"بسم الله الرحمن الرحيم وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشْرَفِ المُرْسَلِينَ
أيَّتُهَا المُوَاطِنَاتُ .. أيُّهَا المُوَاطِنُونَ،
نُخَلِّدُ معًا في الفَاتِحِ مِنْ نُوفمبرَ ذِكْرَى اليَوْمِ الَّذي فَجَّرَ فِيهِ الشَّعْبُ الجَزائريُّ ثَوْرَةَ التَّحرِيرِ الخالدة والمُبَارَكَةِ .. وَهُوَ يَوْمٌ تاريخيٌّ وفاصلٌ، بَعْدَ مُقَاوَمَاتٍ شَعْبِيَّةٍ وَنِضَالاتٍ وَطَنِيَّةٍ على مَدَارِ عُقُودٍ طَويلَةٍ قَاسِيَةٍ وَدَمويةٍ، عَانَى فِيها الشَّعْبُ الوَيْلاتِ وهو يُوَاجِهُ اسْتِعْمَارًا اسْتِيطانِيًّا، وَيَتَصَدَّى لأطْمَاعِهِ وَعُدْوَانِهِ الآثِمِ، رَافِضًا بِمَا أُتِيحَ لَهُ مِنْ أشْكَالِ المُقَاوَمَةِ، اغْتِصَابَ أرْضِهِ، وَتَدْنِيسَ تَاريخِهِ وَتَشْوِيهَ هُوِيَّتِهِ.
لَقَدْ عَبَّرَتِ المُقَاوَمَةُ في مَرَاحِلِها المُتَعَاقِبَةِ، عَنِ تَمَسُّكِ الشَّعْبُ الجزائريُّ بِالأرْضِ وَالتَّارِيخِ وَالهُوِيَّةِ الجَزائِريةِ المُتَجَذِّرَة طِيلَةَ الحِقْبَةِ الاستِعمَارِيَّةِ المَشْؤُومَةِ، وَكَانَتْ تَراكُمًا بُطُولِيًّا أفْضَى إلى الكِفَاحِ المُسَلَّحِ .. وَحَرْبٍ تَحَرُّرِيَّةٍ شَامِلَةٍ بِمَلايِينِ الشُّهَدَاءِ وَالأرَامِلِ وَالأيْتَامِ وَالمَعْطُوبِينَ، وأكَّدَ رُوحَ المُقَاوَمَة في الطَّبْعِ الجزائريِّ، وَغَرَسَ الشُّعُور بِالغَيْرَةِ عَلى السِّيَادَةِ الوَطنِيَّةِ في وِجْدَانِ الأُمَّةِ.
وَإنَّنَا في هَذِهِ الذِّكْرَى الحادية وَالسَّبْعِينَ لانْدِلاعِ ثَوْرَةِ التَّحْريرِ المَجِيدَةِ .. وَإذْ نَحْتَفِي – بِاعْتِزَازٍ – بِأمْجَادِ أجْيَالٍ خَاضَتْ مَعَارِكَ لمْ تَهْدَأْ في كُلِّ رُبُوعِ الجَزائرِ .. إنَّمَا لِنَجْعَلَ مِنَ الوَفَاءِ لِتَضْحِيَاتِهِم مَصْدَرًا لِقُوَّةِ العَزِيمَةِ، وَمَنْبَعًا أصِيلًا يَتَغَذَّى مِنْهُ وَعْيٌّ جَمَاعِيٌّ مَوْصُولٌ بِتَارِيخِنَا المَجِيدِ .. وَهُوَ البوصَلَةُ الَّتي تُوَجِّهُ الجزائر - في هَذِهِ المَرْحَلَةِ الدَّقِيقَةِ - نحْوَ  تَثْبِيتِ رَكائِزِ الدَّوْلَةِ الوَطَنِيَّةِ الصَّاعِدَةِ .. وَنَحْوَ إذْكَاءِ الرُّوحِ الوَطَنِيَّةِ الجَامِعَةِ لِعَزَائِمِ الوَطَنِيّينَ المُخْلِصِينَ، وَلِلطَّاقَاتِ الفَاعِلَةِ الحَيَّةِ وَخاصَّةً الشَّبَاب، لِضَمَانِ حَصَانَةِ البِلادِ إزَاءَ الأوْضَاع المُضْطَرِبَةِ في فَضَائِنَا الإقليميِّ، وَمَا يَعْرِفُهُ العَالَمُ اليَوْم مِنْ صِرَاعَاتٍ حَادَةٍ، وَمِنْ تَصَدُّعَاتٍ في العَلاقاتِ الدَّوْلِيَّةِ، وَذَلِكَ بالاعْتِمَادِ على قُدُرَاتِنَا الذَّاتِيَّةِ، بِأدَاءٍ اقتصاديٍّ مُتَحَرِّرٍ وَمُدِرٍّ للثَّرْوَةِ، وَعَلى وَعيِّ وَوَطَنِيَّةِ بَنَاتِ وَأبْنَاءِ الجزائر الَّذِينَ يَقِفُونَ في هَذِهِ المُنَاسَبَةِ أُبَاةً بُنَاةً لِلْحَاضِرِ وَالمُسْتَقْبَلِ، عَلى خُطى شُهَدَائِنَا الأبْرَارِ، الَّذِينَ نَتَرَحَّمُ على أرْوَاحِهِم الزَّكِيَّةِ، تَحْدُونَا إرَادَةُ الصَّادِقِينَ، العَامِلِينَ عَلَى رِفْعَةِ الوَطنِ وَخِدْمَةِ الشَّعْبِ.
" تَحيَا الجَزائِر "
المَجْد والخُلودُ لِشُهدائِنَا الأبرَار
وَالسّلامُ عَليكُم ورَحمَةُ اللهِ تَعالى وَبركاتُه."

