الحراك الإخباري - " الحراك الإخباري" اخترق حجرهم الصحي بالبيوت هكذا يتعامل كبار السنّ مع خطر " كورونا" المحتمل
إعلان
إعلان

" الحراك الإخباري" اخترق حجرهم الصحي بالبيوت هكذا يتعامل كبار السنّ مع خطر " كورونا" المحتمل

منذ 4 سنوات|روبرتاج

أكّد المختصّون بأنّ كبار السن هم الأكثر عرضة لمضاعفات خطيرة إذا أصيبوا بفيروس كورونا لعدم قدرتهم الكافيةعلى مكافحة البكتيريا والفيروسات لضعف أنظمتهم المناعية، وبينهم مصابون بأمراض مزمنة يتقدّمها السكّري، القلب، الضغط الدّموي وغيرهم، ومن جملة النصائح المقدّمة إليهم تعليق جميع الاتصالات غير الضرورية مع الآخرين، أي حجرهم الصحي بداخل البيوت، " الحراك الإخباري"، طرق باب بعضا من كبار السن بالعاصمة، ورصد طرق تعاملهم مع الخطر المحتمل باختلاف أفكارهم وبيئاتهم.


"كورونا" يعيد للعم عبد القادر أيّام الشباب

إجراءات صارمة اتّخذها العم " ق. عبد القادر"، 70 سنة، القاطن ببلدية محمد بلوزداد، لتفادي الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وفيما تخوّفت عائلته من شعوره بالوحدة جرّاء حجره الصحي بين أسوار البيت، فاجأها باستعادة نشاطه، حيويته واستغلال وقته بطريقة شدّت انتباههم، جسّدت مقولته اليومية " يا ليت الشباب يعود يوما"، وهو يقوم بتصرفات شبابية بامتياز.

فالبيت المكان الذي تعوّد العم عبد القادر على أن لا يمكث فيه طويلا، وجهته الصباحية كانت مقهى " السياربي"بقلب حي بلكور الشعبي، هناك يقضي معظم وقته في تبادل أطراف الحديث برفقة أقرانه من أبناء الحي العتيق، ذو شجون عن الرياضة ويدلوا بدلوه في أمور السياسة وآخر المستجدات التي كان يستقيها من " راديو طروطوار" بداخل المقهى.

" البارح كان في عمري عشرين"

العم المتعوّد على هذه السيرة طيلة حياته، فاجأ من حوله بوضع خطة احتياطية لتفادي انتقال العدوى، فبدى على غير عادته جدّ هادئ بداخل البيت، تقول ابنته في حديثها لـ" الحراك الإخباري":" مفاجأتنا كانت كبيرة لم يخطر ببالنا أن يبقى والدي لأيام بداخل البيت دون أن يبرحه، ليمنحنا فرصة للتكاثف كعائلة"، فلا شراء للجريدة مخافة العدوى، المكالمات الهاتفية بديلة عن الزيارات، الحفاظ على اللياقة البدنية بممارسة التمارين الرياضية بشرفة البيت على وقع الشعبي " البارح كان في عمري عشرين" للراحل الهاشمي قروابي، متابعة تطوّر الأحداث عن طريق التلفزة والانترنت، أمّا مراسلة الطبيب فتتمّ بـ" الفيبر" و" الواتساب"..

العم "مصطفى":  الاستمتاع بقراءة القرآن ومساعدة الزوجة

"وأخيرا وجد زوجي الوقت للقيام بأشياء يستمتع بها"، بهذه العبارة استهلت الحاجة " الزهرة" حديثها لـ " الحراك الإخباري" حول يوميات زوجها الستيني بداخل البيت، التي يقضيها في قراءة أجزاء من القرآن الكريم، والجلوس على السجّادة بعد الصلاة للدعاء بأن يرفع الله عنا هذا البلاء، بينما راح بدوره يذكّرها بأنه قام أمس بنشر غسيل الملابس، سقي النباتات ومساعدتها في وضع العشاء على المائدة، وهو التصرّف الذي قالت إنه لم يمارسه طيلة حياتهما الزوجية.

مشاهدة الأفلام الهندية بعيدا عن ضجيج الأحفاد

بدوره أكّد العم " مصطفى.م" بأنّ "أفضل طريقة لحماية الأشخاص الذين تتواصل معهم هي حماية نفسك أوّلا"، وهو منهجه الحالي بانتظار الإعلان عن القضاء الكلّي على فيروس كورونا، مشيرا إلى أنّه اقتنى أهم مستلزمات البيت الذي يقطنه برفقة زوجته، بينما طالب جميع أولاده وكناته وأحفاده بتأجيل زيارته والاكتفاء بالسؤال عنه بـ"السكايب" الذي ثبّته بكمبيوتر البيت لذات الغرض، ليبقى متابعة الأفلام الهندية أجمل اللحظات التي أسرّ الينا محدّثنا بأنه يستمتع بها برفقة شريكة العمر.


كورونا وراء اختفاء "الحاج علي" بالحرّاش

"الحاج علي" في بداية الستينيات، معروف ببلدية الحرّاش بكثرة تنقلاته مشيا على الأقدام، يملك سمعة طيّبة بين جيرانه، تعوّد قاطنو الحي على إلقاء التحية عليه كل صباح لجلوسه اليومي خارج العمارة، غير أن أحد جيرانه كشف لـ " الحراك الإخباري" بأن " كورونا الوحيدة من جعلت الحاج علي يختفي فجأة عن الأنظار"..
حاولنا زيارته في بيته للوقوف على كيفية تعامله مع خطر الإصابة المحتمل، غير أن الحاج رفض جملة وتفصيلا استقبالنا لدواعي صحية، مشيرا إلى أن لا أحد يطأ منزله إلى غاية انتهاء "الكابوس" على حدّ قوله، احترمنا خيار "الحاج علي" واكتفينا بالاتصال به هاتفيا، فبدى أنه يتعامل بحالة من الذعر مع الفيروس، يستقي المعلومات من الهام والعاجل بالقنوات المحلية والفضائية أو عبر الانترنت، مع تعقيم المنزل بشكل مستمر بالخلّ والجافيل، منع اللمس والعناق والتقبيل داخله والاكتفاء بالسؤال عن المحيطين به هاتفيا.


عزل ودعاء

الرعب الذي يعيشه الحاج علي جعله يعزل نفسه وزوجته وأبناءه، وأسرّ إلينا مازحا بأنه كان وراء نفاذ المواد الغذائية من الأسواق والمتسبّب في ارتفاع أسعار الخضر والفواكه وحتى الأدوية، التي اقتناها بكميات كبيرة تكفيه لبداية شهر ماي المقبل، تسمح له باتباع نظام غذائي صحي لرفع المناعة، وتفادي مضاعفات السكري الذي لازمه مؤخرا، ليبقى سبيله الوحيد بعد أن عزل نفسه وأسرته بداخل البيت الإكثار من الصلاة والدعاء كما أخبرنا.

هي حكايات فريدة من نوعها عن تدابير احترازية، إجراءات وإرشادات خاصة لجأ إليها كبار السن، منها من تماشت وإرشادات الأطباء بينها ارتداء القفازات والقناع الطبي، وتطهير النفس بالمعقمات بشكل مستمر، ومنها من ابتدعها بعضهم تحت شعار " اللي خاف اسلم"، ليبقى أجمل ما فيها لحظات يعيشها المسنون بين ذويهم محاطين بكلّ الرعاية والحبّ وان كانت بسؤال عن طريق " السكايب" او " الفيبر" أو استشارة عن بعد.. 

ربورتاج: سمية.م