الحراك الإخباري - سيدي محمد القنادسي...سليل بيت النبوّة و قطب التصوف في الساورة
إعلان
إعلان

سيدي محمد القنادسي...سليل بيت النبوّة و قطب التصوف في الساورة

منذ 3 سنوات|روبرتاج

في رحلتنا التاريخية المعرفية الشيقة مع أعلام التصوف والعلم في الجزائر، تستوقفنا في هذه الحلقة الجديدة شخصية العارف الربّاني محمد بن عبد الرحمن بن أبي زيان القنادسي الجزائري، من أعلام الصوفية بمنطقة الساورة، تلك المنطقة الجنوبية الغربية من الجزائر بين ولايات بشار، وتندوف وأدرار، وله زاوية أسسها بمنطقة القنادسة تتبع طريقة معروفة باسمه هي الطريقة الزيانية.

هو الشيخ العارف بالله قطب زمانه، الشريف سيدي ومولاي أمحمد بن عبد الرحمان بن محمد بن أبي زيان بن عبد الرحمان بن أحمد بن عثمان بن مسعود بن عبد الله الغزواني(جد الغزوانيين الحسنيين) بن عجال بن سعيد بن موسى بن عبد الله بن عبد الرحمان بن أحمد بن عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر بن علي بن حرمه بن سلام بن عيسى بن مزوار بن على حيدرة بن بن محمد بن إدريس بن إدريس بن الحسن المثنى بن الحسن السبطي بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وفاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ولد 1631 م بقصر تاغيث بولاية بشار، وتوفي في 10 رمضان في السنة الميلادية 1733، والده عبد الرحمان بن محمد بن أبي زيان وأمه نجمة من قصر بربي ببني جومي، من قوم يقال لهم البيزان، رحلوا فيما بعد من بربي إلى نواحي مكناس، على ضريحهما قبة بتاغيت إلى يومنا هذا، توفيا وتركاه يتيما فكفله أعمامه إلى أن بلغ.

طلبه للعلم

عاد من تاغيث إلى القنادسة، حيث كان الأمن بفضل وجود القنادسة في منطقة حماية قبيلة "ذوي منيع"، فنزل عند عمه الحاج إبراهيم ابن الحاج عبد الرحمن الذي كان موجودا بالزاوية التي كانت تنسب إلى الشيخ عبد الرحمن بن أحمد والمسماة آنذاك (الزاوية الرحمانية).

تكفل عمه بمصاريف رحلته إلى سجلماسة (تافيلالت) بالمغرب وأعطاه مبلغا زهيدا من المال قدره 40 موزونة كانت تسمى عندهم الفرفورية في ذلك الوقت بيعت بـ 4 موزونات من الدراهم الرشيدية، . فتمكن على يد الشيخ العلامة مبارك بن عبد العزيز العنبري الذي كان يعرف بالشيخ "مبارك بن عزي" من دراسة العلوم الإسلامية بجميع فروعها، إلا أن ظهور بعض القلاقل في المنطقة جعلته ينتقل إلى فاس، حيث وجد أحد المحسنين الذي أمن له مصاريف تعليمه وتابع دراسته في المدرسة المصباحية والتي كانت تعد من أشهر مدارس فاس آنذاك حيث تلقى بها العلم على فطاحل علمائها مثل الشيخ قسوس والشيخ عبد القادر الفاسي وآخرين.

بعد أن أتم دراسته بهذه المدرسة توجه إلى أداء فريضة الحج فمكث بالمدينة المنورة لطلب العلم أيضا ثم مكة المكرمة وعند رجوعه بعد إتمام فريضة الحج عرج على الأزهر وأكمل دراسته في الزيتونة بتونس ومنها رجع إلى القنادسة.

 شيوخه

وأما عن أخبار شيوخه في علم الظاهر والباطن فهم:

- والده عبد الرحمان بن محمد بن أبي زيان دفين تاغيث ببني جومي جنوب بشار.

