لقد كانت فعلا مقابلة العار، تلك المباراة التي جمعت أمس المنتخب الفرنسي بنظيره الصهيوني في ملعب فرنسا بقلب العاصمة الفرنسية باريس.
فمن البداية ومع محاولة السلطات الفرنسية إفراغ المقابلة من ثقلها السياسي في أعقاب أحداث أمستردام في الأسبوع الماضي فشل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من إلحاق العار بالكرامة الفرنسية.
وبالرغم من منع الراية الفلسطينية والكوفية العربية في الملعب أعطى الفرنسيون المتعاطفون مع غزة درسا للرئيس الضئيل حين لم يحجو إلى الملعب جماعات أو فرادى وقام القليل منهم بالتصفير على النشيد الصهيوني ما جعل القنوات الفرنسية تضطر إلى حجب الأصوات.
وبخلاف ذلك سار الألاف وربما عشرات الآلاف في شوارع باريس وبينهم سياسيون فرنسيون لشجب الإجراءات التي اتخذتها السلطات الفرنسية من أجل هذه المباراة ولاسيما أن إيمانويل ماكرون كان قد أجرى اتصالين هاتفيين قبل صفارة الحكم لطمأنة المجرمين والتأكيد لهم بأن ما حدث في أمستردام لن يتكرر في سان دوني.
ووجدت جوقة الداعمين للصهاينه وبينهم الفاسد ساركوزي نفسها وحيدة بالملعب لتتولى فيما بعد القنوات التلفزيونية رسم تلك الصورة الجميلة لعلاقة المناصرين الصهاينة بالبوليس الفرنسي وجعل المنتمين للفريق الآخر وهو في هذه الحالة منتخب الديوك الفرنسية في حالة التسلل.
ومع ذلك نشب شجار بين المشجعين الفرنسيين والصهاينة الذين خيل لهم للحظات بأنهم في مستوطنات الضفة الغربية أو في غلاف غزة فاستفزوا الفرنجة وحاولوا المساس بكرامتهم.
وتولت الشرطة الفرنسية المهمة الجديدة لها فقامت بتوقيف شخصين حسبما ذكره قائد شرطة باريس لوران نونيز اليوم الجمعة.
وبدأ فعلا الشجار الذي وصفه نفس قائد الشرطة على قناة فرانس 2 بأنه قتال داخل الملعب وتم تطويقه سريعا.
ونالت الشرطة الفرنسية نتيجة لذلك ولمنعها العلم الفلسطيني الوحيد الذي ظهر خلال المقابلة التصفيق الحار من قبل المجرمين وهم يغادرون الملعب.
والعار بالجملة كان إجراء هذه المقابلة في هذه الظروف من قبل البلد المضيف، وتسخير الشرطة الوطنية لخدمة الجماهير القادمة من بعيد وتلك التي تقطن في شوارع باريس وتذكرت فجأة بأنها يهودية ومنع كل الرموز الفلسطينية والشعارات المؤيدة لغزة وللقضية العربية الأولى وقمع الصحفيين والنواب.
العار الأكبر الذي لا يتحمله ماكرون حين ينظر إلى نفسه عاريا أمام المرآة، أنه أستباح الكرة في صراعه مع بوتين على هامش الحرب الأوكرانية وتنكر لرجلي درك فرنسي رمتهما أرضا الشرطة الصهيونية داخل مبنى سيادي بالقدس المحتلة.
وبين الحادثين لم يقم بأي شيء لصالح غزة، لا اعتراف كما فعل الرباعي الأوروبي، ولا حظر كما فعلت دول أخرى، لا بل أمعن في التنافس القذر مع الألمان في رياضة من يكون صهيونيا أكثر من الآخر.
لطفي فراج