الحراك الإخباري - كان حاميها حراميها
إعلان
إعلان

كان حاميها حراميها

منذ 4 سنوات|روبرتاج

"دولة بأكملها" رهن الحبس المؤقت بعد أن اتضح أن حاميها حراميها


لأول مرة في تاريخ الجزائر، رؤساء حكومة ووزراء ورؤساء أحزاب، وجنرالات، ورؤساء مخابرات، كانوا في قلب صنع القرار في الدولة الجزائرية، يودعون السجن، بتهم كلها جنايات ثقيلة، مرتبطة بالثلاثي حداد وكونيناف وطحكوت وبعضها تصل حد الخيانة مثل ما هو الحال بالنسبة للوزير السابق عبد السلام بوشوارب الذي ٠ورد اسمه في قائمة الوزراء المحالين على المحكمة العليا لاستفادتهم من الإمتياز القضائي.. وزراء لطالما رافعوا في خطاباتهم عن حماية الوطن والإقتصاد وضمان حقوق المواطنين ومحاربة الفساد، فإذا بهم ينكشفون ويفضحون على حقيقتهم، ويتحولون الى رؤوس كبيرة للفساد ونهب ثروات البلاد، وإذا بشعار "يتنحاو ڨاع" الذي رفعه الحراك الشعبي، منذ الثاني والعشرين فبراير يتحول إلى حقيقة...
"دولة بأكملها" تودع السجن، مشاهد تاريخية مذهلة عاشها الجزائريون، أويحيى وسلال ووزرائهم يُقتادون الواحد تلو الآخر إلى سجن الحراش، وجماهير من المواطنين تلاحق سيارة السجن التي تقلهم، يشتمونهم ويهتفون بشعار "كليتو البلاد يا السراقين"، ويقذفونهم بعلب الياغورت والقارورات الفارغة، وكل ما وقعت عليه أيديهم من نفايات، في موقف مهين يعكس النهاية مأساوية لهم، بعد سنوات من الإستوزار.
ومن كان ليصدق أو يتخيّل، أن الوزير الأول المقال، الإبن المدلل للنظام، أحمد أويحيى الذي ترعرع في دواليب السلطة، منذ سنة 1994، وتدرج في عدة مناصب سامية، سينتهي به المطاف في سجن الحراش.
إنه حقا لحدث مفصلي ومصيري في تاريخ البلاد، والكل يعلم أن أويحيى كان لسنوات طويلة صاحب الحل والربط، في قرارات مصيرية، بقيت راسخة في ذاكرة الجزائريين، لا يتسع المقام لتعديدها، وذلك منذ توليه رئاسة ديوان الرئيس الأسبق اليامين زروال، وصولا إلى توليه منصب رئيس الحكومة ثم وزيرا للعدل، ثم عاد مجددا لتولي رئاسة عدة حكومات على مراحل متفرقة خلال فترة حكم بوتفليقة، وطيلة الفترة الممتدة من 1999 كان أويحيى أمينا عاما لحزب "التجمع الوطني، القوة السياسية الثانية في البلاد، وظل يتقاسم الحكم مع غريمه في السلطة، جبهة التحرير الوطني، لكن بقي أعتى المسؤولين، حتى لقب بصاحب المهمات القذرة، وظل الآمر الناهي في البلاد لعدة سنوات، لينتهي به المطاف رهن الحبس المؤقت في الحراش، مع وزراءه، ومن والاه، بداية بالوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال، وزير التجارة الأسبق، الأمين العام لحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس، والرئيس السابق لمنتدى رؤساء المؤسسات علي حداد، بينما يوجد رهن الحبس المؤقت بسجن البليدة العسكري كل من رئيس المخابرات المقال بشير طرطاق، الفريق المتقاعد محمد مدين، (صانع الرؤساء) وسعيد بوتفليقة، مستشار وشقيق الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، إضافة إلى الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، والقائمة طويلة، ولا تزال مفتوحة على أسماء وشخصيات أخرى، من الوزن الثقيل، ينتظر مثولها أمام محكمة سيدي امحمد، حيث يرتقب سماع أعضاء مجلس الأمة الذين تم نزع الحصانة البرلمانية عنهم، أو الذين تخلو عنها طوعا أو تحت الضغط، وهما الوزير الأسبق والسيناتور جمال ولد عباس، والوزير الأسبق والسيناتور سعيد بركات، كما يرتقب سماع وزراء سابقين تمت إحالتهم على المحكمة العليا بحكم استفادتهم من الإمتياز القضائي، بوصفهم كانوا في مناصبهم وقت ارتكابهم للوقائع، المتابعين بها.
العبرة بالخواتيم، والتحدي الأكبر بالنسبة للحراك الشعبي هو تفكيك بقايا منظومة العصابة التي ما تزال متغلغلة في الدولة وتطهيرها منهم، ومن ثم الذهاب إلى تنظيم انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة، ويبدو واضحا أن هذا ما يسعى إليه رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني أحمد قايد صالح بمرافقته للحراك الشعبي مثلما تعهد به في خطاباته المتكررة.

جميلة بلقاسم

تاريخ Jun 14, 2019