حذرت وزارة الصحة من أن أي إخلال بمبادئ الاحترام أو الكرامة أو السرية، ا تجاه المتوفى داخل المؤسسات الاستشفائية، سيعرض مرتكبه لعقوبات تأديبية صارمة، تصل إلى المتابعة القضائية.
وشددت على ضرورة صون حرمة الجثة في كل المراحل، وعدم السماح إلا للعائلة المباشرة أو الأشخاص المخولين بالاطلاع عليها، معتبرة أن أي سلوك غير لائق أو مساس بالكرامة "خطأ مهني جسيم"، حيث يخضع التواصل، بشأن الوفاة، لتأطير صارم، ولا يسمح بتقديم المعلومات، إلا للأشخاص أو السلطات المخولة قانونا.
وجاءت هذه التحذيرات، في مراسلة موجهة الى كل مسؤولين الصحة، عبر الوطن، بعد اسابيع قليلة، من نشر ممرضة لمقطع فيديو مباشر، على حسابها في تطبيق تيك توك، حيث ظهرت و هي تقوم بتصوير عملية تحضير جثمان شخص متوفى، داخل مؤسسة استشفائية.
كما انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منذ يومين، فيديو مباشر لسيدة، في احد مستشفيات ولايات الغرب، وهي تصرخ وتظهر والدها المتوفي ، الذي لم تنتزع منه الاجهزة الطبية، حيث كانت ظاهرة في الفيديو، الذي اتهمت صاحبته، الطاقم الطبي بالأهمال و ترك والدها المتوفى، دون تكفل أو حتى نقله إلى مصلحة حفض الجثث.
وتهدف التعليمة الجديدة التي تحمل رقم 09، مؤرخة في 15 أكتوبر 2025، وتخص "إجراءات التكفل بحالة الوفاة داخل المؤسسات الصحية العمومية والخاصة"، إلى توحيد الممارسات المعتمدة في التعامل مع حالات الوفاة داخل الهياكل الاستشفائية، " وضمان احترام كرامة المتوفى والتكفل الإنساني بعائلته، وذلك في إطار احترام المبادئ الأخلاقية والمهنية المعمول بها في قطاع الصحة..".
وأوضحت الوزارة، من خلال المراسلة، بان الوفاة داخل مؤسسة صحية، " تعتبر حدثا ذا طابع خاص يتطلب تسييرا دقيقا ومنظما وفق قواعد أخلاقية صارمة..بما يضمن صون كرامة المتوفى ومواساة ذويه، مع التنسيق المحكم بين المصالح الإدارية والطبية لتسهيل الإجراءات..".
وأكدت في ذات السياق، أن الهدف الأساسي، يتمثل في توحيد إجراءات إثبات الوفاة ، وتسيير الجثة ومرافقة العائلات وتحديد المسؤوليات الإدارية والطبية، "ضمانا لاحترام كرامة المتوفى "، والامتثال للإجراءات التنظيمية والأخلاقية داخل جميع المؤسسات الصحية العمومية والخاصة.
***احترام خصوصية باقي المرضى في حال وقوع الوفاة داخل غرفة مشتركة ..
وشددت التعليمة، على أن التكفل بالجثة، يجب أن يتم في جميع الظروف، بما يحفظ الكرامة والسرية والجانب الإنساني، و أن أي تدخل بعد الوفاة، يجب أن يراعي القيم الأخلاقية والثقافية والدينية، مع التأكيد على استمرار مبدأ السرية الطبية حتى بعد الوفاة.
كما ألزمت الاطقم الطبية، باحترام خصوصية باقي المرضى، في حال وقوع الوفاة ، داخل غرفة مشتركة، من خلال اتخاذ تدابير تحفظ الهدوء والخصوصية.
وأوضحت فيما يخص الإجراءات العملية، أن إثبات الوفاة، يتم حصريا، من طرف طبيب مؤهل، على أن يسجل توقيت الوفاة، في الملف الطبي، بعد التحقق من هوية المتوفى، سيما، الاسم، واللقب، وتاريخ الميلاد، ورقم الملف، والمصلحة.
ويتم فصل الجسد، عن الأجهزة الطبية غير الضرورية وتغطيته، مع وضع حاجز فاصل في الغرف المشتركة، حيث يمنع القيام بأي إجراءات، سوى إغلاق العينين والفم بلطف، قبل تحرير شهادة الوفاة، بعد مرور ساعتين من المعاينة الأولى.
وشددت التعليمة على ضرورة إخطار الإدارة ، مباشرة بعد إثبات الوفاة، للشروع في الإجراءات الإدارية الخاصة بالتصريح وتسيير الملف، مع إلزامية وضع علامة تعريفية موثوقة تحمل هوية المتوفى.
وفي حالة الوفاة قبل التكفل الطبي، أكدت التعليمة أن الطبيب المناوب ، في مصلحة الاستعجالات، هو من يثبتها فورا، " وأن الحالة تعتبر مشبوهة إلى أن يثبت العكس"، حيث يتم إخطار السلطات القضائية، مع اتخاذ جميع التدابير الكفيلة بصون كرامة المتوفى، ومنع أي عملية نقل للجثة دون المعاينة الطبية، فيما يتحمل الطبيب المناوب ومدير المناوبة مسؤولية تنفيذ هذه الإجراءات.
***سجل خاص بنقل الجثث يتضمن جميع المعلومات المتعلقة بالمتوفى والمصلحة الأصلية..
وبخصوص نقل الجثة إلى المشرحة، أوضحت التعليمة أن العملية تتم بعد إعداد شهادة الوفاة وتحضير الجثة، وتحت إشراف الإطار شبه الطبي للمصلحة أو المناوب، بعد مرور ساعتين من الوفاة، باستعمال عربة مخصصة وبطريقة تحفظ السرية والاحترام.
وفرضت وزارة الصحة، مسك سجل خاص بنقل الجثث يتضمن جميع المعلومات المتعلقة بالمتوفى والمصلحة الأصلية وساعة الوفاة والنقل وهوية الأعوان المكلفين.
وعند الوصول إلى المشرحة، يتم وضع الجثة في غرفة تبريد مطابقة للمعايير الصحية، مع جرد الأغراض الشخصية وتوسيمها وتسليمها للعائلة مقابل وصل استلام.
*** مرافقة العائلات وضمان الدعم النفسي...
وأكدت وزارة الصحة، أن الطبيب الذي يثبت الوفاة، هو من يتولى إبلاغ العائلة، وتقديم الجثة بطريقة "إنسانية ومحترمة"، مع إمكانية تقديم دعم نفسي أو اجتماعي عند الحاجة، وتخصيص فضاء للترحم متى توفرت الإمكانيات، مع تسهيل الإجراءات الإدارية لمواساة ذوي المتوفى.
كما أن الإطار شبه الطبي أو المنسق بالمصلحة، يتولى الإشراف على جميع العمليات بعد الوفاة، بما في ذلك النقل، فيما يتكفل مسؤول المشرحة بمتابعة السجلات وضمان احترام الإجراءات التنظيمية.
وحملت الوزارة، إدارة المؤسسة، مسؤولية تكوين الموظفين حول" التسيير الأخلاقي "، لحالات الوفاة وضمان مطابقة تجهيزات المشرحة للمعايير التنظيمية، مع السهر على إجراء التشريحات الطبية للحالات الضرورية في أقرب الآجال.
سيد علي مدني