الحراك الإخباري - كورونا" تفتح شهية الأزواج و الزوجات منزعجات
إعلان
إعلان

كورونا" تفتح شهية الأزواج و الزوجات منزعجات

منذ 4 سنوات|روبرتاج


فرط الشهية نحو الطعام، مشكلة يعاني منها عديد الأزواج خلال حجرهم المنزلي تفاديا لانتشار وباء كوفيد 19، تتحمّل تبعاتها زوجات أبدين خلال حديثهن، لـ " الحراك الإخباري" انزعاجا كبيرا من طلبات الأكل المتزايدة لأزواجهن، ظاهرة أرجعتها المديرة العامة لمركز البحوث والتطبيقات النفسانية سميرة فكراش، إلى جملة من الأسباب أبرزها  "التغييرات التي اعترت حياتهم" وسعيهم لـ" شغل أوقات الفراغ".

▪"فوزية": زوجي يعايرني بـ" شطارة" زوجة صديقه

" زوجي أصبح شرها في الأكل خلال الحجر الصحي"، بهذه العبارة استهلّت" فوزية" حديثها لـ" الحراك الإخباري"، مبدية انزعاجا كبيرا من " التصرفات الجديدة" لزوجها الذي أصبح كثير الطلبات قائلة " زوجي يخرج صباحا ليقتني مستلزمات البيت، ولكنه لا يتوانى في الاتصال هاتفيا ليطلب منّي إعداد الوجبة الفلانية للفطور".

وبخصوص الوجبة التي تسيل لعاب زوجها، قالت فوزية إنها تتباين بين " الشطيطحة دجاج، المثوّم" ولما لا " الدوّارة والبوزلوف"، لتتعداها إلى مختلف أنواع العجائن من " خبز الدار، الكسكسي، المعارك والخفاف"، مشيرة إلى أن زوجها لم يسبق له فعل ذلك من قبل " كان يأكل ما يجده ولا يطلب مني إعداد أكلة معيّنة إلا نادرا كالكسكسي يوم الجمعة".

وفيما أطلقت فوزية قهقهة طويلة أخبرتنا أن زوجها أصبح يحسّسها بالذنب بتصرفات لم تجد ما يبرّرها، كأن يحضر " خبزة مطلوع" أو حلويات تقليدية ليخبرها قائلا " لقد أعطاها لي صديقي فلان، هي من إعداد زوجته الشّاطرة"، أو يعمد إلى نشر صور في " الفيسبوك" لنساء في المطبخ مع إرفاقها بعبارات " يا سعدو اللي عندو مرا طيّابة"، " النسا تاع اليوم يعرفو غير التلفون"، " اللي تحب راجلها تتهلالو في كرشو" وغيرها من العبارات "التي غالبا ما أتشاجر معه بسببها، ليصفعني بردّه: كي تحشمي من الصور روحي طيبيلي وهنيني، يقول ذلك مع أنني لم أقصّر في شيء".

▪" صفية": " واش طيبتيلنا اليوم" عبارة بتّ أمقتها

أما زوج "صفية" " الرومانسي" كما أسمته، فتخلى بين ليلة وضحاها عن إرسال صور الحب والإعجاب وأغاني شرقية وغربية لزوجته عبر " الميسنجر" و" الواتساب" "مثلما كان يفعل منذ زواجنا، وأصبح يعبّر عن مشاعره من خلال الأكل" وتقول إنه استبدلها بصور الأكلات بمعدّل صورتين خلال اليوم " زوجي وبحكم بقائه في العمل لانتمائه للقطاعات المستثناة من الحجر الصحي، يعود مساء إلى البيت والتعب قد بلغ منه مبلغا، ولكنه عوض أن يستلقي على سريره ليرتاح، يتوجّه مباشرة إلى المطبخ مردّدا : واش طيبتيلنا اليوم؟".

" إذا توافق ما يوجد بداخل القدر، وصورة الأكلة التي أرسلها، فإنه يبالغ في شكري، بينما يغضب، يكشّر وجهه وتحمرّ عيناه في حال حدث العكس"، تقول صفية مضيفة أن زوجها أضحى لا يتمالك نفسه وبات يحسّ بالجوع منذ الإعلان عن الحجر المنزلي، "بل ويجد في تهاوني في إعداد "أكلة اليوم" دافعا قويّا للغضب"، لتسرّ إلينا بأنه لا سبيل لإطفاء ناره المتّقدة سوى إعداد الأكلة المطلوبة في " وجبة العشاء"، لأنها مهما فعلت فلن تتمكن من احتواء غضب زوج أضحى " أكولا" ما بين ليلة وضحاها "ولا مجال عنده للعب في الأكل والشرب" على حدّ قولها.

▪"نعيمة": "البوليميا" أصابت زوجي وحرمتني من القيلولة

في ذات السياق، أكدت " نعيمة" موظفة ملتزمة بالحجر المنزلي برفقة أطفالها الأربعة وزوجها، أنّ الأخير يقضي أغلب ساعات يومه إما مستمتعا بساعات نوم كافية وإما مبحرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبالمقابل تزايدت طلباته في إعداد ما لذّ وطاب من المأكولات وحتى المشروبات، و"جادت قريحته بتذكّر أكلات كانت تطبخها والدته رحمها الله قبل وفاتها سنة 2000، ليطلب مني إعدادها بينها السفيرية، التريدة، الشخشوخة بالمسمّن، الفريكاسي والمعقودة".

