تعد شجرة الخروب من الأشجار التي تنمو بكثرة في المناطق الداخلية وولايات الوسط على غرار البويرة وتيزي وزو وبجاية، والتي تنتج ثمارا تشبه "القرون"، تسمى ثمار الخروب.هذه الشجرة الجبلية المعمّرة، تعتبر مصدر رزق لكثير من أطفال القرى والمداشر والمناطق الريفية، خصوصا وأن موعد جني ثمارها يكون في شهر أوت بالتزامن مع العطلة المدرسية، مميا يتيح للأطفال فرصة قطفها، وجمعها من أجل بيعها لبعض التجار، وكسب النقود.
هذه السنة تزامن موسم جني "الخروب" مع اقتراب عيد الأضحى، وهي فرصة لأطفال قرية حزامة الواقعة بأعالي بلدية الأخضرية، في البويرة، لكسب بعض المال، فتجد بعض الأطفال، لا سيما المعوزين منهم، يتجولون وسط الأحراش، من شجرة إلى أخرى حاملين على ظهورهم، أكياسهم التي يجمعون فيها الثمار.
وقد اكتسبوا مع مرور الوقت مهارات في جنيها، يقومون بهز الشجرة أو ضربها بالحجارة أو حتى بأغصان الحطب وما إن تسقط الثمار على الأرض، ومن ثم يلتف جموع الأطفال حولها من كل جانب يجمعونها، وكل واحد منهم يسابق الثاني، لجمع أكبر كمية ممكنة، ليتجهوا بعد ذلك إلى المحلات أو حتى إلى منازل بعض العائلات التي تقوم بشرائها عليهم، وتسويقها لأصحاب المصانع، حيث تستعمل كمادة أولية لعديد الصناعات.
(منال. ف) تلميذة في طور الإبتدائي، إلتقيناها على حافة الطريق، وهي تحاول جرّ كيسها الثقيل، من أجل إيصاله إلى التاجر، تقول "أنا أجمع المال من أجل العيد، أنتظر يوميا حلول المساء تكحيث تنخفض درجة الحرارة لأخرج مع إخوتي من أجل جمع الخروب ..أجمع يوميا من 10 إلى 15 كيلو غراما، خصوصا إذا كانت الشجرة غزيرة الثمار، لا نجد صعوبة في جمع الثمار بل ذلك سهل علبنل، ولكن الأصعب علينا هو حملها وجرها لمسافات طويلة لكي نصل إلى مكان بيعها.
والمثير في الأمر أن سعر الكيلو غرام الواحد 25 دينار جزائري،تقول منال "علينا أن نجمع كميات كبيرة حتى نحصل على مبلغ لابأس به.
وقد استطاعت منال توفير 750 دينار كمصروف ليوم العيد.
أما (نسيم. ب) هو الآخر تلميذ في المتوسط، وجدناه وسط الأحراش، يجمع الحجارة، ويرمي بها على الأشجار لإسقاط ثمار الخروب، يقول وهو على عجلة من أمره "أفعل هذا كي أجمع مصروفي الخاص، ليوم العيد، لقد قمت ببيع ما جمعته منذ قليل، لكنني لم أحصل على المبلغ الذي أريده لذلك أريد جمع المزيد، علي الذهاب بسرعة، لا أريد أن يسبقني رفاقي إلى جمع الثمار التي أوقعتها".
كذلك التجار بدورهم يعتبرون هذه الشجرة مصدر رزق لهم حيث أنهم يقمون بشراء الخروب من الأطفال، ويبعونها بسعر أغلى إلى أصحاب المصانع والشركات، والتي تقوم بدورها بإعادة بيعها أو إستغلالها كمادة أولية، خاصة وأن ثمار الخروب لها فوائد جمة، وإستخدامات عديدة، حيث يمكن استخدامها كبديل عن الكاكاو، فتستعمل في صنع الحلوى، والكثير من أنواع العصائر، إلا أن أكثر إستخداماتها هي في المجال الطبي فبذور الخروب تفصل وتنقى لتباع بأسعار باهضة الثمن إلى مصانع وشركات الأدوية، لاستعمالها في صناعة العديد من الأدوية.
(يوسف. ف) أحد تجار الخروب يقول "في الحقيقة أنا ليس لدي عمل، أو ظيفة محددة، وأعتبر تجارة الزيتون في فصل الشتاء والخروب في فصل الصيف مصدر رزق لي، ومع حلول فصل الصيف أعلق لافتة كبيرة أمام مدخل بيتي وأكتب عليها (هنا شراء الخروب)، وما إن أقوم بتعليقها حتى يبدأ الأطفال في التوافد على منزلي، محملين بأكياس من الخروب، اشتري مايقارب قنطارين إلى ثلاث قناطير في اليوم الواحد، وقبل تحديد سعر شراء الكيلو غرام الواحد، أتفق مسبقا مع أصحاب المصانع أو الشركات التي سوف أبيع لها السلعة، حتى لا تكون هناك خلافات فيما بعد أو أتعرض للخسارة، وقد إتفقت معها هذا الوسم على أنني سأشتري الخروب بسعر 25 دينار للكيلوغرام الواحد وأبيعه لها بسعر 50 دينار للكيلو غرام الواحد، وهكذا أحصل أنا على ضعف المبلغ الذي إستثمرته، وعلى الرغم من أجل موسم الجني قصير حيث يمتد فقط من بداية شهر أوت إلى نهايته إلا أنني أنتظره بفارغ الصبر، لأنها تجارة مربحة، خصوصا إذا كان كان موسم الجني وفيرا" .
هدى بلقاسم