الحراك الإخباري - الدكتورة سامية جباري لـ " الحراك الإخباري": أطفالنا مذعورون من "كورونا" وعلى الأولياء احتواؤهم
إعلان
إعلان

الدكتورة سامية جباري لـ " الحراك الإخباري": أطفالنا مذعورون من "كورونا" وعلى الأولياء احتواؤهم

منذ 3 سنوات|حوار


قدّمت الدكتورة سامية جباري، أستاذة بكلية العلوم الإسلامية، وصاحبة قناة تعنى بشؤون الأسرة على " اليوتوب"، في حوارها لـ " الحراك الإخباري"، مفاتيح تعين الأولياء على فتح آفاق جديدة لأبنائهم خلال حجرهم المنزلي، من شأنها تحويله إلى بيئة معزّزة بـ"الحب والتعاون" وفترة لـ"استدراك النقائص" تحسّبا لانطلاقة جديدة بأفكار نوعية، ودعت لاستثمار هذا الوقت في تطبيق برامج عائلية ذات مفعول ايجابي على الأبناء تحسّن لديهم الآفاق في المستقبل.

حاورتها: سمية.م

 ▪في البداية، مالخطوة الأولى التي يتعيّن على الأولياء فعلها اتجاه أطفالهم، بعد أن فرض الحجر المنزلي بقاءهم معا في البيت، لتفادي تفشي فيروس كورونا؟

  ▪▪على الأولياء أن يدركوا جيّدا أننا في فترة خاصة وظرف استثنائي، يتعيّن عليهم توعية أطفالهم بوجوده، فإن كان التفشّي السريع للجائحة العالمية وما صاحبها من إشاعات ومخاوف، يترك آثارا نفسية بالغة الصعوبة على كبار السنّ، فما بالنا بالصّغار في غياب المرافق، فمن العائلات من لا تعطي أهميّة لتوعية الأطفال بما يحدث حولهم، خطأ اعتبار الأطفال لا يفقهون ما يجري في محيطهم، والأخطر عدم توجيههم في وقت هم بحاجة للسند ومن يأخذ بأيديهم، على الأولياء تحمّل مسؤوليتهم في الأخذ بأيدي أطفالهم.

 ▪ على ذكرك للمسؤوليات، هلا حدّدتها لنا، وهل هي في نظرك مشتركة بين الوالدين اتّجاه أطفالهما في هذا الظرف الحسّاس؟

▪▪ونحن نعيش ظرفا استثنائيا لا بدّ من إتّباع مناهج خاصة، وهنا لا بدّ من السّير وفق إطارين، أوّلهما ضرورة تحديد مسؤولياتنا أمام الخوف من التعامل في ضلّ هذا الوباء، وثانيهما كيفية التعامل مع الخوف في حدّ ذاته، إذ يتعيّن على الأسر التحلّي بقدر من الوعي بالنسبة للمسؤوليات المنصبّة على عاتقها في الظرف الحالي، على النفس، اتجاه العائلة، مع المجتمع ومع الوطن.

المسؤولية مع النفس حدّدها الله تعالى في قوله " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"، وقوله " ولا تلقوا بأيديكم إِلَى التَّهْلُكَةِ"، وبالتالي لا بدّ على كلا من الأب أو الأم أن يتعاملا كفرد داخل العائلة بما يحفظ له نفسه، واعتبار وجوده في الحجر المنزلي الوسيلة الأسلم له ولأبنائه.

وبخصوص المسؤولية مع العائلة، فللأب والأم دور كبير في حماية أبنائهما من الوقوع في كلّ ما يجرّهم إلى التّهلكة، ومنها العدوى نتيجة انتشار الفيروس القاتل، مسؤوليتهما مشتركة وواضحة المعالم عملا بقوله تعالى " "قوا أنفسكم وأهليكم .."...