 ولم تخف "نعيمة" أن " البوليميا" -  كما شخّصتها -  أصابت زوجها بـ" اضطراب النهم"، جعلته يتناول الطعام بشكل مستمر وباتت تزعجها وتسبّب لها القلق والتوتّر، بل وتمنعها من أخذ قيلولة في وسط اليوم، ما يجعل مزاجها سيئا ويدخلهما غالبا في مناوشات كلامية لأن " الشيء إذا زاد عن حدّه انقلب إلى ضدّه، فمن غير المعقول أن أطبخ لزوجي الخفاف في قهوة الصباح، الشخشوخة في الإفطار، ليبينيي في قهوة المساء ثم السفيرية في العشاء" تقول نعيمة، مفسّرة ذلك بأن " زوجي يستغل فترة مكوثي في البيت ليضاعف من طلبات الأكل التي اغلبها عجائن تتطلّب وقتا وجهدا".

▪سميرة فكراش، مديرة مركز البحوث والتطبيقات النفسانية :

الشراهة في الأكل دليل على حالة نفسية سيئة

أكدت سميرة فكراش، مديرة مركز البحوث والتطبيقات النفسانية، لـ" الحراك الإخباري" وجود علاقة وثيقة بين الشراهة في الأكل التي يعاني منها عدة أزواج، وبين تواجدهم في الحجر المنزلي"،  نتيجة "التغييرات التي اعترت حياتهم" بسبب تفشي وباء كورونا المستجد كوفيد 19، مشيرة إلى أن "العديد من النساء يشتكين من نهم أزواجهن في هذه الفترة الاستثنائية، وبدورهنّ يتفننّ في تلبية رغباتهم".

وأرجعت المختصة النفسانية تصرّف الرجال إلى جملة من الأسباب، بينها شغل أوقات الفراغ قائلة " الرجال يلجئون إلى الشراهة في الأكل، كطريقة لشغل أوقات الفراغ الذي يعانون منه في فترة الحجر المنزلي"، وباعتباره " وسيلة لتناسي حجرهم بين أسوار البيت"، خاصة وأنهم " لم يتعوّدوا على تقاسم فضاء كان مخصصا فقط لزوجاتهم وأولادهم، بصفة متواصلة".

وأضافت المتحدّثة في تفسيرها لأسباب النهم الذي أصاب بعض الأزواج بأنهم " تعوّدوا على أن الشارع ملكيتهم، وعلى رمي مسؤولية التعامل مع الأبناء بكامل ثقلها على الزوجات، غير أنهم وجدوا أنفسهم فجأة في مواجهة الحياة اليومية بداخل البيت بحلوها ومرّها"، إلى جانب شعورهم بأن " حريتهم مقيّدة" وأمام واقع يحتّم عليهم التعامل معه تزامن و" الخوف من الإصابة بالفيروس القاتل".

بعض الأزواج يقبلون على الأكل بشراهة، تضيف سميرة فكراش، لأنه في نظرهم "يعيشون فترة شبيهة بالأجواء الرمضانية، ولا حديث لهم سوى عن الأكل والشرب"، ويعكس وجود " مشكل كبير في المجتمع، يكمن في انعدام الحوار بداخل عديد الأسر، أصبح غذاء البطن عندها أولى من غذاء الروح والعلاقات الإنسانية"، في وقت قالت إنه "يتعيّن عليهم فيه إظهار روح التضامن وتطوير علاقاتهم اليومية مع أقرب الناس إليهم ومع بقية فئات المجتمع".

وكشفت مديرة مركز البحوث والتطبيقات النفسانية، عن أنّ "تسجيل حالات لنساء تعرّضن للعنف اللفظي أو الجسدي على يد أزواجهنّ، لأنهنّ لم يطبخن أكلاتهم المفضّلة، يعكس درجة كبيرة من الانحطاط في سلّم القيم الاجتماعية والإنسانية والأخلاقية، التي من المفروض أن تجمع لا أن تفرّق  وتنمي الروابط خاصة في هذا الظرف الاستثنائي".

واعتبرت سميرة فكراش التهكّم على الأكل الذي يمارسه بعض الأشخاص كوسيلة لنسيان الحجر المنزلي والخوف من المجهول، تصرّف " خاطئ" شأنه شأن التباهي بأشهى المأكولات عبر وسائط التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن الوقت الراهن يتطلّب مزيدا من التآزر بين أفراد المجتمع لغرس قيم جميلة وسط الأسر.

وضع يستوجب حسب الأخصائية ضرورة إعادة النظر في هيكلة الأسرة ومعرفة طرق التعامل في الأوقات العصيبة ومواجهة الأزمات الطارئة على الأسر، والأهم الاستفادة من فترة الحجر المنزلي للتعوّد على اقتسام فضاء البيت وتنمية حوار بناء بين أفرادها بعيدا عن التكنولوجيات الحديثة التي صبغت تعاملاتهم بالسطحية.

▪لنا كلمة
" نهم بعض الأزواج" حقيقة أخرى وقفنا عليها ونحن نواصل التفتيش بين أسوار البيوت، عن كيفية عيش أفراد الأسر بداخله خلال فترة حجرهم المنزلي بسبب تفشي وباء كورونا العالمي، حقيقة نقلناها على لسان زوجات " غاضبات" من تصرفات أجمعن أنها " عابرة"، وهو الشيء الايجابي الذي جعلهنّ متفائلات على أمل أن يرفع الوباء و" بلاء ملإ بطون أزواج لم تشبعهم ألذ العجائن وأشهى الحلويات"، وإن الغد لناظره لقريب.  

ربورتاج: سمية.م