الحراك الإخباري - الدكتورة وسيلة خلفي تبحث: نظرية الاستقرار في الفقه الإسلامي
إعلان
إعلان

الدكتورة وسيلة خلفي تبحث: نظرية الاستقرار في الفقه الإسلامي

منذ 3 سنوات|قراءة في كتاب

أصل هذا الكتاب أطروحة دكتوراه نالت بها الباحثة الجزائرية، وسيلة خلفي، شهادة الدكتوراه في العلوم الإسلامية، من كليّة العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر، ضمن تخصص أصول الفقه سنة 2010م بدرجة مشرّف جدّا.

 وقالت الباحثة في مقدمة عملها المميز إن علم الفقه و أصوله كان و لا يزال من أهمّ تلك العلوم، التي نشأت لتُلبي الحاجة لمعرفة الحلال والحرام. ثم ظلت مسائل هذا العلم تزداد و المصنّفات فيه تتوالى مع الزمن حتى غدا اليوم من أخصب حقول البحث العلمي المعاصر سواءً كان البحث يبتغي إضافة الجديد من خلال القضايا الفقهيّة المعاصرة، أو إعادة قراءة القديم من أجل اكتشاف تلك المضامين العلميّة والفوائد المنهجيّة التي لا يمكن التّوصل إليها إلا بعد مدّة من التّطور والتراكم المعرفي الذي يحقق اكتمال الصورة واجتماع أجزائها.
فقد أدّى التّراكم المعرفي في الفقه الإسلامي، تضيف المؤلفة، إلى نشأة علم القواعد الفقهيّة، وفن الأشباه والنّظائر، وفن الفروق الفقهيّة، كما مهّد علم أصول الفقه ومباحث القياس تحديدًا، لنشأة علم المقاصد الشرعيّة. بما أتاحه من قواعد ساعدت على مجاوزة الألفاظ إلى المعاني، و المنطوق إلى المسكوت.

أما اليوم وقد تجمّعت لدينا في هذا الحقل آلاف الفروع الفقهيّة مصنّفة بحسب المذاهب ومئات القواعد الفقهيّة كذلك. وما يربو عن ذلك من القواعد الأصوليّة، فقد مهّد كل ذلك لنشأة النّظريات الفقهيّة و الأصوليّة.

 وإذا كان التفريع والتخريج والتقعيد قد لبى حاجة المعرفة ولا يزال فإن التّنظير اليوم يحظى بأولويّة الجهد العلمّي لدى علماء الشّريعة المعاصرين. كما هو الحال في كتابات الدكتور عبد الرّزاق السنهوري والشّيخ محمد أبو زهرة، والشّيخ مصطفى الزّرقا. وغيرهم من جيل الباحثين الذين أثروا المكتبة الإسلامية بدراسات جادّة لنظريات مختلفة في مجال الفقه الإسلامي وأصوله.

 أهمية البحث ومنهجيته

وضمن سيّاق البحث في موضوع النظريات تأتي هذه الدراسة بعنوان"نظرية الاستقرار في الفقه الإسلامي"، وقد بدت أهميته للمؤلفة منذ أن اختارت تسجيله في قسم الشّريعة بكلية العلوم الإسلامية، جامعة الجزائر، وما فتئت تلك الأهميّة تتعمّق و تأخذ أبعادًا جديدة منذ شروعها في جمع المادة العلميّة وإلى غايّة إنهاء بحثها، ويمكن حصر تلك الأهمية في فائدتين، أولاهما منهجيّة والأخرى موضوعيّة.

