في الوقت الذي اجمع فيه عقلاء التجارة في العالم ان ضابط المصلحة المتبادلة في العقود بين الشركاء هو رابح رابح، نجد في الجزائر ان المنطق المعمول به هو خاسر رابح. إن شركة فايسبوك في الجزائر تحقق ارباحا فلكية (الرابح) يوميا من خلال قاعدة البيانات DATA عن السوق و استغلالها في الترويج (بوستينغ boosting) للمنتجات الاقتصادية دون دفع دينار واحد للخزينة العمومية (الخاسر).
لقد تشكلت في الاونة الأخيرة شركات متخصصة في الترويج للمنتجات ذات الاستهلاك الواسع من خلال منصة فايسبوك (الغير معتمدة في الجزائر) و تشكل بسبب هذا عدد هائل من النشاطات الاقتصادية و التجارية يقودها عدد هائل من الشباب البطّال و غير البطّال مما حرك اموالاً لا تخضع البتة للقانون التجاري بل هي خارج كل الاطر القانونية. و تدر هذه النشاطات ارباحا بالملايير لا تستفيد منها خزينة الدولة شيئا -الخاسر الأكبر- في هذه العملية بينما الرابح الأكبر هو فايسبوك من خلال هذه التحويلات بالعملة الصعبة التي تدخل إلى حسابه يوميا.
لقد تشكل في خريطة البضائع المتراكمة في الأسواق انواع من السلع الجديدة و الواسعة الانتشار و التي لم تكن معروفة في السابق، بفعل الترويج الكبير الذي يدفع الناس دفعا للشراء و التسوق عبر الإنترنت. مع ملاحظة أن هذه البضائع الموجودة في الأسواق وبوسم اجنبي لا يعلم احد كيف دخلت إلى السوق الجزائرية.
ماذا تخسر الجزائر؟
نزيف يومي للعملة الصعبة عن طريق التحويلات الغير قانونية لأرصدة فايسبوك في الخارج، وتكدس بضائع مجهولة المصدر في المخازن الجزائية، ونشاطات تجارية (بيع شراء) غير خاضعة نهائيا للقانون التجاري الجزائري، وتشكل طبقة عاملة غير مصرحة و لا تخضع البتة لقانون العمل، وغير معروفة العدد. خسائر فادحة بالنسبة لعائدات الضرائب بسبب عدم التصريح.
ماذا تربح فايسبوك في الجزائر؟
تحويلات مالية بالعملة الصعبة يوميا غير خاضعة لقواعد الصرف المعمول بها في الجزائر، صفر استثمار من شركة فايسبوك في الجزائر فهي لا تملك ترخيصا و لا مقرا و لا موظفين و لا شيء، المتاجرة في قاعدة بيانات القطاع الاقتصادي دون عائد مالي للدولة الجزائرية بخلاف المعمول به في معظم دول العالم.
ان هذا الأسلوب في العمل (خاسر رابح) ولد في السوق تجارا يديرون اموالاً كبيرة انضافت كارقام إلى ما هو موجود في السوق الموازية التي تتجاوز 90 مليار دولار، حسب تقديرات رسمية مما دفع مصالح الضرائب إلى التفكير في فرض ضريبة على هؤلاء المتعاملين الاقتصاديين الغير مصرحين و الغير خاضعين للقانون و مداهمة المحلات و المواقع التي تروج لهذه البضاعة و أصحابها في انتظار دمج هذه المنظومة المتوازية (فايسبوك، التجار غير المصرحين) في النشاط التجاري القانوني حتى نصل الى رابح رابح بدل خاسر رابح.
قلنا و في انتظار ذلك، رحنا نشاهد هجمات و حملات في مواقع التواصل الاجتماعي ضد قرارات الدولة في ضبط السوق اولا و ادخال هذه المنظومة المتمردة تحت قبضة الدولة ثانيا، و هذا من صميم مهام الدولة.
احمد العلوي