  - أبو عبد الله مبارك بن عبد العزيز بن عزي الغرفي العنبري السجلماسي وهو شيخه بسجلماسة بدشرة العنبري بمقاطعة الغرفة بإقليم تافيلالت بجنوب المغرب الأقصى على مسافة 180 كلم تقريبا من القنادسة (توفي بطاعون عام 1090 هـ/1679 م كما ذكرنا سابقا ودفن بزاويته بدشرة العنبري وضريحه بها عليه قبة قديمة إلى اليوم).

 - محمد بنناصر الدرعي شيخ الزاوية الناصرية بتامكروت بوادي درعة جنوب المغرب الأقصى المتوفى بها عام1085 هـ/1674 م.

 إنشاؤه للزاوية الزيانية

عاد إلى أرض أجداده القنادسة عام 1098 هـ/1686 م فأسس بها زاويته، وبدأ في مهمة التدريس ونشر العلم بالمسجد العتيق، حيث تتلمذ على يده العديد من الطلبة من شتى بقاع المغرب العربي واستقبلت زاويته الألوف من الزوار، وكان يلقن أوراد طريقته التي أخذها عن شيخه أبي عبد الله مبارك بن عبد العزيز العنبري الغرفي السجلماسي الفيلالي، وهو عن شيخه أبي عبد الله مَحمد بن ناصر الدرعي صاحب زاوية تمكروت بوادي درعة بجنوب المغرب. فهي طريقة يوسفية مليانية زروقية شاذلية.

أسندت مهام الزاوية بعد وفاته إلى ابنه الشيخ محمد لعرج بعد موافقة كل أهالي البلدة والقبائل المجاورة.

حماية الزاوية

كانت قبيلة ذوي منيع تسيطر على بقاع كثيرة ممتدة مع الحدود المغربية وبحكم وجود القنادسة في هذه المناطق التي كانت تهيمن عليها القبيلة تكفلت بحمايتها عندما رأت من الشيخ من علم وتقوى يستحقان ذلك، وللإشارة أيضا أن مجلس الزاوية كان فيه أعضاء من القبيلة يمثلونها. و من أشهر الغارات التي ردتها القبيلة عن القنادسة الغارة التي قامت بها قبيلة " عَبدَة" والتي لا زال مكان المعركة يحمل اسم "معركة شعبة عبدة " وغيرها من المعارك.

 أقوال معاصريه فيه

 - يقول العلامة إدريس بن محمد المنجرة عندما زار الشيخ مَحمد بن أبي زيان بالقنادسة عام 1136 هـ/1723 م :"ومنهم الشيخ الفقيه الإمام أبو الإقبال الحاج الأبر صاحب الكرامات سيدي مَحمد بن عبد الرحمان بن أبي زيان المراكشي نزيل الصحراء قرب جبل بشار، له أحوال وكرامات يبوح بها ويفشيها ويحب ذكرها وله حال في التصريف. لقيته ببلده واستفدت منه ولقنني وواعدني وصرح لي بما أرجو الله في حصوله وأكثر وكاتبني ووقعت بيني وبينه أشياء لا تفشى وهو في قيد الحياة إلى الآن عام 1136 هـ(1723 م)".

 - يقول العلامة محمد بن الطيب القادري المتوفى عام 1187 هـ/1773 م في كتابه نشر المثاني :"ومنهم الشيخ الكثير التلامذة والأتباع أبو عبد الله مَحمد-بالفتح- ابن بوزيان القندوسي والقنادسة بلاد ذات نخيل بالصحراء على مسيرة يوم من فيجيج. يحدث عنه أصحابه بكرامات وحسن السيرة... إلى أن توفي في العشرة السادسة, وخلف أولادا يسلكون طريقه..."، هكذا قال القادري إلا أنه أخطأ في سنة وفاته فالشيخ سيدي مَحمد بن أبي زيان توفي عام 1145 هـ/1732 م.


ق/و

تاريخ Jan 26, 2021