     -أمّا الفائدة المنهجيّة: فتظهر في منهج عرض النّظريّة. وكيف تدرّج من مرحلة تحديد اسمها ومسمّاها، وضبط فكرتها الأساسيّة، ثمّ تحديد المظانّ التي يُفترض وجود مفرداتها فيها. ثمّ جمعها والبحث في تأصيلها و التّدليل لها وبعدها الانتقال إلى بناء النّظرية وترتيب مفرداتها و تحرير فقراتها ومسائلها.
إن هذا العمل إضافة منهجيّة جديدة في الدراسات الشّرعيّة المعاصرة ليس له نظير في كتابات القدماء من الأصوليين والفقهاء، وإن كان له أصل، وهو منهج ابتكره المعاصرون، وعرضوا من خلاله مسائل قديمة اكتمل بحثها موضوعيًا عند المتقدّمين. كما هو الحال في نظريّة العقد ونظريّة الملكيّة ونظريّة الدِّلالة، و غيرها.
وهذا المنهج ليس مجرّد جمع وإعادة ترتيب، و إنّما هو خطوة منهجيّة مهمّة تساعد على تقريب الموضوعات التّراثيّة القديمة إلى ذهن مُتلقِي المعارف الإنسانيّة في واقعنا المعاصر، كما تمهّد لمختلف الدّراسات المقارنة بين الشّريعة وميادين علميّة أخرى من خلال ما تعرضه من نظريات أصوليّة وفقهيّة تكشف عن تلك التصوّرات الكليّة المبثوثة في علوم الشريعة وتمهّد بذلك لمختلف الدراسات المقارنة.
      -أما الفائدة الموضوعيّة: فتظهر في فكرة الاستقرار ذاتها، ومدى تأثيرها في مسائل أصوليّة وقضايا فقهيّة متعدّدة، فقد كان تشوّف الأصوليين لمعنى الاستقرار باعثًا لهم على الخوض في مسائل دقيقة، سواءً في باب الأدلّة أو في مناهج الاستدلال، لأجل وضع القانون الضابط الذي يمنع اختلال الأحكام و اضطرابها على وجه يُذهب أبّهة الشّريعة كما يقول الإمام أبو المعالي الجويني.
 وتُعتبر فكرة الاستقرار باعثا للفقهاء على تناول مسائل عديدة، الغرض منها هو ضبط كيفية تنزيل الأحكام على تصرفات المكلّفين، حتى تجري على استقامة مهما تغيّر الزمان والمكان وتبدّلت المصالح، فكان نظر الفقهاء في كيفية ضبط ذلك من خلال قواعد تعصم أحكام الشّريعة العمليّة من الفوضى والاضطراب، خاصة في باب المعاملات وقضايا تبادل الأموال والمنافع، لأنها مظنّة النّزاع. لقد كان تشوّفهم لاستقرار الأحكام هو الباعث على وضع قواعد ضابطة لعمل القضاة حتى يمكن فضّ المنازعات و المحافظة على الحقوق.
إن فكرة الاستقرار منبثّة في عشرات المسائل الأصوليّة والفقهيّة، وجمعها من مظانّها، وإظهارها في قالب النّظريّة يساعد على فهم أسرار الشّريعة، ويكشف عن معقوليّة الأحكام التي خاطبنا الشّارع بها.
إنّ نظريّة الاستقرار تُفسِّر اعتناء علماء الشّريعة بكثير من المسائل التي قد تبدو خارج سياق النّظريّة شتاتا، وفوائد منثورة في غير نظام، ما يقلّل من الاستفادة منها.
سلكت الباحثة وسيلة خلفي لإنجاز عملها المعرفي مناهج تناسب طبيعية الموضوع وهي المنهج الاستقرائي والمنهج الوصفي التحليلي والمنهج المقارن.
أما الاستقرائي، فلتتبع المظانّ الأصوليّة والفقهيّة التي بدا لها وجود معنى الاستقرار فيها، وكذا في المسائل التفصيليّة لتتبع الآراء والأدلّة في مختلف المذاهب، وقد استعملت لذلك المنهج الوصفي حتى يتسنى لها عرض التّعريفات المختلفة، والأقوال والآراء والتّرجيحات، لأجل بيان محلّ الشّاهد فيها على المسألة التي أريد التّأصيل لها. أما المنهج المقارن فقد استعملته المؤلفة لمقارنة الآراء المختلفة و بيان وجوه الاتفاق و الاختلاف بينها حتى أتمكن من الاستدلال لموضوع النّظريّة .

