الحراك الإخباري - المغرب من الداخل: الملف القذر للمدعو "عمر هلال"
إعلان
إعلان

المغرب من الداخل: الملف القذر للمدعو "عمر هلال"

منذ شهر|الأخبار


لم يعد خفيا على أحد، ذلك الصراع الذي طفا على السطح، بشكل علني عبر وسائل الإعلام، وبطريقة حادة في الأروقة الأمنية وداخل دهاليز المؤسسة الملكية في المغرب.

"الحراك الإخباري" ومن خلال سلسلة مقالات تحليلية بعنوان "المغرب من الداخل" يرصد الصراع الخفي بين أجنحة المخزن وسعيها الحثيث للسيطرة على مفاصل الحكم في ظل الموت الوظيفي للعاهل المغربي "محمد السادس" وعجزه عن أداء وظائفه الأساسية باعتباره المهيمن على الحياة السياسية والاقتصادية في البلد.

في الحلقة الثالثة من حلقات هذه السلسلة نتابع الحديث عن المخزن الأمني ومحاولته السيطرة على المغرب من خلال أدواته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى الإعلامية والدبلوماسية ونستعرض حالة خاصة واستثنائية هي حالة المدعو "عمر هلال" السفير الدائم للملك محمد السادس بالأمم المتحدة.

وتظهر هذه الحالة كيف أصبح المخزن الأمني يسيطر بشكل كلي على مفاصل السياسة الخارجية للمملكة المغربية؟ وكيف هوى بالدبلوماسية المخزنية إلى الحضيض بعد أن طالتها الفضائح الدولية المدوية التي كان بطلها عميل المنصوري (لادجيد) المعروف بفساده واستخدامه للمال القذر وشراء الذم بغرض التشويش والتأثير وقلب الوقائع وتشويه الحقائق.

من موظف "مغمور" إلى واجهة "سيئة" للمغرب 

في 2014 عندما نقله محمد السادس من جنيف (سويسرا) إلى نيويورك (الولايات المتحدة الأمريكية) كان عمر هلال "سيئ السمعة" معروفا لدى الأوساط الدبلوماسية وأروقة الأمم المتحدة ولاسيما بالمجلس الأممي لحقوق الإنسان بأنه قريب من المنصوري (رئيس المخابرات الخارجية) لا بل أداة من الأدوات التي يستخدمها من أجل الضغط، الرشاوي وشراء الذمم، إنشاء اللوبيات وجماعات المصالح وبالتالي التشويش ومحاولة التأثير والبروباغاندا (الدعاية) والبارفدا (الكذب) والهسبرة (الخداع) وقلب الوقائع وتشويه الحقائق والعبث في التقارير الأممية.

وقبل اختياره عميلا بدرجة سفير ولد هلال في 1 يناير 1951 بأغادير وحصل على الإجازة في العلوم السياسية في 1974 بالرباط كما شغل عدة مناصب قبل أن تقذف به الأقدار إلى جنيف فيصبح بين 1985 و1991 مستشارا، نائبا للسفير في البعثة الدائمة للمغرب لدى الأمم المتحدة.

ومن جنيف حزم حقائبه وعاد إلى الرباط ليكون بين 1991 و1993 رئيس مصلحة بالجمعية العمومية وبمجلس الأمن في مديرية المنظمات الدولية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية.

وقفز إلى عضو بديوان كاتب الدولة بذات الوزارة في الفترة الممتدة من 1993 إلى 1996 قبل أن يتم تعيينه سفيرا للمغرب بأندونيسيا وسنغافورة وأستراليا ونيوزيلاندا من 1996 إلى 2001.

وفي 2001 عاد هلال إلى جنيف ليكون سفيرا ممثلا دائما للمغرب لدى الأمم المتحدة قبل أن يغادرها في 2005 عائدا إلى الرباط بعد أن أصبح الكاتب العام لوزارة الخارجية المغربية.

ومجددا عاد إلى العاصمة السويسرية ليتابع مهامه القذرة في 2008 وبقي فيها إلى غاية 2014 عندما أصبح المنصوري مجبرا على نقله إلى المقرات الرئيسية للأمم المتحدة ليتابع النشاط الموازي للعمل الدبلوماسي.

