الحراك الإخباري - إبن معطي الزواوي القبائلي...صاحب أول ألفيّة في النحو العربي!
إعلان
إعلان

إبن معطي الزواوي القبائلي...صاحب أول ألفيّة في النحو العربي!

منذ 3 سنوات|الأخبار


تستوقفنا رحلتنا التاريخية الشيقة مع علماء الجزائر عبر العصور، مع شخصية علمية جزائرية مرموقة، تجسد التركيب الحضاري المتكامل، إنه ابن معطي الزواوي.

 واسمه الكامل هو يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي، زين الدين، يكنى بأبي الحسين، وبأبي زكريا، أما شهرته في المشرق والمغرب فهي ابن المعطي، وينطق أنه لقب بزين الدين.

 ولد الإمام ابن معطي في منطقة زواوة بظاهرة بجاية سنة 564ه، يعد يحيى ابن معطي الزواوي أول من ألف في النحو عن طريق النظم الشعري، بكتابه الدرر الألفية، كما له الكثير من المصنفات في شتى الصنوف العلمية.

 وصفه الإمام الذهبي بما يلي "العلامة شيخ النحو زين الدين أبو الحسين يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي النحوي الفقيه الحنفي، مولده سنة أربع وستين وخمس مئة، وسمع من القاسم بن عساكر، وصنف الألفية والفصول، وله النظم والنثر وتخرج به أئمة بمصر وبدمشق".

 رحلته العلميّة

نشأ ابن معطي في زخم علمي كبير عهدته منطقة المغرب الإسلامي خاصة منطقته بنواحي مدينة بجاية الناصرية التي عهدت أوج ازدهارها العلمي والثقافي، فقد كانت تعج بالعلماء والقضاة والفقهاء، فنال من معين هذا العلم الجم، ثم انتقل ابن معطي إلى المشرق الإسلامي لزيادة نصيبه العلمي، فتوجه إلى دمشق، حيث كانت الدولة الأيوبية مهتمة بالعلم والأدب، فاستقبله السلطان عيسى بن محمد الأيوبي سنة 624ه، وأكرم وفادته، وعهد قدره وولاه النظر في مصالح المساجد بدمشق، فتبسط الشيخ لتدريس اللغة والأدب والنحو، وبعد وفاة الملك عيسى الأيوبي خلفه ابنه السلطان الكامل، وبانتقاله لمصر أخذ معه ابن معطي وانتدبه للتدريس في مسجد عمرو بن العاص بمصر إلى أن وافته المنية رحمه الله.

شيوخه

أخذ ابن معطي العلوم الشرعية من تفسير وعلوم الحديث الشريف والفقه ولغة على يد علماء أجلاء اشتهروا بسعة العلم والتبحر في جميع ميادين اختصاصهم، منهم :الإمام عيسى بن عبد العزيز بن يالبخت بن عيسى أبو موسى الجزولي توفي سنة 616ه أو617ه، الإمام بهاء أبو محمد القاسم المعروف بابن عساكر توفي سنة 600ه، تاج الدين أبو اليمن الكندي النحوي توفي سنة 597ه، مملوك الكندي توفي سنة 656ه.

تلاميذه

تصدّر الإمام ابن معطي للإقراء بالجامع الكبير في دمشق، وكذا في الجامع العتيق وفي جامع عمرو بن العاص في القاهرة، كما جلس محاضرا ومقرئا في مجالس الأمراء والحكام، وقد استفاد من علمه وأدبه جمع غفير من الناس، وسنذكر بعضا من أشهر تلامذته الذين لازموه وأجازهم ومنهم: الإمام رضي الدين القسنطيني النحوي توفي سنة 695ه، إبراهيم بن محمد بن طرخان الحكيم عز الدين أبو إسحاق الأنصاري، الشهير بـ:السويدي الحكيم توفي سنة 695ه، ابن العطار توفي سنة 649ه، تاج الدين الصرخدي توفي سنة 674ه.

