يبدو أن معركة "تينزاواتين" التي وقعت شمال مالي نهاية جويلية الماضي لا تزال تلقي بضلالها على هذا البلد الإفريقي الذي يعاني مأزق سياسي وأزمة أمنية خطيرة حيث تشير كل المعلومات القادمة من العاصمة "باماكو" أن الطلاق البائن بين مرتزقة "فاغنر" وعسكر "غويتا" أصبح قريبا جدا.
في الخبر الذي تناقلته عدة وسائل إعلام محلية أفاد الصحفي والناشط المالي المقيم في فرنسا "حمدي جورا" أن العلاقة بين المرتزقة وسلطات مالي المركزية تمر حاليا بمرحلة توتر حاد ولاسيما بعد الخسائر الفادحة التي تكبدتها فاغنر خلال موقعة تينزاوتين وما تلاها.
وبحسب المصادر السرية التي استند إليها الصحفي فإن التوتر الحالي ليس ظرفيا أو سطحيا بل يعود لخلافات عميقة بين الحليفين اتسعت هوتها عقب الهزيمة الأخيرة التي لم تبتلعها بعد مجموعة فاغنر وزمرة غويتا.
وأوضح جورا أن مجموعة فاغنر أعربت عن استيائها بعد أن قامت باماكو بخداعها بخصوص طبيعة وأهداف "الإطار الاستراتيجي الدائم" (المجموعات الأزوادية) الذي قدمه غويتا في البداية بأنه تنظيمات إرهابية متنقلة تعمل بدون أهداف واضحة وليس حركة مطلبية محملة بإرث تاريخي يعود إلى السنوات الأولى لاستقلال مالي.
وأخفى مغرور باماكو عن حلفائه من القارة الأخرى تاريخ المنطقة وطبيعتها الجغرافية والبشرية وارتباطاتها الاجتماعية والثقافية والدينية ولاسيما دورها البطولي في مواجهة الاحتلال الفرنسي والذي قد يكون سببا وجيها للمقاومة الشرسة وغير المتوقعة التي أظهرها الأزواديين في الرمال المتحركة لتيزاواتين.
وبحسب الناشط جورا "أثار هذا الخلاف تساؤلات حول الفهم المتبادل للقضايا الإقليمية وخاصة أن مجموعة فاغنر أصبحت تتهم السلطات المالية علنا بتشويه حقيقة الصراع وبتعمد هذا التشويه وهو ما يعرض فعالية تدخلها للخطر."
هل سيتم استبدال فاغنر بالفيلق الإفريقي؟
وفي وسط هذا الجدال الحاد حول مستقبل مجموعة فاغنر في مالي تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية معلومات بخصوص وصول طائرة إلى باماكو ليلة الأحد.
وذكر الناشطون أن هذه الطائرة التي توقفت بالسودان قبل أن تصل إلى مالي وصلت لنقل مقاتلي فاغنر من أجل الالتحاق بالجبهات الروسية وتدعيم القتال في منطقة كورسك.
وقد دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مجموعة فاغنر للانضمام إلى ساحات القتال في كورسك، وذلك بعد ستة أيام من القتال العنيف ضد الجيش الأوكراني، مما أسفر عن مقتل وجرح وأسر المئات من الجنود الروس.
فهل انتهى زمن فاغنر في مالي وسيبدأ قريبا عصر الفيلق الإفريقي؟ سؤال تجيب عنه الساعات والأيام المقبلة.
عبد القادر جيلالي