الحراك الإخباري - الزاوية العثمانية....مركز الثورة وقلعة الجهاد ضد فرنسا
إعلان
إعلان

الزاوية العثمانية....مركز الثورة وقلعة الجهاد ضد فرنسا

منذ 3 سنوات|روبرتاج

تعتبر زاوية سيدي علي بن عمر ( الزاوية العثمانية) في مدينة طولقة ببسكرة هي منارها ورايتها ، وبها عرفت واشتهرت في كافة أنحاء القطر الجزائري وخارجه.

 والزاوية منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا الذي نحياه، محجة ومقصد للمريدين والمحبين والزوار من رجال العلم والثقافة والبحث، ومنذ مطلع تأسيسها بنفحات شيخها وطهارته على النية الصادقة والإخلاص في العمل ، انتشر إسمها وعمّ ، وعرفت ببركاته وصلاحه وتقواه ، وبالغايات السامية التي يعمل لها من نشر العلم وتحفيظ القرآن الكريم ومساعدة الفقراء واليتامى وأبناء السبيل وإيواء المساكين والمحتاجين وإلى جانب رسالتها في المحافظة على الإسلام والصدّ عن دين الله بكل ما أوتيت من قوة بما في ذلك مدافعة الأجنبي والجهاد في سبيل الله بالقوة والعمل، كما يشهد لها تاريخها الصادق.

تأسست الزاوية عام 1780م/1193ه وبذلك تكتسي طولقة في المواسم الدينية لزيارة مقام الشيخ سيدي علي بن عمر، ولا سيما في الربيع والخريف وفي الأعياد الإسلامية ، حلة قشيبة من الفرح والسعادة ، ويؤمها الناس من كل حدب وصوب من أرجاء القطر الجزائري والأماكن الأخرى، وتحتفل المدينة بعلمائها وشيوخها ورجالها ونسائها وأطفالها احتفالا ينتظرونه من السنة إلى السنة، ويعيشون أياما سعيدة من بركة الشيخ والوفود القادمة للزيارة، وتقام الأذكار وتتعالى الأدعية والدعوات ، وتنال المدينة حظاً وافراً من الخيرات .

ولئن خفّت هذه المظاهر اليوم مقارنة بما كانت عليه الزاوية في عهد شيخها الجليل سيدي علي بن عمر، فإن الزاوية ما تزال مشرقة بنور الشيخ وصلاحه وتقواه ، ويفد عليها الزائرون ، ويلقون الترحاب والسعة ، ويقضون ساعات من الخشوع والعبادة

 نبذة عن حياة الزاوية وشيخها

إن أهم الزوايا في الجزائر تلك التي بنيت على قواعــد سليمة راسخة في العلم و الإيمان رسوخ الجبال، ومنها زاوية علي بن عمر الشيخ الزاهد العابد، بها مسجد للعبادة، و مدرسة لتعليم القرآن و العلوم الشرعية، و التي تخرج منها كبار الشيوخ و العلماء، ممن قدموا الكثير للجزائر علما وجهادا، و هي من المعاقل العامة التي جابهت المستعمر الفرنسي و محاولات التنصير.

أما مؤسسها فهو الشيخ علي بن عمر المشهود له بالزهد و الصلاح و التقوى و النسب الشريف ، وهب حياته للعلم و الإرشاد و الدعوة إلى الله، و لد في طولقة بالتقريب سنة 1166 هـ و توفي يوم الخميس 03 ربيع الأول سنة 1258 هـ و دفن بالزاوية .

عندما بلغ الشيخ علي بن عمر حوالي 26 سنة من عمره طلب منه شيخه محمد بن عزوز تأسيس زاوية فكانت الزاوية العثمانية بالنسبة إلى جده عثمان سنة 1191هـ الموافق لـ 1780م ، و منذ ذلك الوقت و هي تحمل أمانة واجب الدعوة إلى الله و الحفاظ على كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم ، بعيدة كل البعد عن كل مظاهر البدع و الخرافة ، إضافة إلى دورها الاجتماعي و التاريخي.

