الحراك الإخباري - زاوية سيدي أحمد الطايري...من الآثار الطيبة لرفيق الإمام إبن باديس
إعلان
إعلان

زاوية سيدي أحمد الطايري...من الآثار الطيبة لرفيق الإمام إبن باديس

منذ 3 سنوات|دين


زاوية سيدي أحمد بن ماليك الطايري الأزهري، أو زاوية القصور، هي إحدى الزوايا في الجزائر الواقعة في بلدية القصور بدائرة الحمادية، ضمن ولاية برج بوعريريج، والتابعة لمنهاج الطريقة الرحمانية.

أما مؤسس الزاوية فهو سيدي أحمد بن محمد عبد المالك بن المبارك بن علي الطيار (1870م-1909م)، المدعو أحمد الطايري، الذي درس مع الإمام عبد الحميد بن باديس.

وكان أحمد الطايري قد حفظ القرآن الكريم كله حينما بلغ سن سبعة أعوام في قرية تازروت ضمن بلدية القصور.

فارتحل إثر ذلك إلى مدينة قسنطينة لدراسة اللغة العربية طيلة أربعة أعوام ليتخرج في سن الحادية عشر.

ثم انتقل إلى فاس للدراسة في جامع القرويين مدة سبعة أعوام، ثم عاد الجزائر للاستزادة من المعارف، ثم ارتحل إلى جامع الزيتونة، أين درس مدة سبعة أعوام، وأين التقى بالإمام عبد الحميد بن باديس، قبل الإنتقال إلى الجامع الأزهر.

وحينما عاد من الأزهر الشريف بعد ثلاثة أعوام من الدراسة قبل تخرجه وإجازته بشهادة العالمية، قرر سيدي أحمد الطايري تدريس العلوم الشرعية وفق منهاج الجامع الأزهر.

وقد أجيز خلال دراسته في الجامع الأزهر في علم العربية، وعلم البلاغة، وعلم البيان، وعلم المنطق، وعلم الفقه، وعلم المصطلح، وعلم البحث، وعلم الوضع، وعلم التوحيد.

كما تحصل على إجازة علم الحديث في صحيح البخاري وصحيح مسلم، فأقسم على تأسيس منهج جزائري أزهري.

تم تأسيس زاوية سيدي أحمد بن ماليك الطايري ابتداء من سنة 1902م، ليتم إنهاء أشغال البناء خلال سنة 1905م.

وجاء هذا التأسيس قصد نقل نشاط تعليم القرآن من مسجد عين موسي والمسجد الأبيض في قرية تازروت إلى قرية عين العقاقين، أين تم تأسيس زاوية جديدة استغرق بناؤها ثلاثة أعوام.

وقد استعان سيدي أحمد بن ماليك الطايري بأفضل المهندسين المعماريين من أجل بناء هذه الزاوية، لتشبه الجامع الأزهر، تبيانا لشدة تأثره بمنهاج هذه الجامعة الإسلامية.

وقد كانت الإقامة الأولى لجد مؤسس الزاوية، العالم سيدي أحمد بن محمد الطيار، خلال سنة 1680م، في قرية عين تازروت، الواقعة في بلدية القصور ضمن دائرة الحمادية في ولاية برج بوعريريج ، وهي بلدية تقع على مشارف ولاية المسيلة.

أسس العالم سيدي أحمد بن محمد الطيار خلال سنة 1680م بناية مسجد عين موسي قبل أن يتم بناء المسجد الأبيض إلى جانبه.

ثم جاء حفيده أحمد بن محمد عبد المالك بن المبارك بن علي الطيار ليحول نشاط الزاوية في مسجد قرية تازروت من تحفيظ القرآن فقط إلى تعليم كافة العلوم الشرعية.

وكانت المؤسستان القديمتان في قرية تازروت تتناولان تدريس القرآن الكريم، وكذا بعض العلوم الشرعية، علي يد شيوخ القرية وعلمائها.

ثم تم تأسيس زاوية سيدي علي الطيار لتشمل كل العلوم الشرعية علي يد سيدي أحمد بن محمد بن المبارك، بعد نيله الإجازة في العلوم سنة 1758م، علي يد سيدي محمد السعيد بن الحسين الورثلاني.

قام الإمام العلامة سيدي أحمد بن ماليك الطايري بتكليف مهندس إيطالي بتصميم الزاوية والإشراف على بنائها، كما استعان كذلك بأمهر البنائين واستعمل أحدث المواد والتقنيات التي كانت مستعملة ومعروفة في المنطقة آنذاك قصد إتمام مشروعه. وهذا يدل على الفكر المتطور والعصري للشيخ العلامة الإمام سيدي أحمد بن ماليك الطايري.

