بقلم سهيلة باتو
صحفية و سينمائية
خلال مقابلةٍ أجريتها معه، استعاد محمد الأخضر حمينة، بفخرٍ هادئ لا يخلو من مرارة، تلك اللحظة الفريدة في تاريخ السينما العربية:
«متى فزنا بالسعفة الذهبية؟ عام 1975. كانت الجزائر بخير آنذاك. كنّا واقفين، ننظر إلى العالم في عينيه. وأنا فخور بذلك. أنا العربي الوحيد، والإفريقي الوحيد، الذي نال هذه السعفة. وأقولها دون غرور: أتمنى أن يفوز بها جزائري آخر، سواء كنتُ أنا أم غيري.»
ثم، بصوتٍ أكثر حزنًا:
«لستُ قوميًا — لأن القوميين لا مستقبل لهم. لكنني وطنيّ. وطنيٌّ حقيقي. وأتمنى، من أعماقي، أن تعود هذه الجائزة يومًا إلى الجزائر.»
يتوقّف لحظة، ثم يتحدّث عن ما حدث بعد الفوز:
«في اليوم التالي للسعفة... أُهنت، وشُتِمت، وسُحِبت إلى الوحل. بدافع الغيرة، والحسد.»
قاطعته بسذاجة:
— من نقّاد السينما آنذاك؟
لم يُجب. نظر إليّ بصمت، لحظةً. ربما حتى لا يجرحني، أو لأن سؤالي فضح جهلي بحجم العنف الرمزي الذي تعرّض له. أو لأنه يدرك أن المسألة أعمق. أوسع. كانت جرحًا في الكبرياء الوطني، ورفضًا للاعتراف، وانتصارًا كان ثقيلًا على البعض.
محمد الأخضر حمينة لم يحتفظ أبدًا بالسعفة الذهبية. على عكس كلّ من توّجوا بها في "كان"، هو اختار أن يتخلى عنها. يروي تلك اللحظة بوقار، كأنها عهدٌ قُطع:
«حين عدتُ من أوروبا، ذهبتُ لرؤية الرئيس بومدين. سلّمته السعفة. تعلم؟ لا يوجد مخرج في العالم لا يحتفظ بسعفته. لكنني أردتُ أن أعيدها. لم أفز بها من أجلي.»
قاطعته، مندهشًا:
— احكِ لي عن تلك اللحظة. كيف كانت ردة فعل الرئيس؟
صمتَ قليلًا. عاد إلى المشهد. صوته أصبح أبطأ.
«قلت: "سي بومدين، أنت رئيس الدولة. أي أنك تمثل الشعب الجزائري. هاهي، أرسلتني أركض مئة متر. أتممتُ المهمة. هذه السعفة تعود للشعب الجزائري." وقدّمتها له، كما يُقدَّم محفظةٌ ثمينة بكلتا اليدين.»
خفض عينيه قليلًا، وقد غمره التأثر.
«لو كنتُ مغرورًا، لقلت إنها لي. لكنني ما كنتُ لأفعل شيئًا دون حبّ أبي، وأمي، وجدتي...» توقّف، والدموع تملأ عينيه.
«ولا دون أولئك الأبطال الجزائريين الذين ضحّوا بحياتهم ليكون لهذا الوطن حرّيته. لذا، كان طبيعيًا، وبديهيًا، أن تعود هذه السعفة للجزائر. عبر رئيسها. وكنتُ فخورًا، وممتنًّا، أن أتمكن من تقديمها له.»
سألته بلطف:
— وكيف كانت ردة فعله؟ كيف استقبلك؟
ابتسم المخرج ابتسامة خفيفة:
«الله يرحمو. كان بومدين متأثرًا جدًا. أخذ السعفة، نظر إليها طويلًا... ثم نظر إليّ مباشرة، في عيني، وقال: "تعرضتَ لكلّ تلك الإهانات... من أجلها."»
وردّ عليه حمينة، مبتسمًا ابتسامة ودودة:
«معليش... بسيطة.»
ثم ختم، بنبرة أعمق، كأنه يقدّم خلاصة رحلته:
«كتبتُ في نصي الجديد: الرجال مثل القبائل. يأتون ويذهبون. وجودهم مرهون بحساسيتهم، وعاطفتهم، وشغفهم. بشغفهم، وبوطنهم... هنا نعرف معادن الرجال. هذا كل شيء.»
ثم انتصبت قامته قليلًا، ونبرته أصبحت أكثر اعتزازًا، كأنه يخاطب جمهورًا خفيًا:
«أهلًا وسهلًا، ها هي السعفة الذهبية. كُلّفتُ بمهمة. وقد أنجزتها. المهمة... ها هي.»
وأشار إلى الفراغ، أو إلى الأمواج خلفه، في تلك الزاوية من شرفة مهرجان "كان"، في ذلك اليوم من أيار 1999 حين التقينا. ثبت بصره في نقطة بعيدة، كأنه ما زال يرى بريق السعفة، كأن البحر يعيدها إليه.
ثم، فجأة، رفع إصبعه — بحركة حادّة، رسمية — ليؤكّد أهمية ما سيقوله:
«وقلت له — لن أنسى ذلك أبدًا — قلت لسي بومدين: "تعرف؟ ربما بعد عام أو عامين، سينالها جزائريّ آخر."»
توقّف قليلاً. ثم أضاف، بوضوح لا يخلو من نبوءة:
«أجبته: لن يحدث أبدًا. كما يسير العالم العربي، كما تنحرف الأمور...»