وقد تعاقب على شؤون الزاوية الشيوخ مصطفى بن عزوز، علي بن عثمان أكبر أبناء الشيخ علي بن عمر، عمر بن علي بن عثمان، الحاج بن علي بن عثمان، عبد الرحمان بن الحاج بن علي بن عثمان، ثم عبد القادر بن الحاج بن علي بن عثمان، شيخ الزاوية الحالي أطال الله عمره.

ولد الشيخ عبد القادر سنة 1929م و تلقى دراسته بالزاوية و أتم حفظ القرآن الكريم بها اشتغل خطيبا بمسجد الزاوية بين سنتي 1949 و 1957 و بعد اعتقال أخيه عبد الرحمان و التنكيل به من طرف الاستعمار الفرنسي و التحاق إخوته بجيش التحرير الوطني، هاجر إلى المغرب الأقصى و عمل بها كمسؤول في جبهة التحرير الوطني، كما تولى الإدارة و التدريس في المدرسة الحسينية، و عين سنة 1961 محررا باللغة العربية في وزارة التربية بالرباط، و بعد الاستقلال عرضت عليه بالمغرب وظائف أخرى لكنه رفضها و فضل الرجوع إلى الوطن، حيث استقر بالعاصمة و عمل بديوان التربية و مدرس بثانوية الإدريسي بالعاصمة ، كما عمل بالمعهد الوطني للتربية و البحث في تأليف الكتب المدرسية لمادتي اللغة العربية و التربية الإسلامية إلى غاية 1974 .

دور الزاوية التعليمي و التاريخي

تكفلت الزاوية بتعليم و تحفيظ القرآن الكريم، وترسيخ العقيدة الإسلامية الصحيحة، وتدريس العلوم الشرعية، وتولّي الفتوى الشرعية.

وكانت سنة 1807م من أغنى الزوايا، تملك غابات الزيتون في بلاد القبائل وغابات النخيل في وادي ريغ و دكاكين و حمامات في كل مناطق الوطن، فقامت فرنسا بتأميمها و سلمتها للمستدمرين .

شارك شيخ الزاوية عمر بن علي، وهو حفيد مؤسسها، في انتفاضة عين التوتة سنة1916م، و في ثورة التحرير المباركة، كما سجن شيخها عبد الرحمن والتحق اثنان من أبنائه بصفوف جيش التحرير ، كما حكم بالإعدام على الشيخ عبد القادر، مما اضطره إلى الهجرة إلى المغرب في ماي 1957م، مثلما أسلفنا.

كما كانت الزاوية مركزا للجيش، و مكث بها القائد سي الحواس مع مجموعة من المجاهدين، حوالي ثلاثة أيام سنة 1955م ، وكانت حلقة وصل بين الشعب و قيادة الثورة بالولاية السادسة.

وتعتبر مكتبة العائلة العثمانية بالزاوية من أغنى المكتبات في شتى العلوم ، و يعتبر الشيخ الحاج بن علي بن عثمان من أهم الشيوخ الذين أثروا المكتبة بجلب الكثير من الكتب من مختلف المناطق و كذا استصحابه للنساخ لينسخوا له الكتب التي لا تتوفر في المكتبات ، و هي إلى اليوم قبلة للباحثين و الكتاب و الجامعيين لإنجاز البحوث و رسائل التخرج ، بها أكثر من 5500 كتاب و أكثر من 1509 مخطوط يعود أقدمها إلى 355هـ .

لذلك جاء في قصيدة للشيخ عبد الحميد بن باديس، رحمه الله، في مدحه للزاوية و أهلها، وهو مقتطف نشر في جريدة النجاح عام 1926 بعد زيارة قام بها للمنطقة :

عرجـــوا نحي منازل الأمجـــاد *** و نـؤدي حـق زيارة للأسياد

و نحــط أرجــلنا بـــدار كــرامة *** مبــذولة الروضات للـــوراد

فــهي المــلاذ لكــل جان خائــف *** وهي الشفا من وصمة الأنكاد .

ق/و

تاريخ Nov 17, 2020