الحراك الإخباري - دون التشكيك في نزاهة معدي المواضيع....لماذا الفرنسي بنجامين ستورا بالذات !!؟؟
إعلان
إعلان

دون التشكيك في نزاهة معدي المواضيع....لماذا الفرنسي بنجامين ستورا بالذات !!؟؟

منذ 5 ساعات|الأخبار



يبدو أن بكالوريا 2025 لن تمر " بردا و سلاما" على وقع " فضيحة" إدراج مقتطف من نص للمؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا، حول الملكية العقارية قبل الحقبة الاستعمارية في الجزائر، في اختبار الفرنسية .

و بغض النظر عن خلفيات ادراج النص، كونه غير موجود في برنامج الفرنسية للثالثة ثانوي، و دون التشكيك في نزاهة لجان اعداد مواضيع البكالوريا، كونها تضم زبدة المفتشين و الاساتذة من جميع المواد، زلزلت تعليقات المثقفين و الأكاديمين و أساتذة المادة مواقع التواصل الاجتماعي ، بانتقادات لاذعة طالت اختيار هذا النص ، و ما قد يسببه، حسبهم، من تحريف و مغالطات للتاريخ، كون مضمون النص هو بمثابة "محاباة للسردية الكولونيالية الفرنسية... و تزييفًا للحقائق التاريخية المتعلقة بتجريد الجزائريين من أراضيهم".
و في تعليقه على ذلك، وصف الأستاذ رايح خيدوسي ، ما حدث ب"مهزلة تشبه الأسطورة.."، حيث لم يخف سخطه من ادراج نص المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا في امتحان البكالوريا، و نصوص 3000 عالم وأديب جزائري منسية في سلة المهملات، حسبه.
و قال خيدوسي، بان موقفه ليس لأنه فرنسي أو يهودي أو مستشار للرئيس ماكرون في التاريخ ، " إنما دعمه لفرنسا في عدم الاعتراف بجرائمها بالجزائر لا يجعله يستحق هذا التشريف من وزارة التربية الجزائرية..".
فالنص مأخوذ من كتابه بنجامين ستورا " الجزائر 1954 سقوط بطيء"، حيث تطرّق فيه إلى سلب الأراضي الجزائرية، خلال فترة الاحتلال الفرنسي، و هو ما خلّف حالة غليان غير مسبوقة، من طرف أساتذة و مؤرخين جزائريين، على رأسهم المؤرخ الجزائري حسني قيطوني، الذي وصف موضوع الاختبار في رد على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة الفرنسية، بـ"الفضيحة"، كونه يحمل سردية استعمارية، ويضم مغالطات تاريخية، أبرزها الزعم بعدم وجود ملكية خاصة في الجزائر قبل 1830، متجاهلا نظام "الحجز العقاري"، الذي استخدمته الإدارة الاستعمارية ، للاستيلاء الواسع على أراضي الجزائريين.

و عبر المؤرخ قيطوني، عن استيائه الشديد، من اعتماد نص يقوم على أطروحات خاطئة أو على الأقل مثيرة للجدل عن الاستعمار في بكالوريا 2025، دون تدقيق في محتواها أو السياق الذي كُتبت فيه، يُعرّض الحقيقة التاريخية للتشويه، ويطرح علامات استفهام حول مدى وعي المؤسسات التربوية بثقل هذه المسائل.

محذرا من ان ادعاءات بن جامين ستورا، لا تنصف ضحايا الاستعمار، بل، وتعبّر عن استخدام انتقائي للتاريخ على حساب الحقيقة، مؤكدا بان المسألة ليست عداءا لشخص بنجامين ستورا،" بل خلاف عميق حول الطريقة التي نروي بها ماضينا المؤلم...لا يحق لنا التهاون مع معاناة من تعرّضوا للتجريد من أرضهم وكرامتهم.. إن تعليم التاريخ يجب أن يكون أولًا وقبل كل شيء وفاءً للذاكرات الجريحة".
ويقول ستورا في نص اختبار البكالوريا بانه قبل وصول الأوروبيين، كانت الجزائر تجهل مفهوم الملكية الخاصة، " فقد كانت تعرف فقط نظامًا هرميًا معقدًا لحقوق الاستعمال، الذي كان ينقسم إلى فئتين.. حقوق الباي بصفته الحاكم، وحقوق القبائل.. بعد الغزو، صادرَت الدولة الفرنسية، باسم سيادتها، أراضي الباي، ثم قامت بتوزيعها على المستوطنين الأوروبيين...".

و اضاف " حتى عام 1914، ربط الاستعمار الفرنسي مستقبله الاقتصادي تقريبًا بشكل حصري بالزراعة... فصار الاستعمار والاستعمار الزراعي مترادفين، إلى درجة أن كلمة مُستَعمِر في فرنسا أصبحت تطلق على جميع سكان المستعمرات الأوروبيين، بينما كانت تعني بالنسبة للأوروبيين في الجزائر فقط الفلاحين المستعمرين.."

