الحراك الإخباري - بن بيتور في حوار خاص للحراك الإخباري: الجيش ليس من مهامه التدخل في السياسة ولا حوار مع النظام
إعلان
إعلان

بن بيتور في حوار خاص للحراك الإخباري: الجيش ليس من مهامه التدخل في السياسة ولا حوار مع النظام

منذ 4 سنوات|حوار



رفض رئيس الحكومة السابق، أحمد بن بيتور، في حوار، خاص لموقع "الحراك الإخباري"، تبني نهج الحوار مع النظام الحالي المرفوض شعبيا للخروج من الأزمة الراهنة، مؤكدا لا حل سواء التفاوض بين ممثلي الحراك والسلطة الحالية حول آليات خروجها من الحكم.
الحراك الإخباري: بداية الأمور باتت تتجه نحو مزيد من الانسداد السياسي، كلما طال عمر الأزمة وتمسك السلطة بخياراتها، إلى أين تتجه الأمور بعد ستة أشهر من الحراك؟
بن بيتور: عند ننظر إلى حالة المجتمع اليوم، نلاحظ أنه كان يعيش خمسة أمراض، أولها، غياب الأخلاق الجماعية، ثانيا الفساد المعمم، ثالثا العنف الذي أصبح الوسيلة في فض النزاعات بين الأشخاص والدولة، رابعا منطق اللامبالاة في تسير شؤون البلد، واخير القادرية "الله غالب". اليوم بعد مرور ستة أشهر من عمر الحراك الشعبي الذي قضى على كل هذه الأمراض، وهذ نقطة تضاف إلى قوة الحراك لاسيما في مباركة كل المراقبين الدوليين لمستوى السلمية والتنظيم الذي لا يزال يطبع ويميز حراك الجزائريين. الحراك حقق نتيجة إيجابية جدا وهي تجاوزه لكل هذه الأمراض. فضلا عن ذلك، الحراك الشعبي، اليوم، حرر مؤسسات الدولة والإدارة من طرح الأبوية الذي ميز تسيير شؤون الجزائر لسنوات وتجاوز فكر التسلط المنتهج من طرف السلطة القائمة.
الحراك الشعبي: ما يلاحظ إصرار الحراك الشعبي على تغيير جذري للنظام قبل الذهاب للرئاسيات، مقابل تمسك السلطة بورقة طريقها للخروج من الأزمة، أي مآلات لهذ التصادم الحاصل؟
اليوم، توجد هناك قوتين في الساحة الوطنية، الحراك بمسيراته الشعبية المتواصلة والسلطة القائمة، التي تريد الذهاب إلى انتخابات بصفة سريعة تريد إسكات الحراك، وهذا أمر صعب تحقيقه وغير ممكن ابدا في هذا الظرف. النظام القائم ليس لديه هدف يستطيع الوصول إليه، لأن مسعى تنظيم الرئاسيات في أقرب الآجال غير ممكن في ظل المعطيات الراهنة والمألة تتطلب وقتا كبيرا لتنظيم مثل هكذا استحقاقات.
الحراك يطالب بالتغيير نظام الحكم بكامله وليس الاكتفاء بتغيير بعض الأشخاص، هذا يتطلب توازن في القوة، واليوم الحراك الشعبي يتجه في ترجيح كفة القوة لصالحه، وترجع زخم المسيرات مرده فقط إلى ارتفاع درجة الحرارة، لكن مع الدخول الاجتماعي المقبل في شهر سبتمبر القادم ستعود القوة للحراك، فعلى جماعة الحكم أن تفهم أنه من صالحهم التفاوض مع الحراك، حول طريقة تغيير نظام الحكم بكامله وليس الاكتفاء فقط بتغيير الأشخاص والاستماع بشكل جدي لمطالب الحراك، حتى يتم التوصل إلى طريقة متفق عليها لتغيير النظام.
الحراك الشعبي: أنت ترفض الحوار وترافع لطرح التفاوض مع النظام في المقابل هيئة كريم يونس التي باركتها الرئاسة تحشد للحوار لتجاوز الأزمة، هل الأمور لا تزال تدور في حلقة مفرغة؟
الجميع يتكلم عن الحوار من أجل تجاوز الأزمة السياسية الراهنة، وهنا يكمن الخلل، لأن الحوار اليوم لا يوجد له معنى، عن أي حوار يتكلمون، هل الحوار عن كيفية إحداث التغيير، أم عن كيفية الذهاب نحو مرحلة انتقالية، أنا أقول لا للحوار تحت سلطة ورثة النظام السابق، لأن القضية اليوم هي مسألة تفاوض مع السلطة ولا مكان للحوار فيها، حتى نتمكن من التوصل إلى التوافق حول آليات فعلية لتغيير النظام وعدم الاكتفاء فقد بتغيير الأشخاص.
السيد بن بيتور، ما هي قراءتك لتعدد المبادرات السياسية التي تعج بها الساحة الوطنية والتي تقوم كلها على آلية الحوار مع النظام؟
أنا لست ضد هذه المبادرات، يجب تركهم يعملون لدراسة كل الخيارات، لكن الظرف يتطلب وجود مجموعة من الأشخاص التي تشتغل على كل هذه المبادرات وتدرس جميع الأرضيات السياسية، حتى يتسنى لها في الأخير استخراج المشروع السياسي المثالي التوافقي الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى تغيير نظام الحكم بكامله، وعلى جميع أصحاب المبادرات العمل أساسا على دعم الحراك الشعبي وتقويته حتى يصبح يمتلك قوة تحقيق الأهداف، لأنه لا يجب أن ننسى أن الهدف الأساسي للحراك الشعبي هو تغيير منظومة الحكم بكل أركانها، لأن النظام السياسي الذي أوصل الجزائر إلى هذه الحالة الكارثية بعد كل الإمكانيات والموارد المالية الكبيرة التي كان يمتلكها البلد سابقا لا يجب أن يكون هو نفس النظام الذي يستطيع إخراج الجزائر من أزماتها.
