في الثامن من مايو/أيار من كل عام، تتذكر أغلب شعوب العالم انتصار الحلفاء على النازية الألمانية، في الحرب العالمية الثانية. وتحيي الدول العظمى ذكرى إنزال نورماندي، وتحرير فرنسا، باستسلام الرايخ الثالث، بعد انتحار زعيمه أدولف هتلر.
ولكن الجزائريين لهم تاريخ مختلف في هذا اليوم. ذاكرتهم تسترجع صور "مجازر" سطيف، وقالمة وخراطة. المدن الجزائرية، التي شهدت حملة قمع وتقتيل واسعة، شنتها قوات الاحتلال الفرنسي، على المدنيين. وراح ضحيتها عشرات الآلاف، من النساء والرجال والأطفال.
فبينما كانت فرنسا تحتفل بالنصر والتحرير في باريس، كانت قواتها، في الجانب الأخر من البحر المتوسط، تقتل الجزائريين في بلادهم. متظاهرون سلميون خرجوا إلى الشوارع يحتفلون، هم أيضا، بالنصر على النازية، ويطالبون بالحرية، التي وعدتهم بها فرنسا وحلفاؤها.
تذكر كتب التاريخ أن ثورة التحرير الجزائرية اندلعت في أول نوفمبر/تشرين الثاني 1954. لكن كثيرا من المؤرخين يعتقدون أن بذورها زرعت يوم 8 مايو/أيار 1945. إنها "المجازر" التي أشعلت فتيل ثورة الجزائريين الأخيرة على الاحتلال الفرنسي.
هذا ما عبّر عنه المؤرخ الجزائري، محمد حربي، في مقال نشره في 2005 بصحيفة لوموند دبلوماتيك، يقول فيه إن: "حرب الجزائر بدأت في سطيف يوم 8 مايو 1945". ويرى حربي أن هذه "المجازر" قطعت كل أمل في الحوار والتفاهم مع فرنسا.