و هو ما يتنافى تماما حسب المؤرخ كيتوني، ما هو موثق لدى المؤرخين الجزائريين، الذين أثبتوا أن الأراضي الفلاحية في المناطق الجبلية والمزارع الصغيرة والواحات، كانت تخضع لملكية خاصة، وأن الاستعمار الفرنسي، عمد إلى انتزاع هذه الأراضي بالقوة من أصحابها الأصليين.

و قال ان الحديث عن ربط الاستعمار بمستقبل زراعي هو تبرير تقني يخفي واقعًا سياسيًا واجتماعيًا قاسيًا، تمثل في الاستغلال الممنهج للعامل الجزائري، والنهب المنظم للأراضي، وفرض ضرائب مجحفة، و " تشجيع الاستيطان الأوروبي واسع النطاق.

*** بنجامين ستورا يرد على الجدل...

من جهته، سارع المؤرخ بنجامين ستورا ، الى الرد عن هذا الجدل ، مبرزا تأثره الكبير، حيث اشار إلى أن أعماله " تهدف إلى نقل الذاكرة الاستعمارية إلى الأجيال الجديدة، سواء في فرنسا أو الجزائر...". ودعا ستورا إلى نقاش أكاديمي" هادئ"، معتبرًا أن ما
 يقدمه من دراسات حول نزع الملكية والاستعمار الاستيطاني يستند إلى خمسة عقود من البحث والتأريخ، مذكرا بسيرته عن الزعيم مصالي الحاج وكتاباته الجماعية مثل "حرب الجزائر بعيون جزائريين.... كدليل على التزامي النقدي والبحثي.."، حيث وصف ما أثير بخصوص اختبار الفرنسية ب " "العدوانية" التي طالت شخصه.


***عندما يتحول أمتحان فى اللغة إلى اختبار فى الهوية!

اما نقابة " الكناباست"، فاعتبرت ان أختيار موضوع تاريخي فى مادة الفرنسية بكالوريا 2025، والمستلهم من نصوص المؤرخ الفرنسي بنجمان ستورا، و فى هذا التوقيت بالذات، يثير الكثير من الجدل و التساؤلات، خاصة وأنه موجه للشعب العلمية والتقنية.
وعليه، تضيف، فإن الموضوع من الناحية التاريخية، مثير للجدل، ومن الناحية العلمية، لايليق بالمناسبة وبالشعب المعنية، ومن حيث المحتوي، الموضوع يحمل سياقات ومقاربات مطعون فيها، ومعلومات تاريخية مشبوهة ولا تعبر عن الحقيقة المرة "للأستدمار".
لذلك، حسب النقابة، فإن الكثير تفاجأ لاختيار نص تاريخي، لمؤرخ معروف بخطابه المهادِن تجاه الحقبة "الاستدمارية"، بل وبمحاولته إعادة تشكيل الذاكرة الجماعية من منظور "ذاكرة مشتركة" لا تخلو من التجميل والتبرير، بل ومن تلميع صورة المستعمر والمعمرين.
إن القضية هنا، تضيف، لا تتعلق بجمالية اللغة أو براعة الكاتب وكفاءته، بل بالخلفية الرمزية والايديولوجية التي يحملها النص،" فهل من الحكمة أن يحمّل امتحانًا وطنيًا مصيريًا مضمونًا مثيرا للأنقسام؟، وهل التلميذ الجزائري في هذه السن مؤهل لفك رموز هذا الخطاب "المصقول" و تحليله فى إطار أسئلة تقنية ضيقة، دون أن يتاح له المجال للدفاع عن ذاكرته التاريخية؟..".
إن واضعي الأسئلة ، تقول النقابة، لم يراعو البعد الهوياتي، ولم يمنحو التلميذ فرصة لمقاربة الرواية التاريخية من موقعه كجزائري، بل وضعوه في مواجهة خطاب الآخر، دون سند، ودون سند فى الطرح.
و اضافت " نحن لا نخشى "الاختلاف"، بل نرفض أن يفرض و يُقدَّم في لحظة تقويم حاسمة، وكأن المطلوب من التلميذ، ليس فقط إثبات كفاءته اللغوية، بل أيضا خضوعه لخطاب يغض الطرف عن جرائم الإستعمار، بل ويلبسها ثوب التعايش والذاكرة المشتركة..".
و حسب التنظيم، فإن امتحان اللغة "الفرنسية"، ليس مناسبة ل "فرنسة" التلميذ أومحو ذاكرته، أو تشويهها، وفق مقاربات يؤسس لها الٱخر، .
بل كان من الاولي، تضيف، أن تبني أختياراتنا من كتاب جزائريبن، من أمثال محمد طاهر ساحلي صاحب كتاب تحرير الجزائر، أو مولود فرعون الذي كان ضحية الاستعمار، و محمد ديب، و محمد حربي، وغيرهم كثير...عاشوا التجربة الاستعمارية، ونقلوها بصدق وألم، لا بترميم وجميل.

سيد علي مدني

تاريخ Jun 20, 2025