رياض بوخدشة في أول حوار له بعد انتخابه رئيسا للمجلس الوطني للصحفيين الجزائريين :
"انتشار المدونين ووسائط التواصل الإجتماعي جعل أيّا كان يسمي نفسه صحفيا"
1 - نريد تحليلك للمشهد الإعلامي اليوم، وخاصة ظروف عمل الصحفيين؟
رغم الوفرة المالية التي تتوفر عليها الجزائر، أو على الأقل احتياطي الصرف الهائل الذي تمتعت به خزينة الدولة طيلة الـ 15 سنة الماضية، ورغم المبالغ المالية الضخمة التي استهلكها قطاع الصحافة، إنْ في إنشاء صحف أو خلال ما عرف بطرفة الانفجار الفضائي وظهور ما يزيد عن 20 قناة تلفزيونية خاصة، منذ قرار فتح مجال السمعي البصري في أفريل 2011، لم يتمكن الصحفيين بشكل خاص من وسائل وأدوات العمل الضرورية والمطلوبة في بلد بمستوى الجزائر وما يحيط بها من رهانات وتحديات تحتم عليه أن يؤسس لمنظومة إعلامية متكاملة وعالية الاحترافية.
لكن الذي حصل هو ظهور نسيج إعلامي بفلسفة تجارية بحتة، خال من أية قيمة مضافة للمجتمع الجزائري، وكان الصحفي باعتباره المحرك للعملية الإعلامية والاتصالية، ضحية النظرة الخاطئة للإعلام، فلم يستفيد مجموع الصحفيين من ميزانية القطاع، ورقم أعماله لا يتعدى الـ 03 في المائة في شكل أجور هزيلة جدا، ولم يتخطى المعدل الوطني لأجور الصحفيين الـ 35 ألف دينار.
ومعظم الصحفيين يمارسون مهنتهم في ظروف قاسية، كنقص وسائل العمل داخل قاعات التحرير، وأيضا صعوبة الوصول إلى أدوات العمل الحديثة، كالأنترنت، والسكن اللائق، زد على ذلك الضغوط المختلفة من طرف رؤساء العمل، وغياب تقييم موضوعي للجهد الفكري، الذي يبدله الصحفي، في ملأ مساحته داخل الصحيفة والمؤسسة الإعلامية عموما بسبب الصعوبات الكبيرة في الوصول إلى المعلومة، وتحديد مصدرها.
2 - كيف تنوي العمل مع النقابة لتحسين ظروف العمل؟
نهنئ بعضنا البعض أولا أن استطعنا أن نلتقي على حد أدنى من التفاهم والانسجام وتقاسم "الآلام" و"الآمال" أيضا، لقد تمكنا أولا بتيسير من الله، وثانيا بوقوف وتضامن الأغلبية الغالبة من نساء ورجال مهنتنا، وثالثا بفضل جهد سنوات من العمل والتضحيات، أن نعقد مؤتمرا وطنيا تأسيسيا لمنظمة نقابية في قطاع الاتصال، بترخيص رسمي، وقد اخترنا لهذا التنظيم اسم المجلس الوطني للصحفيين الجزائريين، للدلالة على انطلاقنا من فلسفة الحوار والجلوس مع بعضنا البعض وتنشيط جلسات النقاش المختلفة بين كل المتدخلين وسط العائلة الإعلامية، حتى يمكننا أولا تشخيص الداء، ومواطن العلة في الجسم الصحفي.
وبعد التشخيص الهادئ والدقيق، الذي سيسهم فيه أيضا خبراء ورجال قانون، سنقوم بصياغة أرضية مطالب مهنية واجتماعية، وتوصيات، تكون عناصر خطة الطريق التي سننتهجها في عملنا المطلبي، وفي قناعتنا يجب أن نكرس نمط عمل جماعي تشاركي، الكل فيه مسؤول، وحتى نقلل من هوامش الخطأ التي يمكن أن يقع فيها تنظيم أو مؤسسة مبنية على الشخص وعلى الاجتهاد الفردي.
فحتى الآن الإرادة بيننا كبيرة جدا، والبدائل والأفكار موجودة، فقط ننتظر استكمال ملف التأسيس القانوني، ونباشر عمل جاد وهادئ يتأسى بالتجارب الناجحة في العالم، ولا غالب فيه ولا مغلوب، فالكل مستفيد بالوصول إلى أنماط تسيير شفافة، تنافسية وشريفة.
3 - ما هي الأولويات العملية ومع من ستتفاوض وتتناقش نقابتكم؟
أولويات عملنا في المرحلة الأولى هي نزاعات العمل التي يذهب كثير من زملاء مهنتنا ضحية لها، سنعمل أولا بأسلوب الاتصال المباشر مع مدراء المؤسسات الإعلامية التي نسجل فيها حالات ظلم وتعسف، نقترح حلول، وفق القوانين المعمول بها، ونقترح حلول أخرى تراعي خصوصيات مهنة الصحافة، ونعرض تقارير وحصيلة رصدنا للمشكلات العالقة على الجهات الوصية في الدولة، ونلتمس تفعيل القوانين، وسن مزيد من القوانين التي تضمن كل الحماية الاجتماعية للصحفيين، بالموازاة سنفتح ملف الاحترافية، والتكوين، وتمثيل الصحفيين الجزائريين، والجزائر عموما في الهيئات الدولية المهتمة بأنشطة الصحافة والإعلام، والدفاع عن بلادنا في محافل الأمم وشغل مقاعد الصحفيين الجزائريين التي ظلت فارغة منذ سنوات في شتى المحافل الإقليمية والدولية.