وسواء في اللجنة الدولية للخبراء القانونيين المكلفة بتطبيق الاتفاقية التي تحظر استعمال الأسلحة الكيماوية أو المجموعة الإفريقية للمنظمة العالمية للملكية الفكرية والمجموعة الإفريقية بالمنظمة العالمية للتجارة أو مؤتمر نزع السلاح ومجلس إدارة معهد الأمم المتحدة للتكوين والأبحاث عمل هذا المدعو "هلال" جزافا على اغتنام الفرصة واقتناص السانحة من أجل الظفر بالمناصب ولو على حساب الأعراف والأخلاق والمبادئ الدبلوماسية. (1)

"هلال" بطل فضيحة تجسس المغرب على الأمم المتحدة بجنيف

وبعد أيام قليلة من وصوله إلى نيويورك كشف تقرير سري أعدته الأمم المتحدة أن النظام المغربي قام بالتجسس على الأمم المتحدة واستخدم أساليب غير أخلاقية في محاولة للتأثير على موقفها بخصوص الوضع الإنساني في الأراضي الصحراوية المحتلة وجعلها تغض الطرف عن هذا الملف الحقوقي.

وأبرزت التسريبات أن المغرب قام بتقديم تبرعات كبيرة لمكتب مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة مقابل خدمات كإلغاء بعثات لتقصي الحقائق إلى الصحراء الغربية، وإقناع المفوضة "نافي بلاي" بعدم زيارة الصحراء الغربية والتصدي للمحاولات الرامية إلى توسيع صلاحيات بعثة "المينورسو" لتشمل مراقبة حقوق الإنسان.

ويؤكد التقرير الصادر عن إدارة عمليات حفظ السلام الأممية أن المغرب قام بالتجسس في أكثر من مناسبة على اتصالات سرية ومراسلات داخلية للأمم المتحدة خاصة في جنيف ونيويورك والعيون.

ويشير التقرير إلى أن المغرب لا يريد أن تتمتع "المينورسو" بالوظائف الأساسية لحفظ السلام مثل التقرير عن التطورات الميدانية وحرية الوصول إلى جميع المحاورين في المنطقة.

وكانت صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية كشفت أن الأمم المتحدة قررت استدعاء السفير المغربي بنيويورك “عمر هلال” للمثول أمام مكتب خدمات الرقابة الداخلية في الأمم المتحدة حول قضية تورطه في تجنيد مسؤولين في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

"هلال" يعرقل عمل الأمم المتحدة في الصحراء الغربية

وكشفت وثائق سرية مغربية سربها "كريس كولمان" نهاية 2014 عن مخطط مغربي قذر قاده السفير المغربي بجنيف لإفشال الجهود الرامية إلى توسيع صلاحيات بعثة "المينورسو" لتشمل مراقبة حقوق الإنسان والتقرير عنها.

واستطاع المغرب تجنيد عدد من المسؤولين في مفوضية حقوق الإنسان، على رأسهم "أندرس كومباس".

وتبرز الوثائق كيف أن السفير المغربي بجنيف "عمر هلال" اشترى ذمم عدد من المسؤولين في جنيف بهدف التأثير على قرارات مفوضية الأمم المتحدة بخصوص وضعية حقوق الإنسان بالصحراء الغربية، والحصول على معلومات حول أنشطة جبهة البوليساريو.

وحسب الوثائق فان المغرب قام بعملية تجسس واسعة بمساعدة مسؤولين في المفوضية وتحصل على معلومات حول أنشطة المفوضة الأممية ووثائق تمكنه من تشويه جبهة البوليساريو، وإفشال الجهود الدولية الهادفة إلى حماية حقوق الإنسان بالصحراء الغربية. (2) 

"هلال" يخترق المفوضية الأممية لحقوق الإنسان

وبلغ التهور بالمخابرات المغربية إلى درجة محاولتها التأثير على صياغة أحد التقارير التي تعدها مفوضية حقوق الإنسان.