مؤلفاته وآثاره

أشهر تراثه العلمي كتاب "الألفية في النحو"، و هي منظومة جمعت علم النحو والصرف من بحرين، هما السريع والرجز، وقد سماها " بالدرة الألفية"، كما قام بتحقيقها وشرحها الدكتور علي موسى الشوملي.

 بدأ ابن معطي في تأليفها سنة 593 هـ وأتمها سنة 595 هـ، وقد نسج على منواله الإمام محمد بن عبد الله بن مالك المتوفى سنة 672ه، علامة النحو واللغة في تأليفه لمنظومته الألفية الشهيرة في فهم النحو" ألفية ابن مالك "، حتى قال المقري " تبع فيها ابن معطي ..وقالوا: ونظمه اجمع وأوعب، ونظم ابن معطي أسلس وأعذب".

"كتاب الفصول"، وهو كتاب حسن وتعليقات على أبواب الجزولية وأمثلة لمسائلها، وغير ذلك من مسائل متفرقة في أبواب العربية.

"شرح المقدمة الجزولية" لشيخه الجزولي في النحو، "البديع في فهم البديع"، وهو منظومة في البلاغة وصناعة الشعر، وقد اشتمل على واحد وخمسين محسنا بديعا، "شرح الجمل في النحو"، و"نظم كتاب الجمهرة لابن دريد"، "المثلث في النحو"، و"نَظْم شرح أبيات سيبويه"، و"حواشي: على أصول ابن السراج في النحو"، و"ديوان خطب"، و"ديوان شعر"، "العقود والقوانين في النحو"، و"قصيدة في العروض"، و"أرجوزة في القراءات السبع"، و"نظم كتاب الصحاح للجوهري"، وقد توفى قبل إتمامه الفصول الخمسين، وغيرها من المؤلفات والمصنفات.

وقد قال محمود الطناحي، إنّ مما انتهى إليه بعد تحقيقه الألفية، وهو يقارن بين ألفية ابن معطي وألفية ابن مالك، أن الأول كتب ألفيته " على نسق ونمط لم يسبق إليه.. وجاء ابن مالك مقلدا.. وفرق بين المقلّد والمقلّد"، مع ملاحظة أن ابن معطي كتب ألفيته وهو في مقتبل عمره، قليل التجربة والخبرة، بينما كتب ابن مالك ألفيته بعدما مارس التأليف، واستفاد من عمل ابن معطي..

وقد ذكر المحقق بعض المواضع التي "قلّد" فيها ابن مالك ابن معطي، وضرب لذلك أمثلة ، ولذلك ردّ على فضل ألفية ابن مالك، وحكم بتفوق ألفية ابن معطي فـ "هو صاحب الفكرة، وهو المبدع،.. فكفاه فخرا أنه أوجدها من العدم بعد أن لم تكن، أما ابن مالك فقد سار على منوالها، وأخذ الكثير من كلماتها وأبياتها وألفاظها.. والموازنة تكون بين مبدع ومبدع، ومبتكر ومبتكر لا بين مبدع ومقلد، وبين مقلد ومبتكر".

ولذا يقول المحقق "لا أجد نفسي مبالغا ومجاوزا للحقيقة إذا قلت إن ابن معطي كان أكثر إجادة من ابن مالك" ، وعلى العموم فابن معطي - كما يقول المحقق - هو ثالث ثلاثة وضعوا قواعد أنظمة النحو وأسسه، وهم ابن معطي، وابن الحاجب، وابن مالك.

وقد ذُكر أن لابن معطي أجوزة أخرى "تزيد عن عشرة آلاف بيت".

توفي إبن معطي بالقاهرة في مصر يوم الاثنين سنة 628ه، ودفن بالقرافة بطريق قبة الشافعي، فرحمه الله رحمة واسعة. ق/و

تاريخ Feb 26, 2021