الحراك الإخباري - عودة الجدل بشأن علاقة ترامب بإبستين المتهم بالاتجار جنسي بالقاصرات
إعلان
إعلانات الصفقات العمومية - ANEP
إعلان

عودة الجدل بشأن علاقة ترامب بإبستين المتهم بالاتجار جنسي بالقاصرات

منذ ساعة|الأخبار

من واشنطن: محمود بلحيمر


عاصفة جديدة في واشنطن عقب نشر معلومات امس الأربعاء تزعم أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قضى ساعات مع فتاة من ضحايا جيفري إبستين، رجل الأعمال الأميركي المتهم بتشغيل شبكة اتجار جنسي بالقاصرات، والذي توفي منتحرا في زنزانته بأحد سجون نيويورك عام 2019، في قضية لم تتكشف كل خباياها بعد وتواصل إثارة جدل حاد في أميركا وخارجها.

الديمقراطيون في لجنة الرقابة بمجلس النواب الأميركي، نشروا الأربعاء 12 نوفمبر رسائل بريد إلكتروني جديدة، إحداها تعود لشهر أبريل من عام 2011، يقول فيها إبستين لشريكته غيلين ماكسويل، إن ترامب "أمضى ساعات في منزله مع واحدة من الضحايا". وفي رسالة أخرى كتب إبستين لماكسويل: "ترامب يقول إنه يريدني أن أتخلى عن بطاقة عضويتي في منتجعه (مارالاغو في فلوريدا)"، مضيفا "لم أكن يوما عضوا في المنتجع" ومضى يقول في رسالته: "بالطبع، كان يعرف بشأن الفتيات، لأنه طلب من غيلاين ماكسويل أن تتوقفة." ولم تتضمن المراسلة طبيعة العمل الذي طلب ترامب من ماكسوريل الكف عنه. ويتجاوز عدد صفحات مستندات قضية إبستين المفرج عنها لحد الآن 20 ألف صفحة.

والمقصود بالفتيات هن عشرات القاصرات اللواتي كنّ ضحية تحرش واستغلال جنسي من إبستين وعدد من الشخصيات النافذة. أما غيلين ماكسويل فهي سيدة بريطانية والدُها هو رجل الأعمال والإعلامي والسياسي البريطاني، روبرت ماكسويل، وقد كانت حبيبة إبستين ومعاونته، وتقضي الآن عقوبة بالسجن 20 عاما بعد إدانتها لدورها في استدراج وتجنيد فتيات قاصرات من أجل إبستين بغرض استغلالهن جنسيا من عام 1994 إلى 2004.

والملياردير جيفري إبستين، الذي كان أستاذا للرياضيات قبل أن يتحول إلى مستثمر ثري في مجال المال والأعمال بنيويورك، نسج شبكة من الأصدقاء الأثرياء والمشاهير ورجال السياسة النافذين، يقال إن من بينهم رؤساء ومسؤولين حكوميين كبارا، وكان يعرض عليهن فتيات قاصرات للاستغلال الجنسي في إقامات بنيويورك وفلوريدا وفي جزيرته الخاصة "ليتل سانت جيمس" بالجزر العذراء الأميركية. حكم عليه في 2008 بالسجن 18 شهرا قضى منها 13 فقط، قبل توقيفه للمرة الثانية في 2019. ويُجهل العدد الحقيقي لضحايا إبستين، لعدم تبليغ الكثير منهن، لكن عدد الناجيات المسجلات يتجاوز الـ 150 ضحية.

البيت الأبيض يتهم الديمقراطيين بالسعي لتشويه صورة ترامب

وردّ ترامب على نشر الديمقراطيين لرسائل إبستين بقوله في منشور على منصته "تروث سوشل": "إن الديمقراطيون يحاولون إعادة إثارة خدعة جيفري إبستين لأنهم مستعدون لفعل أي شيء لصرف الانتباه عن سوء أدائهم في الإغلاق الحكومي، وغيره من المواضيع". واتهم الديمقراطيين بتكبيد البلاد 1.5 تريليون دولار جرّاء الإغلاق الحكومي.

نفس الرسالة نقلتها المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، التي قالت: "سرّب الديمقراطيون رسائل بريد إلكتروني بشكل انتقائي إلى وسائل الإعلام الليبرالية لخلق رواية زائفة لتشويه سمعة الرئيس ترامب"، مضيفة أن "هذه القصص ليست سوى محاولات خبيثة لصرف الانتباه عن إنجازات الرئيس ترامب التاريخية". وقالت ليفيت: "تبقى الحقيقة أن الرئيس ترامب طرد جيفري إبستين من منتجعه قبل عقود لتصرفاته المريبة مع موظفاته، ومنهن جيوفري"

وجيوفري هي فيرجينيا جيوفري، إحدى ضحايا إبستين ومن أبرز من اتهموه بالاستغلال الجنسي للقاصرات. وكشفت أن غيلين ماكسويل قدمتها للأمير أندرو في لندن، الذي أقام معها علاقة جنسية وهي لا تزال قاصرا حينها في حين بلغ هو سن الـ 41 عاما. وقد انتحرت فيرجينيا في أبريل من العام الماضي في استراليا، وخلّفت كتابا صدر مؤخرا بعنوان: "فتاة لا تخص أحدا" (Nobody's Girl) روت فيه قصصا صادمة عن شبكة جيفري إبستين للاستغلال الجنسي للقاصرات، والتي تورطت فيها شخصيات نافذة، وكان ضحيتها عشرات الفتيات القاصرات.

