الحراك الإخباري - قتل الأحياء وتطليق المتزوجين ...أخطاء الحالة المدنية وكذبة الرقمنة التي استهلكت الملايير
إعلان
إعلان

قتل الأحياء وتطليق المتزوجين ...أخطاء الحالة المدنية وكذبة الرقمنة التي استهلكت الملايير

منذ 4 سنوات|روبرتاج

استخراج وثيقة رسمية من البلدية عمل روتيني، لا يستغرق أكثر من خمس قائق، خاصة في زمن رقمنه أرشيف الحالة المدنية، الذي صرفت عليه الدولة الملايير، لكنه كثيرا ما يتسبب في مشاكل للمواطنين، تحوّل حياتهم إلى كابوس، بسبب الكوارث والأخطاء المتكررة في الوثائق المستخرجة.
فقد تضطرك أخطاء يرتكبها موظف البلدية بسبب لامبالاته إلى الركض خلف المكاتب، ودخول أروقة المحاكم، من أجل تصحيح الإسم أو اللقب أو وضعية عائلية.
الدخول إلى أي قاعة من قاعات الحالة المدنية يضعك أمام مشاهد متكررة ومتشابهة قاعات مكتظة عن آخرها وطوابير لها أول وليس لها آخر.
عليك الإنتظار أكثر من ساعة ليصل دورك في الطابور، خاصة إذا فاتك أت تصل قبل الثامنة صباحا.، وعندما يصل دورك في الشباك، عليك أن تواجه لامبالاة الموظفة أو الموظف الجالس أمام جهاز الحاسوب، فقد تقوم من مكانها دون سابق إنذار وتغادر إلى مكتب أو جهة أخرى تاركة من في الطابور ينتظرون. وبعد زمن قد يطول أو يقصر، يعود الموظف ويسألك عن مرادك، تعطيه الدفتر العائلي.. من فضلك شهادة ميلاد أصلية، تسمع صوت الحاسوب وهو يتقيئ الوثيقة، يمدّها إليك تتأملها أنت وبعجب تقول.. يا سيدي لقبي لا يُكتب بهذه الطريقة، ترتسم علامات الحنق والإنزعاج على وجه الموظف ويخاطبك غاضبا.. كيف لا بل يكتب هكذا الحاسوب يقول هذا؟؟ ولكنك تصرّ أنّه منذ قرون وأجدادك يكتبون إسمهم هكذا.... بعد مناقشة يائسة يمدّك بالوثيقة ويوجهك لتذهب إلى شباك آخر...الموظف غير موجود الآن، فقد غادر إلى قاعة الأرشيف ليتأكد من أسماء وتواريخ الميلاد لأشخاص آخرين يتواجدون خلف الشباك...يعود بعد زمن امتد لساعة وينادي على الأسماء. تنظر خلفك وإذا بنصف الطابور الذي كان عند الشباك السابق قد انتقل إلى هنا. الموظف المسكين الذي يقضي نهاره "طالع نازل" من وإلى الطابق العلوي يقوم بتدقيق معلومات الوثائق، في الحقيقة كان عمله جهد إضافي، ووقت ضائع من أعمار الناس وأموال مهدورة من خزينة البلد، لأنه كان يقوم بتكرار العمل الذي قام به الحاسوب وصرفت عليه الدولة الملايير، من أجل إدخال بيانات الأشخاص في النظام الآلي.
فما فائدة أن نقوم برقمنة الوثائق إذا كنا سنلجأ من جديد إلى الأرشيف لنعيد تصحيح ما كُتب؟
كثيرة هي أخطاء الحالة المدنية التي لا تحدث إلا في الجزائر، فقد يأتي أحدهم لاستخراج شهادة ميلاد لابنته لكن إرادة الموظف قد تحوّلها إلى ذكر وقد يحدث العكس، كما قد تجد نفسك متزوجا رغما عنك أو مطلقا بدون إرادتك، أو حتى مقيّد في سجل الوفيات وأنت حيّ ترزق.
 البعض يلقي باللائمة على موظفي الحالة المدنية بضعف المستوى وعدم الكفاءة، والتعريب، فأرشيف الإدارة كله بالفرنسية وتعريبه بصفة ارتجالية أوقع العاملين فيه في أخطاء كبيرة، خاصة ما تعلق منها بأسماء الأشخاص والإعلام والأماكن التي تترجم عادة ترجمة حرفية من الفرنسية إلى العربية.
موظفو الحالة المدنية - من جهتهم - يروون أن هذا إجحاف كبير في حقهم، فحجم الضغط اليومي الذي يعترضون له - يقول أحد القابعين خلف الشباك - لا يمكن تصوره.. "نستخرج عشرات بل مئات الوثائق في اليوم الواحد ونتلقى السباب والشتائم مضطرين لتحمّل غضب وظروف الناس، لكن أحيانا يطفح الكيل، لسنا مسؤولين على كوارث الإدارة".
أضاف أحدهم مدعما كلام زميله ”نحاول تقديم كل ما نستطيع من أجل الوفاء بالتزاماتنا تجاه الناس، لكن في أحيان كثيرة يتجاوزنا الأمر والظروف، فهل يمكن مثلا أن نتصور أن موظفا واحد يمكنه أن يقضي كامل يومه "رايح جاي" بين الأروقة وقاعات الأرشيف يقلّب ويدقّق دون أن يخطئ أو يغضب ويثور ، هل هو روبوت؟
المشاكل التي يعيشها المواطن يوميا بين أروقة البلديات وأقسام الحالة المدنية بسبب الأخطاء المتكررة في وثائق الحالة المدنية تضع نظام الرقمنة والملايير التي صرفت عليها على المحك، فالأصل في رقمنة الأرشيف هو تسهيل الخدمة للمواطن لكن للأسف أصبح هذا الأمر حملا ثقيلا وعبئ مزدوج على كاهل المواطن وخزنية الدولة.

نعيمة . م

تاريخ Mar 2, 2020