 نشاط الزاوية ومنهاجها التربوي والعلمي

اشتغلت زاوية سيدي أحمد بن ماليك الطايري منذ تأسيسها خلال سنة 1905م لمدة أربع سنوات حتى سنة 1909م، وقد تم إهمالها وغلقها بعد ذلك لسنوات طويلة.

اتبعت الزاوية في تدريسها كلا من المنهاج القيرواني ومنهاج القرويين والمنهاج الأزهري وفق المرجعية الدينية الجزائرية.

لكن توقف نشاط الزاوية بعد وفاة مؤسسها الشيخ العلامة سيدي أحمد بن ماليك الطايري في 1914م، تاركا وراءه ابن الوحيد الذي اسمه "الزهار بسة"، وكان عمره آنذاك 4 سنوات.

أغلقت الزاوية أبوابها بعد فترة من الزمن بسبب الإهمال، فتعرضت مرافقها ومكتبتها القيمة التي أحضرها الشيخ من الجامع الأزهر في مصر، وقوامها حمولة 20 بغلا من أمهات الكتب والمخطوطات النادرة، للنهب والتلف ولم يبق منها إلا القليل، وهُجِرت الزاوية تماما.

مع بلوغ السيد "الزهار بسة" سن الرشد، راوده الحنين إلى إعادة فتح زاوية سيدي أحمد بن ماليك الطايري من جديد مما اضطره إلى دفع مبلغ كبير من أجل ترميمها.

ولكن العوائق التي واجهها كانت كبيرة جدا، خاصة مع اقتراب اندلاع ثورة التحرير ضد الاحتلال الفرنسي، فانصرف إلى العمل الخيري والنشاط السياسي في الحركة الوطنية الجزائرية، ثم انخرط في صفوف حزب الشعب الجزائري وأيضا في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. ثم التحق بمناضلي جبهة التحرير الوطني الجزائري عند اندلاع ثورة تحرير الجزائر في 1 نوفمبر 1954م.

حينها أصبح عضوا نشيطا في المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني، ليستشهد سنة 1957م، وهو في مهمة في المكان المسمى الدريعيات في ولاية المسيلة، بعد وشاية ممن يعرفونه.

لم يبق من زاوية سيدي أحمد بن ماليك الطايري شيء بعد استشهاد "الزهار بسة" في 1957م، فتم تحويلها إلى مسكن.

ثم اندثرت أثناء ما تبقى من سنوات ثورة تحرير الجزائر، وأصبحت إسطبلا للمواشي والأغنام بعد استقلال الجزائر.

إعادة تأهيل الزاوية في 2011م

تمت إعادة فتح زاوية سيدي أحمد بن ماليك الطايري ابتداء من سنة 2011م بعد سنوات من الغلق والإهمال.

ذلك أن أحد أحفاد الشيخ العلامة سيدي أحمد بن ماليك الطايري، وهو المدعو "عبد الحق بسة" قد آلمه ما آلت إليه الزاوية. فقام بتأسيس جمعية دينية لإعادة إحيائها وإرجاعها إلى سابق مجدها. وتم فتح أبوابها في الموسم المدرسي 2011م\2012م، والتحق بها الطلاب من مختلف التراب الوطني الجزائري.

وتُدرس بها حاليا مختلف العلوم الشرعية من قرآن كريم وأحكام القرآن وعلوم القرآن، بالإضافة إلى تحسين مستوى الطلبة عن طريق الدراسة بالمراسلة.

وقد تم في الموسم المدرسي 2013م\2014م تكريم أول دفعة من الحاصلين على إجازة في علم التجويد برواية ورش عن طريق الأزرق، والبالغ عددهم خمسة عشر طالبا وخمسة أئمة.

وقد التحق خلال نفس الموسم 2013م\2014م بالزاوية 47 طالبا من مختلف ولايات الجزائر.

وبذلك، فإن إعادة فتح أبواب "زاوية سيدي أحمد بن ماليك الطايري" قد سمح مجددا بتعليم القرآن الكريم بعد ترميمها وإصلاح هياكلها.

كما تم الشروع في توسيع زاوية سيدي أحمد بن ماليك الطايري ابتداء من سنة 2014م. وتقع هذه التوسعة بجوار المبنى القديم للزاوية، ويتم تمويلها من هبات ومساعدات المواطنين المحسنين وإعانات السلطات العمومية الجزائرية.
ق/و

تاريخ Dec 4, 2020