خطة البحث 

رسمت المؤلفة لإنجاز هذا البحث خطة من فصل تمهيدي وثلاثة أبواب، قسمت كل باب إلى فصول، ثم الفصل إلى مباحث والمبحث إلى مطالب ثم فروع وذلك على النّحو التّالي:
الفصل التّمهيدي: التعريف بنظريّة الاستقرار ودلالة النصوص عليها.
تناولت في هذا الفصل مصطلح النّظريّة ومفهوم الاستقرار تمهيدا للبحث في صلاحية كون هذا المفهوم نظريّة متكاملة في الفقه الإسلامي وأصوله، فجاء الفصل في مبحثين على النّحو التالي:
المبحث الأوّل: التعريف بنظريّة الاستقرار.
المبحث الثاني: أدلّة اعتبار معنى الاستقرار من النّصوص الشرعيّة.

الباب الأول: أدلة اعتبار معنى الاستقرار في المباحث الأصولية المتعلقة بالنص والإجماع.
يؤسّس هذا الباب لمعنى الاستقرار في أهم المباحث الأصولية المتعلّقة بالنص والإجماع، والمقصود بها ما تعلّق بمنطوق النص من مباحث اللّغة وكذا ما تعلّق بالمسكوت من مباحث المفهوم ودليل الخطاب، كما تناول الباب مباحث الإجماع وما تعلّق به من مسائل من أجل البحث في دلالة هذه المظان على معنى الاستقرار، فجاء الباب في الفصليين التاليين:
       الفصل الأول: دلالة المباحث الأصولية المتعلقة بالنصوص على معنى الاستقرار.
       الفصل الثالث: دلالة المباحث الأصولية المتعلقة بالإجماع على معنى الاستقرار.

الباب الثاني: أدلة اعتبار معنى الاستقرار في مباحث القياس والاستدلال.

يتناول هذا الباب مباحث القياس والاستدلال التي تكشف عن تشوّف الأصوليين لمعنى الاستقرار من خلال ضبط طرق النّظر و الاجتهاد، خاصة في هذا المجال الذي يتعلّق بالوقائع التي لا نص فيها وذلك حتى لا تختلّ تلك الأحكام في غياب النصوص، فجاء هذا الباب في الفصول التالية:
        الفصل الأوّل: دلالة مسائل القياس على معنى الاستقرار.

      الفصل الثّاني: دلالة مسائل الاستدلال على معنى الاستقرار.

      الباب الثالث: أدلة اعتبار معنى الاستقرار في الفقه الإسلامي.
يكشف هذا الباب عن تشوّف الفقهاء لمعنى الاستقرار، ويبيّن نطاق العمل بهذه النظرية من خلال عرض النماذج التطبيقية الدالة على ذلك،وحتى لا يضيع معنى النظرية في الفروع الفقهية المختلفة موضوعيًا فقد اخترت إيرادها ضمن جملة من القواعد الفقهية مع التنبيه على المعنى العام الذي ينتظمها، كما اخترت استقرار التعامل نموذجًا تطبيقيًا لبيان تلك الحلول التي عالج بها الفقهاء حالات اختلال التّعامل بالاعتماد على فكرة الاستقرار، فجاءت فصول هذا الباب على النحو التالي:
       الفصل الأول: دلالة قواعد الفقه الإسلامي وعموم فروعه على معنى الاستقرار.
       الفصل الثاني: دلالة مباحث العقود في فقه المعاملات المالية على معنى الاستقرار
        الفصل الثالث: دلالة مباحث اختلال التعامل وطرق دفعه في فقه المعاملات
                          المالية على معنى الاستقرار.
بينما رصدت في خاتمة البحث النتائج التي توصّلت إليها و المتمثّلة في الإجابة عن الإشكاليّة وكذا مجموع الإجابات عن الأسئلة الفرعية المتعلّقة.
ونشير إلى أن هذا الإنتاج البحثي القيّم متوفر لدى دار الوعي الجزائرية، لكل من يرغب في الاستفادة منه، حيث يمكنه التواصل معها عبر موقعها الإلكتروني أو على حسابها الرسمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال وكلائها الموزعين المعتمدين.

تاريخ Sep 4, 2020