الحراك الإخباري - إمرأة من ماريوبول : كتابٌ استثنائي يروي، بالتفاصيل، بحثاً جدلياً
إعلان
إعلان

إمرأة من ماريوبول : كتابٌ استثنائي يروي، بالتفاصيل، بحثاً جدلياً

منذ 4 سنوات|قراءة في كتاب

"أحسستُ أن هذا الذي ظهر أمامي شبيه بأعجوبة. انفتح صندوق حياتي الأسود في خريف عمري. ولكنني لم أجد في داخله حتى هذه اللحظة سوى صندوق أسود آخر، وربما كان هذا يحتوي بدوره على صندوق آخر أصغر منه وهلمّ جرًّا، تمامًا مثل عرائس الماتريوشكا الروسية التي تحتوي كل منها على عروس أصغر في داخلها".

في بداية بحثها عن أمّها، لم تكن في حوزة ناتاشا فودين أي معلومات تُذكَر. كانت تعرف اسم أمّها، وتاريخ مولدها ومكانه (في ماريوبول الأوكرانية)، وتاريخ زواجها وتاريخ وصولها إلى ألمانيا. إلى ذلك، كانت تمتلك 3 صور فوتوغرافية، وبعض الذكريات المشكوك في صدقيّتها. من هنا انطلقت، لتتمكّن في النهاية من إعادة سرد قصّتها الكاملة. قصّة شخص واحد تحمل في طيّاتها مصير الملايين.

"لم يأتِ بحثي عن اسم أمي على الموقع الروسي في هذا التوقيت بالذات بمحض المصادفة. فلطالما شغلتني فكرة الكتابة عن حياة أمي، ولاسيما عما كانت عليه تلك المرأة قبل ولادتي، سواء في أوكرانيا أو في معسكر العمالة في ألمانيا. ولكنني لا أعرف أي شيء تقريبًا عن تلك المرأة، فهي لم تتحدث قط عن فترة عملها بالسخرة، لا هي ولا حتّى أبي. لا أتذكَّر شيئًا من هذا القبيل في أي حال. وكل ما تبقّى في ذاكرتي من حكاياتها عن حياتها في أوكرانيا لا يتعدى كونه أطياف سراب خدّاعة. لم يكن أمامي إلا أن أحاول كتابة سيرة ذاتية خيالية عن أمي، مستندةً فيها إلى السرد التاريخي وإلى الحقائق المعروفة عن الفترة والأماكن التي عاشت فيها. ظللت أبحث لسنوات عديدة عن أي كتاب لعامل من عمَّال السخرة السابقين، أو عن صوت أدبي واحد يمكنني الاسترشاد به، ولكن بلا جدوى. ففي الوقت الذي قدَّم الناجون من معسكرات الإبادة النازية أدبًا عالميًّا امتلأت على أثره المكتبات بكتب عن الهولوكوست، لزم عمَّال السخرة من غير اليهود الصمت، أولئك الذين نجوا من الإبادة القائمة على السخرة. هؤلاء جرى ترحيلهم بالملايين إلى الرايخ الألماني".

كتابٌ استثنائي يروي، بالتفاصيل، بحثاً جدلياً عن الحقيقة، ويُلقي الضوء على إحدى أفظع المآسي الأوروبية.
سيرة ذاتية ذات لغة أدبية عالية تجمع بين السيرة والرواية.

تاريخ Mar 11, 2020