الحراك الإخباري - صنصال: الحملة الإعلامية الأخيرة ضد السيادة الجزائرية
إعلان
إعلان

صنصال: الحملة الإعلامية الأخيرة ضد السيادة الجزائرية

منذ 7 ساعات|الأخبار


بقلم: ر. مالك

منذ أن أصدرت العدالة الجزائرية حكمها بحق بوعلام صنصال، تشهد الصالونات الباريسية حراكًا غريبًا. صحافة فرنسية معينة، معروفة بقربها من اللوبي الصهيوني ونفَسها الاستعماري الجديد، أطلقت حملة هستيرية تطالب، نعم تطالب، الجزائر بمنحه عفواً رئاسياً، وكأن هذا الرجل أصبح شهيدهم الأدبي الجديد. “رهينة”، يقولون. “مأساة إنسانية”. “خطأ دبلوماسي”. هكذا ببساطة.

لكن عن ماذا نتحدث في الحقيقة؟ عن مواطن جزائري، خضع لمحاكمة وفق قوانين الجمهورية الجزائرية، في قضية تخضع لمنطق العدالة وليس للروايات الخيالية. سواء كان يحمل اليوم جنسية مزدوجة أو حصل على أوسمة من دوائر باريسية معينة، فهذا لا يجعله فوق القانون الجزائري. ومع ذلك، تتهاطل التصريحات الغاضبة، وتتكاثر المقالات، ويشتعل الحماس في أعمدة التحرير، بل حتى نواب فرنسيون يصوّتون من أجل إطلاق سراحه، وكأن الجزائر محافظة فرنسية تتلقى تعليماتها من قصر بوربون.

وفي الوقت نفسه؟ جورج إبراهيم عبد الله، المناضل اللبناني المحتجز في فرنسا منذ 1984، ما زال يتعفن في سجون “الجمهورية الفرنسية”، رغم انتهاء محكوميته، في ظل صمت مطبق من هؤلاء أنفسهم الذين يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان. أما صنصال، فيُعامل من قبل الإعلام كما لو كان رئيس دولة معتقلًا ظلماً. لماذا؟ لأنه يروق للنخبة الباريسية أو نظيرتها في تل أبيب، التي ما زالت تحلم بجزائر مطواعة، يكون فيها “الأدباء الأصليون” ناقدين لوطنهم ومطيعين لفرنسا الاستعمارية.

أليس من الضروري التذكير بأن بوعلام صنصال كان مسؤولًا رفيعًا في الإدارة الجزائرية، أحد أذرع الدولة التي لا يتردد اليوم في مهاجمتها بشراسة؟ وأن حصوله على الجنسية الفرنسية مؤخرًا لا يجعله ضحية، بل هو نتاج شبكة علاقات ومشروع للتصدير الثقافي يُرضي غرور المستعمر السابق؟

الهوس بقضية العفو ليس سوى ذريعة. ما يزعجهم في الحقيقة هو أن الجزائر لم ترضخ، وأنها بقيت صامدة في موقفها. هذا التمسك بالسيادة لا يُحتمل بالنسبة لفرنسا التي لم تهضم الاستقلال الجزائري إلا كـ”انفصال عاطفي”. جزائر تقرّر مصيرها بنفسها، دون مباركة من سان جيرمان دي بريه، تظل بمثابة تجديف بالنسبة لنخبة فرنسية نشأت على أوهام “الرسالة الحضارية”.

أما المقالات التي تحمل عناوين كـ”العفو الرئاسي يزداد بعدًا” أو “الرهينة بوعلام صنصال”، فهي أقرب إلى منشورات دعائية حربية منها إلى تحليلات سياسية. أين كانت هذه الصحافة حين كانت الجزائر تحارب الإرهاب بمفردها بينما كان العالم يراقب بصمت؟ أين هي أقلامهم حين يُقمع مناضلون صحراويون، ويُسجن صحفيون مغاربة، ويُغتال فلسطينيون تحت نيران الاحتلال؟

الجواب بسيط: استنكارهم انتقائي، يتبدل حسب المصالح الظرفية، والصداقات الدبلوماسية، والإملاءات الأيديولوجية. أما الجزائر، فلا تحتاج لتقديم حساب لهؤلاء الذين يتلاعبون بخيوط الأخلاق المزدوجة.

بوعلام صنصال، وإن كان كاتبًا، فليس طوطمًا ولا شهيدًا. إنه مواطن يخضع للقانون في بلده الأم، كغيره من الجزائريين. وكون كتبه تروق لبعض الصالونات الباريسية لا يمنحه امتيازًا فوق القوانين.

وراء هذه المسرحية الإعلامية تكمن نية أوسع: زعزعة الجزائر، السخرية منها، حشرها في زاوية “الدولة القاصرة” التي يجب أن تنال رضى الصحافة الأجنبية. لكن زمن الصفعات الإمبراطورية قد ولّى. الرياح قد تغيّرت.

تاريخ Jul 7, 2025