وسنعقد داخل هيئة المداولات التي تضم أكثر من 70 صحفيا من مختلف أنواع الصحافة الموجودة في بلادنا، على إعداد أرضية مقترحات لمختلف المشكلات، كمشكل بطاقة الصحفي، والقانون الأساسي الخاص بالصحفي، وتشكيل سلطة ضبط الصحافة المكتوبة وتفعيل دور مجلس السمعي البصري وصولا إلى مشاكل الإعلام الرقمي أو ما يعرف بالصحافة الإلكترونية، التي تتسع وتنتشر ممارستها في ظل غياب قوانين تنظيمية
4 - كيف تقيم مستوى الاحترافية في ظل صحفيين يعرفون بأنفسهم بصفة "ناشط إعلامي"...هل يمكن للصحفي أن يكون ناشطا ؟
في ساحة الإعلام والاتصال يوجد "صحفي" و"كاتب" و"مدون"، والصحافة تعترف فقط بصحفي، فالصحفي يختلف عن الكاتب الذي يؤلف كتبا وقصصا وسيناريوهات أفلام، ويختلف عن المدوّن الذي يدلي بآراء ومواقف ومساهمات على وسائط التواصل الاجتماعي، وهنا نحيل جزء من الجواب إلى القانون العضوي المتعلق بالإعلام، والذي يعرف الصحفي في المضمون بأنه "الشخص الذي يسهر على جمع المعلومة ومعالجتها وتوزيعها أو بثها، على أن يكون هذا النشاط هو مصدر رزقه الأساسي".
والصحفي يتمتع بحس إعلامي يختلف عن باقي النشطاء في حقل الاتصال، فهو الأكثر تحريا للدقة في المعلومة والموضوعية في التحليل والإدلاء بالرأي، ويراعي المصلحة العامة ومبدأ الخدمة العمومية للإعلام.
ولذلك أستطيع أن أقول بأن الانتشار الواسع لوسائط التواصل الاجتماعي جعل الصحافة تفقد الكثير من مقومات احترافيتها، وفعلا أصبح يتسنى لأي شخص أن يقدم نفسه صحفيا، ولذلك فالصحفي ليس له إسما آخر غير اسم "صحفي"، والصحافة مهنة نبيلة ينبغي أن نعتز بها، ولا يجب أن تظل مرتعا للدخلاء، بل ينبغي أن يحكمها نظام تدريب وتأهيل وصقل مواهب وفقا لتشريعات ونظم وآليات عمل معينة.
5 - كم عدد الصحفيين في الجزائر، هل لديك أرقام دقيقة؟
في الحقيقة لا يوجد عدد دقيق، أولا لأن هناك من يدخل جديدا إلى المهنة وهناك أيضا من يغادرها، لكن بالعودة إلى البطاقية الوطنية لبطاقة الصحفي المحترف التي قامت بها وزارة الاتصال، أقول لك أن هذه البطاقية تضم 4600 صحفي، وإذا أخذنا في الحسبان أن نحو الـ 500 صحفي عبر التراب الوطني، لم يحصلوا على هذه البطاقة إما بسبب رفضهم لها أو بسبب وجودهم في حالة بطالة وعدم حيازتهم شهادة العمل المطلوبة في ملف بطاقة الصحفي، يمكن أن يصل عدد الصحفيين الحقيقيين بصرف النظر عن درجة احترافيتهم إلى 5000 صحفي.
6 - هل من تفكير في ظروف عمل المراسل المحلي؟
المراسل الصحفي هو في الأصل صحفي، وينطبق عليه ما ينطبق على الصحفي في قاعة التحرير المركزية، لكن الواقع يفرز نوعا من التمايز بين الصحفي المركزي والصحفي المراسل، وهذا ناتج عن غياب أدنى اهتمام بالإعلام الجواري، وذلك نحن في مكتب المجلس الوطني للصحفيين الجزائريين توجد أمانة المراسلين والإعلام الجواري، وقد بدأت تضع خططا للتكفل بانشغالات المراسل الصحفي، كما سنهتم أيضا بالمصور الصحفي، وصحفي "الكاريكاتير".
من هو رياض بوخدشة رئيس المجلس الوطني للصحفيين الجزائريين
رياض بوخدشة البالغ من العمر 45 سنة، هو صحفي، ومناضل نقابي في قطاع الإعلام.
تنقل طيلة مساره المهني، عبر عدة جرائد، تولى فيها رئاسة القسم الوطني والسياسي
أو منسقا للتحرير ومشرفا على موقعها الالكتروني.
تجربته في مجال الصحافة الالكترونية مكنته من إطلاق موقعه الاخباري ana.news.
هو واحد من المؤسسين للفدرالية الوطنية للصحفيين الجزائريين المنضوية تحت غطاء الاتحاد العام للعمال الجزائريين سنة 2008، وكان أهم الفاعلين في اطلاق مبادرة كرامة الصحفي الجزائري عام 2011.
تجربة 11 سنة من النضال في حقل الدفاع عن الحقوق المهنية والاجتماعية للصحفيين من سنة 2008 الى 2019، مكنته برفقة مجموعة من الزملاء من ارساء اللبنة الاولى للمجلس الوطني للصحفيين الجزائريين cnja وهي أول منظمة نقابية في قطاع الاتصال يشارك في تأسيسها 150 صحفيا من مختلف الأنواع الصحفية، ليتم انتخابه رئيسا لها، في المؤتمر التأسيسي المنعقد في الثاني من ماي 2019.
حاورته : جميلة بلقاسم