الحراك الإخباري - الأزمة النفطية 2025: انعكاساتها على الاقتصاد الجزائري وخطط التنمية
إعلان
إعلان

الأزمة النفطية 2025: انعكاساتها على الاقتصاد الجزائري وخطط التنمية

منذ يوم|رأي من الحراك

 

بقلم زهير شيخي 

مهندس مختص في الاقتصاد و النفط 


شهدت أسعار خام برنت تراجعًا حادًا لتصل إلى 65.95 دولارًا للبرميل في 6 أبريل 2025، نتيجة تضافر عوامل جيوسياسية واقتصادية وسوقية معقدة.

يُعَدُّ هذا الانخفاض ذا تأثير كبير على الاقتصادات المعتمدة على النفط، وعلى رأسها الجزائر، التي تمر بمرحلة حاسمة من التصنيع والاستثمار. 


العوامل الرئيسية المؤثرة في تراجع أسعار النفط:

1 زيادة إنتاج أوبك

في خطوة فاجأت الأسواق، أعلنت ثماني دول من أوبك+، بما في ذلك السعودية وروسيا والإمارات، عن زيادة إنتاجية قدرها 411,000 برميل يوميًا بدءًا من مايو 2025. يهدف هذا القرار إلى استعادة الحصة السوقية، لكنه أثار مخاوف من فائض في المعروض، مما ساهم في الانخفاض الحاد في أسعار النفط.

2 تصاعد التعريفات التجارية

أدى فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعريفات جمركية واسعة النطاق إلى تصعيد التوترات التجارية العالمية. إعادة فرض تعريفات بنسبة 25% على واردات الصلب زادت من تكاليف التشغيل لمنتجي النفط الصخري الأمريكيين، مما قلل من تنافسيتهم. بالإضافة إلى ذلك، فرضت الصين تعريفات انتقامية، بما في ذلك 34% على واردات النفط الأمريكية، مما أدى إلى انخفاض كبير في أسعار النفط الأمريكي المتجه إلى الصين. 

3 مخاوف الركود وتوقعات الطلب

أثارت الحرب التجارية المتصاعدة مخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي. و قامت المؤسسات المالية، بما في ذلك جولدمان ساكس، بمراجعة توقعاتها لأسعار النفط نحو الانخفاض، مشيرة إلى زيادة مخاطر الركود واحتمال تراجع نمو الطلب على النفط.  

توقعات المؤسسات الدولية لعام 2025؟

قام المحللون والمؤسسات المالية بتعديل توقعاتهم في ضوء هذه التطورات:

• جولدمان ساكس خفضت توقعاتها لسعر خام برنت لعام 2025 إلى 69 دولارًا للبرميل، انخفاضًا من 73 دولارًا، مما يعكس المخاوف بشأن زيادة المعروض وعدم اليقين في الطلب.

• إتش إس بي سي قلصت توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعام 2025 من مليون برميل يوميًا إلى 0.9 مليون برميل يوميًا، مشيرة إلى تأثير التعريفات وقرارات إنتاج أوبك+. 

تأثير ذلك على الاقتصاد الجزائري؟

باعتبارها دولة تعتمد بشكل كبير على عائدات الهيدروكربونات، تواجه الجزائر تحديات متعددة في ظل تراجع أسعار النفط:

1. الضغوط المالية:

تشكل عائدات الهيدروكربونات حوالي 60% من إيرادات ميزانية الجزائر وأكثر من 95% من عائدات صادراتها. يمكن أن يؤدي الانخفاض المستمر في أسعار النفط إلى توسيع العجز المالي بشكل كبير، مما يجبر الحكومة على إعادة تقييم الإنفاق العام وقد يؤدي إلى تأجيل مشاريع البنية التحتية الحيوية.  

2. تأثير على جهود التصنيع:

تسعى الجزائر بنشاط إلى التنويع من خلال التصنيع لتقليل اعتمادها الاقتصادي على النفط والغاز. ومع ذلك، قد تحد العائدات النفطية المتناقصة من قدرة الحكومة على الاستثمار في المشاريع الصناعية وتقديم الحوافز لتطوير القطاع الخاص، مما قد يعيق التقدم نحو اقتصاد أكثر تنوعًا.  

3. مناخ الاستثمار:

قد يثني المناخ الاقتصادي الحالي، الذي يتسم بتقلب أسعار النفط وعدم اليقين التجاري العالمي، الاستثمار الأجنبي المباشر. عادةً ما يبحث المستثمرون عن بيئات مستقرة، وقد يثير عدم القدرة على التنبؤ بعائدات النفط مخاوف بشأن الاستقرار الاقتصادي وآفاق النمو في الجزائر.  

التوقعات على المدى القصير إلى المتوسط:

على المدى القصير، قد تحتاج الجزائر إلى تنفيذ تدابير تقشفية لإدارة القيود الميزانية، مما قد يؤثر على الخدمات العامة والبرامج الاجتماعية.

على المدى المتوسط، تصبح الحاجة إلى تنويع الاقتصاد أكثر وضوحًا. 

يمكن أن يساهم تطوير قطاعات مثل التصنيع والزراعة والطاقة المتجددة في التخفيف من المخاطر المرتبطة بتقلبات أسعار النفط وخلق إطار اقتصادي أكثر مرونة.

في الختام، يُبرز التراجع الأخير في أسعار النفط الحاجة الملحة للجزائر لتسريع جهود تنويع اقتصادها.

في حين أن التحديات الحالية كبيرة، إلا أنها تقدم أيضًا فرصة للجزائر لتنفيذ إصلاحات هيكلية قد تمهد الطريق لنمو اقتصادي مستدام، مما يقلل من تعرض البلاد للصدمات الخارجية في سوق النفط العالمي.

تاريخ Apr 6, 2025