 ▪ حالة كبيرة من الذعر داخل الأسر بسبب وباء كورونا، العديد يهمل تأثيرها السلبي على الأطفال؟ مالنصيحة التي توجّهينها للأولياء لحماية أطفالهم؟

 ▪▪الاهتمام بالصحة النفسية أمر بالغ الأهمية في زمن كورونا، وهنا أتطرق إلى ضرورة تعزيز البيئة بالحبّ، باعتبارها خطوة جدّ مهمّة، بدءا من تفادي تضخيم الأخبار المرتبطة بالوباء، والحرص على تقوية علاقة روحية ونفسية مع الأبناء، فالعديد من الأطفال مصدومين من أرقام الموتى والمصابين بالفيروس الذي يجهلون عنه الكثير، وهو ما يحتّم على الأولياء إبعادهم عن هذا الإطار بإعطائهم الجانب الايجابي في الموضوع وشغل أوقاتهم فيما يفيد.

إطلاع الطفل على تصاعد أعداد الإصابات أو القتلى لا يفيده في شيء، بل سيشعره بالقلق والتوتّر، لأنه لا يملك المعلومة الكافية وليس بوسعه فعل أيّ شيء، هو لا يعي معنى كورونا أو فيروس أو وباء وغيرها، كما أن تجنيبه المعلومات المغلوطة خلال هذه المرحلة، مهم في تكوين أفكاره واستقرار نفسيته.

 ▪العديد من الأولياء يجدون صعوبة كبيرة في إقناع أطفالهم بضرورة البقاء في البيوت، برأيك إلى ماذا يرجع السبب؟

▪▪العديد من الأولياء لم يعوّدوا أبناءهم في الأيام العادية،على استثمار أوقاتهم بداخل البيت، للأسف القوا بمسؤولياتهم في ذلك عرض الحائط، أولياء يدفعون بأبنائهم إلى قضاء أوقات فراغهم في الشارع دون وعي منهم، مع إغفالهم لأهمية قضاء أوقات طويلة مع أبنائهم، فالأولياء الذين وجدوا صعوبة في إقناع أطفالهم بالبقاء في الحجر المنزلي، ذاتهم من لم يعلّموهم فوائد استثمار وقت الفراغ داخل البيت ولم يمنحوهم طرق تربوية في ذلك.

أشير هنا إلى ضرورة تفهّم الأولياء لتصرّفات أبنائهم التي قد تتّسم خلال هذه الفترة بالقلق، الضجر، الاضطراب، الملل وفقدان المتعة، وبأنها "عادية جدا" بسبب تغيير روتين الحياة اليومية.

 ▪تتساءل الكثير من الأمهات عن الطريقة المثلى لتوعية الطفل بمخاطر الفيروس وتطبيق الإجراءات الوقائية عليه؟

▪▪على الآباء والأمهات تعريف أطفالهم، كلّ حسب سنّه وقدرة استيعابه بفيروس كورونا المستجد كوفيد 19، والأولى أن يكونوا هم على دراية تامة ويحوزون المعلومة الصحيحة لنقلها بأمانة إلى فلذات أكبادهم وشرح كيفية الوقاية، إلى جانب عدم المبالغة في الخوف من تفشي الوباء أمام الأطفال، مع الحرص على تجنيبهم رؤية المشاهد الصادمة وتبسيط المعلومة كأن يقال له أن الفيروس عبارة عن كائن لا يرى بالعين المجرّدة وبإمكانه إحداث مشاكل صحية يستطيع الأطباء التغلّب عليها، وبهذه الطريقة يستطيع أبناءنا التأقلم مع الوضع بلا خوف ويمنحهم الشعور بالرضا والطمأنينة.

 ▪ ماذا تقترحين على الأولياء فعله لتحويل الحجر الصحّي لنقطة انطلاق جديدة تعزّز قدرات أطفالهم بعد انقضاء فترته؟

 ▪▪الإبقاء على الأبناء في الحجر المنزلي، يحتّم على الأولياء إيجاد بدائل للبرامج غير الهادفة بأخرى هادفة، مع استغلال فرصة بقائهم في البيت لمنحهم الدفء العائلي الذي حرم منه البعض خلال أوقات عمل الأولياء، بالتعوّد على الجلوس إليهم ومشاركتهم ألعابهم وأنشطتهم، بما سيمنحهم قدرة أكبر على التفاعل الاجتماعي ويعزّز مهاراتهم وقدراتهم وينمّي ذكاءهم.