النواب الجمهوريون في لجنة الرقابة انتقدو اختيار الديمقراطيين لثلاث رسائل تشير إلى ترامب. كما حددوا هوية الضحية المجهولة المذكورة في رسائل البريد الإلكتروني، بأنها فرجينيا جيفري، وقالوا إنها نفت تورط ترامب في الاعتداء الجنسي على قاصرات بمنزل إبستين، وذكرت في كتابها أن ترامب كان ودودا للغاية.

الأميركيون مع نشر ملف إبستين وإدارة ترامب تريد "دفنه"

رسائل إبستين الجديدة دفعت القضية لتحتل صدارة الجدل في أميركا مجددا في وقت كانت إدارة ترامب تأمل في مواصلة تدوير خطابها بشأن الإغلاق الحكومي ومحاولة تحميل الديمقراطيين مسؤولية تداعياته والتركيز على خسارتهم للمعركة بعد أن اضطر سبعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين للموافقة على خطة الإنفاق المؤقتة لإنهاء الإغلاق الحكومي، التي رفضوا تزكيتها لأكثر من شهر، مطالبين بتمديد الدعم المخصص لتغطية الرعاية الصحية لملايين الأميركيين.

وترغب إدارة ترامب في دفن قضية جيفري إبستين، وهو ما فتج المجال للجدل والنظريات التي تكيل التهم جزافا، في حين لا يزال الشارع الأميركي يولي اهتماما كبيرا للقضية ويضغط من أجل نشر كل الوثائق المتعلقة بها. فعبارة "أفرجوا عن وثائق أبستين" (Release the epstein files) تتردد باستمرار على لسان النشطاء والأشخاص العاديين على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأظهر استطلاع رأي مشترك أجرته ثلاث مؤسسات وهي (PBS News/NPR/Marist)، ونشر في مطلع أكتوبر الماضي، أن 77 % من الأميركيين يعتقدون أنه يجب على إدارة ترامب نشر الوثائق المتعلقة بقضية جيفري إبستين مع حجب أسماء الضحايا. وضغط الشارع الأميركي للافراج عن وثائق إبستين لا يأتي من جانب الديمقراطيين فقط بل إن الغالبية في قاعدة ترامب "ماغا" الجمهورية (67 %) تريد الكشف عن وثائق القضية وتنظر بعين غاضبة لمحاولة وزارة العدل الأميركية التستر على مستندات القضية والتغطية عن "جرائم اقترفها أثرياء بحق قاصرات"، وهو توجه يتعارض مع توجه ترامب و الإدارة الداعي "لعدم هدر الوقت والطاقة في هذه المسألة"، ما يدفع للتساؤل: لماذا يتستر ترامب وفريقه على وثائق إبستين؟!

وكان إبستين صديقا لترامب الذي قال إنهما افترقا مع مطلع الألفية. وفي تصريحات سابقة قال ترامب إنه يعرفه منذ خمسة عشر عامًا، "رجل رائع... من الممتع جدًا أن تكون معه. يُقال إنه يحب النساء الجميلات مثلما أحب ذلك أيضا، وكثيرات منهن صغيرات السن." كما صرّح إنه أنهى صداقته مع إبستين لأنه سرق موظفين كانوا يعملون عنده.. ونفى ترامب أية علاقة له أو علمه بشبكة الاتجار الجنسي بالقصر التي كان يديرها إبستين. ويقول محامو الضحايا والداعون لنشر جميع مستندات قضية إبستين إذا كان الرئيس بريئا ولا علاقة له بالقضية فلماذا تواصل الإدارة، وزارة العدل أساسا، التستر على الملف؟ ولم لا تنشر كل ما تعلق بالقضية ليعرف الرأي العام تفاصيلها.

هل كان إبستين يعمل لصالح جهاز الموساد؟

وتبقى قضية إبستين واحدة من القضايا اللغز في عالم الفضائح الكبرى بأميركا. ومن بين التفسيرات المتداولة علانية هي أن الرجل كان أداة ابتزاز لكبار الشخصيات السياسية والمشاهير والأثرياء لفائدة جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد". وهذا الرأي عبّر عنه صراحة تاكر كارلسون، مذيع قناة "فوكس نيوز" السابق، ذو التوجهات اليمينية المحافظة وصاحب منصة خاصة على الإنترنيت، الذي قال في مداخلة له متداولة على "يوتوب" إن الإجابة الحقيقة هي أن جيفري إبستين كان يعمل لصالح وكالة استخبارية أجنبية وربما ليست أميركية، ولدينا كل الحق لكي نتسائل لمن كان يعمل؟ كيف ينتقل رجل من كونه مدرس رياضيات في مدرسة دالتون بنيويوك في نهاية السبعينات بلا شهادة جامعية، إلى امتلاك طائرات عدة وجزيرة خاصة وأكبر منزل سكني في مانهاتن؟ من أين جاءت كل هذه الأموال؟. وأضاف كارلسون إن لهذا الرجل صلة مباشرة بحكومة أجنبية وهي الحكومة إسرائيلية، مضيفا أن قول ذلك لا يعني معاداة السامية..


م. ب

تاريخ Nov 13, 2025