الحراك الإخباري - إقرار مادة تمنع التلاعب بالتعديلات الدستورية الجزائر بحاجة إلى دستور مستقر لمدة 100 عام
إعلان
إعلان

إقرار مادة تمنع التلاعب بالتعديلات الدستورية الجزائر بحاجة إلى دستور مستقر لمدة 100 عام

منذ 3 سنوات|رأي من الحراك


يفترض أن يساهم التعديل المقبل للدستور الجزائري في إرساء قواعد نظام حكم سياسي واضح المعالم بعيد كل البعد عن الأنظمة الهجينة التي عرفتها الجزائر منذ تاريخ الاستقلال، حيث أنه بالرغم من تعاقب التعديلات الدستورية إلا أن نظام الحكم بقي هشا وفي أغلب الأحيان يستجيب لنزعات فردية ويكون مؤسسا لخدمة مصالح زمرة معينة في السلطة وباتت التعديلات محل تلاعب ليس أكثر لنص يصنف في القاموس السياسي ضمن خانة القداسة.

لجأ عديد من رؤساء الجزائر عبر مختلف مراحل الحكم إلى إجراء تعديلات دستورية وفق المقاس، وتغيير القانون الأساسي للبلاد وفق هواهم وكان نتيجة هذا التلاعب بالدساتير هو إرساء أنظمة حكم هجينة غير قادرة على مواجهة مختلف الأزمات السياسية التي عصفت بالبلاد، ناهيك عن عجز هذه الأنظمة أو حتى الدساتير في حد ذاتها الاستجابة لتطلعات الشعب الجزائري ومواكبة مختلف التطورات والتحولات المجتمعية التي عاشتها الجزائر.
إن وقف التلاعب بالدساتير و تغييره حسب هوى الحكام لا ولن يكون إلا بإدراج مادة دستورية تقضي بعدم جواز تغيير الدستور لمدة 100، و هكذا يخرج الدستور من اللعبة السياسوية، حيث أن جدوى هذه المادة يمكن في قصص الدساتير التي استهلكتها الجزائر منذ الاستقلال ليتضح للعام والخاص ضرورة الخروج من هذا الجنون السياسي الذي يضر ولا ينفع...فلا يمكن الكلام عن استقرار المؤسسات في ظل دستور يتغير كل 5 سنوات، وحده الرئيس المخلوع عبد بوتفليقة استهلك 3 دساتير دون أن يؤسس لنظام حكم ديمقراطي، فهل من الطبيعي أن يكون ذلك في دولة تسعى على بناء جمهورية حقيقية أساسا العدل والمساواة.
في بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية، لم يشهد الدستور طيلة ثلاثة قرون إلا تعديلات طفيفة تعد على الأصابع، فيما لم يتم تسجيل أي تعديلات عميقة تمس طبيعة النظام السياسي الأمريكي والأسس التي يقوم عليها، بدورها بريطانيا العظمى التي تعد مثالا لأعرق الديمقراطيات عبر العالم لا تملك لحد الساعة دستورا مكتوبا، ألم يحن الوقت لتوجه جزائر 2020 نحو نقلة سياسية حقيقية بإرادة صادقة وقوية لبناء جمهورية حقيقية بعيدا عن كل التلاعبات التي من شأنها الإضرار بطبيعة نظام الحكم وضرب المسار الديمقراطي.
فالحديث عن استقرار المؤسسات السياسية وقوة الدولة في حد ذاتها لا يكون إلا باستقرار النصوص القانونية التي يعمل بها وفي مقدمتها القانون الأساسي للبلاد الذي يفتر ضان يكون بمثابة النص المقدس الذي لا يجوز لكل من هب ودب أن يسعى إلى تخريبه أو تعديله وفق هواه، إن الجمهورية التي تكلم عنها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يفترض أن تكرس دولة الحق والقانون ومن ثم وجب التفكير وبجدية في حماية الدستور من الخرق ومن ممارسات أي حكم فردي أو انفرادي قد يجعله بمثابة أرضية يدوس عليها، فليكن هناك توازن حقيقي بين السلطة بطريقة تجعل كل سلطة تحد من غيرها، توازن حقيقي يكرسه الدستور نفسه ويكون بذلك ضمانا للأجيال القادمة وضامن حقيقي للخيار الديمقراطي.

حيدر شريف

تاريخ May 13, 2020