وكشفت وثيقة نشرها كريس كولمان على حسابه بموقع " تويتر" عن دور الجهاز المغربي في صياغة تقرير أعدته مفوضة حقوق الإنسان السابقة "نافي بيلاي" عن أوضاع حقوق الإنسان في المغرب والصحراء الغربية.

وأكد السفير المغربي بجنيف عمر هلال في رسالة سرية إلى وزارة الخارجية المغربية أن "بان كي مون" طلب في أكثر من مناسبة من مفوضية حقوق الإنسان إعداد تقرير مفصل حول زيارتها للمغرب وزيارة البعثة التقنية التابعة لمفوضية حقوق الإنسان إلى الصحراء الغربية إلا أنها كانت مترددة في الرد على الطلب.

وكشف السفير المغربي انه بمجرد علمه بالموضوع اتصل بعملائه بمكتب المفوضية الذين تولوا صياغة التقرير الذي أرسلته بيلاي بداية شهر يونيو/جوان 2014 إلى الأمين العام للأمم المتحدة.

وطمأن السفير المغربي الذي استطاع تجنيد مسؤولين أممين وزارة خارجيته أن التقرير الذي توصل به "بان كي مون" كان يصب في مصلحة المغرب حيث تضمن ما يلي:

•إبراز جميع الجوانب الايجابية لزيارة مفوضية الأمم المتحدة للمغرب وبعثتها إلى الصحراء الغربية.

•التأكيد على الإرادة السياسية للملك والحكومة المغربية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان.

•التطورات الايجابية التي شهدها المغرب بما في ذلك عمل المؤسسات الدستورية ومجلس حقوق الإنسان.

•التقليل من أهمية ما يقع من انتهاكات في الأراضي الصحراوية المحتلة وأن بواعث القلق قد تمت مناقشتها مع السلطات المغربية.

وأوصى التقرير الذي أعده عملاء المخابرات المغربية بجنيف أنه بعد زيارة بيلاي المغرب واطلاعها على حقيقة الوضع لم يعد من الضروري الإصرار على إنشاء آلية لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، وإنما يجب بدل من ذلك تشجيع الإجراءات الخاصة وعمل مجلس حقوق الإنسان المغربي وتعزيز التعاون مع الحكومة المغربية. (3) 

وجاءت هذه الفضيحة لتؤكد ما تم تداوله أيضا على نطاق واسع فيما يتعلق بتجسس المغرب على الأمين العام للأمم المتحدة (4) وتجنيد عدد من الأجانب لخدمة أطروحته البالية.

وبمساعدة هلال قامت المديرية العامة للدراسات والمستندات المعروفة بـ "لادجيد" (المخابرات الخارجية) بتجنيد 13 شخص من الأرجنتين والبرازيل وبلجيكا وفرنسا وإسبانيا والشيلي وإيطاليا والمملكة المتحدة والدنمارك وفلسطين والسنيغال كما جندت المخابرات الداخلية المعروفة ب "الديستي" 14 شخص أخر. (5)


المصادر:

1.نبذة عن عمر هلال السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة بنيويورك، وكالة أنباء المغرب العربي، 14 أبريل 2014،

2.تقرير سري: المغرب استخدم أساليب غير أخلاقية للتأثير على موقف الأمم المتحدة بخصوص الأوضاع في الأرضي الصحراوية المحتلة، موقع صمود، 18 يونيو/جوان 2015،

3.وثيقة سرية: المخابرات المغربية تولت صياغة تقرير أعدته نافي بيلاي عن أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب والصحراء الغربية، موقع صمود، 6 يوليو/جويلية 2015،

4.المغرب متورط بالتجسس على لقاءات سرية للامين العام للأمم المتحدة وتسريب وثائق رسمية من مكتبه، موقع صمود، 27 يونيو/جوان 2015،

5.وثائق كريس كولمان: مبالغ مالية وإقامة وامتيازات مقابل الترويج للأطروحة المغربية داخل الأمم المتحدة، موقع صمود، 28 مارس 2015.

جيلالي عبد القادر

تاريخ Aug 14, 2024