المحافظة على الصحّة النفسية لأبنائنا، كما أسلفت، مسؤولية مشتركة بين الأمهات والآباء، ومهمة جدا لتحقيق توازنهم الداخلي، ومن ذلك تعويض لعبهم خارج أسوار البيت بنشاطات عائلية، يشرك فيها جميع أفراد الأسرة، تتخللها دروس تربوية لتلقين الأبناء إرشادات الوقاية من الفيروس الذي لا يتوفر حاليا لقاحا ضدّه، وضرورة التقيّد بالإجراءات الصحية على غرار استعمال الكمامة والقفازات لتفادي الإصابة، غسل اليدين بانتظام بالماء والصابون أو المعقمات الكحولية، تجنب لمس العين أو الأنف أو الفم..، ونصائح تربوية كالعطس في منديل أو الكم، ترك الحذاء عند مدخل البيت في حال تحتّم على الأبناء الخروج في الأوقات المسموحة.

 ▪وكيف يمكنهم جعل أطفالهم يقضون أوقاتهم في أشياء مفيدة ودون ملل بعيدا عن أخطار الإدمان على الأجهزة الإلكترونية؟

▪▪لتفادي تسرّب الملل والخوف والتعب والغضب والتوتر بجميع أنواع، نتيجة لأسباب سابقة الذكر، على الأولياء توجيه أطفالهم إلى تصفح المواقع التربوية المفيدة أو المشاركة في دورات تنمية المهارات الخاصة بالصغار، ومنها الحساب الذهني السوروبان لما له من أهمية في تأكيد ثقة الطفل بنفسه، يعلّمه الصبر ويدفعه لجعل التركيز والدقة في الإجابة أساسه في الحياة.

فالطفل الذي كان يقضي وقتا طويلا في اللعب بالألعاب الالكترونية والإبحار في التطبيقات الرقمية، يمكن توجيهه إلى تصفّح المكتبة الالكترونية وقراءة قصّة تربوية مفيدة أو الكتب المصوّرة، مع تبنّي أفكار عملية لتشجيعه على ذلك كتخصيص مكافأة له، أو أكلة محبّبة لديه يراعى فيها النظام الغذائي الصحّي، والاستماع لتلخيصه في جوّ عائلي يسوده الحبّ والتعاون ويعزّزه التواصل الداخلي الذي فقدناه خارج البيت وخارج فترة الوباء.

الوقوف عند محطات من السيرة النبوية وإقامة مسابقات لحفظ القرآن بين الإخوة في المنزل، من أعظم وأجلّ الأمور التي يتعيّن على الأولياء الحرص عليها، إلى جانب أدائهم واجباتهم المدرسية ومراجعة الدروس المقرّرة، وفي ذلك أيضا تعويد الأطفال على إعطاء كلّ شيء حقّه، على أن يوجّه الطفل بعدها لممارسة هوايته المفضّلة كالرسم والموسيقى وغيرها، دون إغفال أهمية الصلاة جماعة.

 ▪كلمة أخيرة:

▪▪الحجر المنزلي فرصة عظيمة ليستدرك الأولياء النقائص في تربية الأبناء، وفق برنامج مبني على تخطيط محكم من قبل الآباء والأمهات، لإعادة إحياء الأسرة من جديد، وبذلك تحويل الحجر إلى نعمة، وأذكّر هنا أنه يستوجب عليهم شكر الله على نعمة البقاء في البيت، التي تمكّنهم من إيصال مفاهيم راقية لأبنائهم وتوطيد العلاقات الأسرية، وبناء الأسرة على الحب فيما كانت مبنية على الانعزال، الحرية التامّة وعدم تفهّم أحد لرغبات الآخر، وبذلك ترجع الأسرة السليمة ونستعيد قيمنا في بيئة سليمة.