 الحراك الإخباري: لماذا غاب بن بيتور عن المشاركة في كل المبادرات المطروحة في الساحة السياسية حتى الآن؟
أنا شخصيا أعمل دائما على مساندة والوقوف بجانب الحراك الشعبي إلى غاية تحقيق كامل مطالبه النبيلة، الظرف اليوم يتجاوز طرح الحوار مع النظام، حينما تصل السلطة الفعلية إلى قناعة وتفهم بأن التفاوض هو السبيل الوحيد والخيار الأنسب لتجاوز هذه الأزمة الراهنة والخروج منها، وقتها سأضع كل خبراتي لصالح الحراك الشعبي في التفاوض، لأنني شاركت في الكثير من جولات التفاوض حول مسائل مختلفة على المستوى الدولي، وسأعمل أيضا على التواجد بجانب ممثلي الحراك إذا طلب مني ذلك طبعا.
الحراك الشعبي: ماهي قراءتك للخطابات المتكررة لقيادة المؤسسة العسكرية الخاصة والمحددة لكيفيات التعاطي مع تشعبات الأزمة السياسية الراهنة والمعقدة التي تتخبط فيها الجزائر؟
 الجيش الوطني الشعبي مؤسسة سيادية لها مهام دستورية واضحة المعالم، ولا توجد في وظائفها ودائرة تخصصها مهام سياسية، وبالتالي الشيء الذي نطالب به المؤسسة العسكرية هو عدم التدخل في الشؤون السياسية للبلد ويضع نفسه فقط حيز مهامه الأساسية المتمثلة في الحفاظ على الوطن وحماية الحدود والأمن والاستقرار، بينما الحالة السياسية يجب تركها لمؤسسات الجمهورية الأخرى، وذلك تفاديا للوقوع في مشاكل لا علاقة لها بمهام الجيش، ونحن نقول لهم للجزائر قيادة جاء بها الدستور بعد رحيل الرئيس السابق، ويجب ترك هذه القيادة هي من تتكفل بالعمل السياسي.
المتتبع لمجريات الأحداث وإفرازات الأزمة السياسية، يلاحظ أن النخبة اليوم سقطت في مستنقع التخوين وشيطنة الأشخاص، هل باتت النخب في الجزائر ليست بحجم التحديات المنوطة بها؟
النخبة اليوم مطالبة بالوقوف إلى جانب الحراك والعمل على تأييده، لأن الخبة لا تنحصر في كونك حاصل على شهادة الدكتوراه، وإنما في امتلاكك للمعارف العلمية والمكتسبات المعرفية والعلمية الخاصة التي من شأنها أن تصنع الفارق وتساهم في إيجاد الحلول للخروج من الأزمة، وبالتالي فإن دور النخب ومختلف الفواعل السياسية والمدنية يكمن في مساندة الحراك الشعبي نحو تحقيق أهدافه المنشودة، والابتعاد كليا عن تسويق سياسة التخوين التي لا تخدم مصلحة البلد في هذه المرحلة المفصلية.
الحراك الإخباري: هناك من المختصين والخبراء يقولون بأن استمرار الحراك الشعبي، كانت له تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني، ماهي رؤيتكم أنتم لمثل هذه القراءات؟
هذه قراءات تحمل في طياتها مغالطات لا يجب تسويقها للجزائريين، ومخطأ من يقوم بتغليط الرأي العام بأن الحراك هو سبب تكسير الاقتصاد الوطني، لأن الجزائر لها اقتصاد مبني أساسا على تصدير المحروقات، ومنذ سنة 2006 بدأنا نعيش إرهاصات الأزمة، أمام استمرار انخفاض حجم تصدير المواد الطاقوية وحتى في الإنتاج أيضا، والارتفاع المسجل في الطلب الداخلي، فمثلا مداخيل تصدير محروقات كانت في 2013 تقدر بـ 63 مليار دولار، مقابل 27 مليار دولار في 2016. وبالتالي المشاكل الاقتصادية ليست لها علاقة بالحراك الشعبي، وإنما المسألة متعلقة بالمطلق بسوء التسيير وغياب الحكامة، والخاصة بتركة مسيرة لنظام سياسي عمر في الحكم أكثر من عشريتين.

الحراك الشعبي: كسؤال أخير، هل يفكر السيد بن بيتور، في الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة؟
بكل صراحة، أقول وأكرر لست مهتما بالكامل في هذا الظرف بالترشح للرئاسيات القادمة، أكثر من أنا مهتم بالمساهمة في اخراج بلدي من مشاكله الحالية، لكن إذا تحسنت الأمور في المرحلة القادمة، وتغيرت إلى ما يطمح إليه الحراك الشعبي، من تأسيس إطار قانوني يصون الإرادة الشعبية ويجعل كلمة الصندوق هي الفصل، فأنا سأكون على استعداد لخدمة الجزائر والمساهمة في إخراجها من الأزمة، إذا اقتضت الضرورة ذلك، وطلب مني أن أترشح.
حاوره: سليم صاولي

تاريخ Aug 4, 2019