ديكور لمسرحية تتجسد فيها الحقيقة على يد مقاومة، حقيقة عارية، مصوّرة، منقولة، مشهودة، ومُتداولة.

وفيما إسرائيل، الوفية لسمعتها كـ«أكثر جيوش العالم أخلاقًا»، تمدّ للمعتقلين ساندويتشات مغلّفة وقوارير ماء بعطف يكاد يكون مؤثرًا، تحاول لملمة صورة باتت باهتة، كجلّاد يمسح نصل سكينه بعد تنفيذ الجريمة كي يبدو مقبولًا. لكن الأوان قد فات: العالم رأى. العالم عرف. في ذلك اليوم، على تلك السفينة، في تلك الابتسامة الواثقة، لم تخسر إسرائيل معركة إعلامية فحسب. بل خسرت جزءًا آخر من شرعية وهمية تصرّ على صيانتها.

فماذا نقول؟

ربما هذا:

ثمة ابتسامات تساوي انتفاضات.

وابتسامة ريمة حسن، في ذلك اليوم، في وجه المسرحية الإنسانية، في وجه التاريخ، كانت ابتسامة انتصار.

تاريخ Jun 9, 2025