ما حصل اليوم في اختبار مادة الفلسفة للتلاميذ الادبيين، يتحمل مسؤوليته في الحقيقة أساتذتهم بحجرات التدريس داخل الثانوية، وأيضا، أساتذة الدروس الخصوصية...وبين البينين....التلاميذ أنفسهم وأوليائهم.
مترشحون دخلوا اختبارا في مادة " ثقيلة" تلقوا فيها أكثر من ثلاثين درسا منذ بداية العام، و هم يرددون مقترحات أسئلة تلقوها داخل " قاراجات" الدروس الخصوصية، بعد أن نفذت جعبتهم من الدروس الحضورية داخل القسم، كيف لا، و قد هجروا اقسامهم بعد نهاية الفصل الثاني مباشرة ...باتجاه محلات " بيع الأوهام...".
بكاء و اغماءات أمام مراكز إمتحان إجراء امتحان شهادة البكالوريا اليوم...مترشحون ساخطون على وزارة التربية لأنها " لم تعتمد اي موضوع من مقترحات أساتذة الدروس الخصوصية، التي كانت مطروحة بشدة و مرشحة باجماع عدد كبير من اساتذة الدروس الخصوصية.
ما حدث في اختبار الفلسفة، في الحقيقة هو نتيجة طبيعية لمسار "خاطئ " ساهمت فيه كل الأطراف،
فوزير التربية محمد صغير سعداوي، تجنب خلال ندوته الصحفية بعد إعطائه إشارة انطلاق بكالوريا 2025، الرد عن سؤال بخصوص موقف مصالحه من ظاهرة هجرة أقسام النهائي التي تفاقمت خلال السنوات الماضية، و قبله، الوزير بلعابد، توعد بسن قرار يعاقب هؤلاء التلاميذ " المتمردين" ، لارغامهم على إنهاء دروس الفصل الثالث حضوريا داخل الأقسام مع اساتذتهم، لكنه ذهب و ذهبت معه وعوده دون أن يكبح هذه الظاهرة.
و يجمع أساتذة المادة في هذا الاطار، على أن ما وقع في اختبار الفلسفة ، خير دليل على أن الاعتماد الكلي على المقترحات، ضرب من التهور،" لان الامتحان لا يقاس بما يشاع في محلات الدروس الخصوصية و حتى مواقع التواصل الاجتماعي، بل بما حضرته عقولهم طوال السنة...كما أن المقترحات اجتهادات، لا ضمانات، ومن يجعلها منهاجه الوحيد، فليتحمل صدمة الخيبة...".
و الظاهر ان محدثينا، يحمّلون التلاميذ أنفسهم مسؤولية " الصدمة" التي أصيبوا بها اليوم، لكن هناك من زملائهم من يرى العكس، حيث هاجموا أساتذة الدروس الخصوصية، و طالبوا بوضع حد ل" مهزلة "، هذه الدروس، التي باتت "تنخر قطاع" التربي، و اعادة الاعتبار لدور المدرسة، وروح القسم، ورسالة الأستاذ، لبلوغ تربية العقل، وبناء الشخصية، وصناعة تلميذ قادر على التفكير والإبداع، حسبهم.
اما الاولياء، فقد تاهوا بين الفئتين، حيث تخلى البعض منهم عن مسؤوليته، بعد أن زجوا بابنائهم إلى مستودعات الدروس الخصوصية، في مراحل مدرسية متقدمة، قبل ان تتحول هذه الدروس إلى عادة، لازمت التلاميذ إلى غاية نهاية المرحلة الثانوية، فيما تحولت هذه المستودعات إلى ملجأ فئة أخرى من الاولياء، لدعم أبنائهم، و إهمال دور المدرسة و الدروس الحضورية، في التحصيل العلمي.
و بين هذا و ذاك، يوجد أستاذ باع ضميره المهني و حتى الانساني، كيف لا، و هو يطلب من تلميذه عدم الحضور إلى القسم طيلة الفصل الثالث، بعد أن باعه وهم النجاح في البكالوريا بالدروس الخصوصية.
و في النهاية، فإن وزارة التربية لم تضرب بيد من حديد لتحديد و ضبط المسؤوليات، و لم يبقى لها من مخرج من هذه " الازمة"، إلا العودة، إلى نظام البطاقة التركيبية، لالزام التلميذ على عدم مغادرة المدرسة، و البقاء في قسمه إلى غاية نهاية كل الدروس المبرمجة، حيث يتم احتساب معدله السنوي و ايضا مدى التزامه داخل القسم، في المعدل العام للبكالوريا...
سيد علي مدني