عندما صدرت رواية" الاستسلام" لميشال ويلبك عام 2015 كانت أكبر حدث أدبي تعرفه فرنسا ،و حتى بعد صدور ترجمتها العربية عام 2018 من طرف الناقد شكري نصير، لم تتوقف الرواية عن إثارة الجدل نظرا لما جاء فيها من نبؤات اعتبرها البعض تحليل سياسي أكثر منه خيال روائي .
تجري أحداث رواية ويلبك في العام 2022 ،حيث يصل رئيس مسلم إلى سدة الحكم ليصبح الرئيس الخامس والعشرين للجمهورية الفرنسية. و يعمل محمد بن عباس حسب أحداث الرواية على أسلمت الجمهورية الفرنسية وفرض الحجاب على النساء، والسماح بتعدد الزوجات.
ميشال ويلبك المعروف بعدائه لمسلمي فرنسا ،قدم عمله في سياق مناخ تميز بصعود نبرة العداء و العنصرية ضد المسلمين،و المهاجرين بعد تفجيرات باريس.
عادت الرواية إلى الواجهة زمن الحجر الصحي حيث تداولها القراء على مواقع التواصل، كما قدمتها أيضا منشورات الجمل التي أصدرت الترجمة العربية لقرائها في الحجر الصحي.
عادت الرواية و معها أفكار و احتمالات ميشال وليبك في تغير النموذج الفرنسي في الحكم، خاصة مع ظهور تحليلات اجتماعية ،و اقتصادية تتوقع موجة من الانفجاريات الاجتماعية في فرنسا ،و التي تأتي في إطار تداعيات وباء كورونا، و ما خلفه من أزمة اقتصادية نلوح في الأفق وقد تعصف بالسلم الاجتماعي الفرنسي. و يتوقع الخبراء أن ترتفع حدة التطرف السياسي و الديني و العداء ضد المهاجرين. و لا يستبعد هؤلاء أن يقدم الناخبون بالدفع باليمين المتطرف إلى سدة الحكم بدعوة حماية الأمة الفرنسية.
رواية ويلبك على العكس من ذلك توقعت وصول مسلم إلى سدة حكم فرنسا ،بعد انتخابات ديمقراطية و تحالفات سياسية حتى لا تصل زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان إلى الرئاسة. انطلق صاحب الرواية من الواقع السياسي الفرنسي الذي فقد فيه وسط اليسار ووسط اليمين، مصداقيّتهما لصالح "الجبهة الوطنية" (الحزب اليميني المتطرف الذي ترأسه مارين لوبين). والتي ستدخل حسب أحداث الرواية في منافسة مع حزب "الأخوّة الإسلامية" ممثلا في محمد بن عباس، الإسلامي ذو الأصول المغاربية و كان يدير محل بقالة في الضاحية الباريسية و الذي عرف كيف يوسع دائرة مناصريه لتشمل الفرنسيين غير المسلمين.
يصور ويلبك فرنسا و قد وقعت في حرب أهلية لن تخرج منها إلا بعد الانتخابات، حيث ينجح الرئيس المسلم في فرض الهدوء و بداية عهد جديد من الإصلاحات تنخفض على أثرها معدلات البطالة، وتتراجع الجريمة، و يدعم الزراعة و الحرف. و ينجح في الإبقاء على الحرية الدينية.
وتمعن الرواية في وصف انجازات الرئيس المسلم في فرنسا حيث تخنفي البطالة باستبعاد النساء من العمل و يختفي المعتاشون على صناديق الدعم من الدولة و تشع السعادة في فرنسا .
أثارت الرواية حين صدورها نقاشات كبيرة في فرنسا ،خاصة و أنها تسجل تغير موقف ويلبك ب180 درجة من شخص معادي للمسلمين في الواقع إلى روائي يصف فيها الرئيس المسلم بالمعتدل و الناجح.
نعيمة.م