الحراك الإخباري - جزائريات ركبن التحدّي في رحاب المساجد إقبال متنامي للنساء على حلقات تحفيظ القرآن
إعلان
إعلان

جزائريات ركبن التحدّي في رحاب المساجد إقبال متنامي للنساء على حلقات تحفيظ القرآن

منذ 4 سنوات|روبرتاج


تشهد حلقات تحفيظ القرآن الكريم ودروس الوعظ والإرشاد، التي تضطلع بها مرشدات دينيات تحت إشراف مديريات الشؤون الدينية والأوقاف بمختلف المساجد، إقبالا كبيرا للنساء والفتيات على اختلاف أعمارهنّ وفئاتهن الاجتماعية، للنّهل من مختلف الأحكام الفقهية والدروس الدينية وقراءة القرآن بالأحكام، حفظه وترتيله.

"الحراك الإخباري" جلس إلى نسوة روين تجاربهن ومسيراتهن في حفظ القرآن الكريم ووقف على حقيقة انتشار الظاهرة الحميدة، التي أخذت مؤشراتها منحى تصاعديا ايجابيا ولم تعرف أعدادها أي تراجع على مدى سنوات حسب تأكيد المرشدات، بالاعتماد على برنامج مسطّر يسهرن على تنفيذه، يعنى بالقرآن الكريم تلاوة وحفظا وتدريسا تحت وصاية وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، يمتدّ في غالبه بعد صلاة الجمعة إلى جانب سويعات من أيام الأسبوع.

وفق منهجية عملية دقيقة يتمّ تقسيم المقبلات على هذه الدروس حسب السنّ، إلى ورشتين أحدهما خاصة بالناشئة والأخرى للكبيرات، لاختلاف درجة الاستيعاب وسرعة الفهم والحفظ، تمكّن الكثير من الوافدات عليها من التحكّم في القراءة بالأحكام وسرعة الحفظ  كما ترمي إلى محاربة الجهل والأميّة في أوساطهنّ من خلال منهاج تعليمي تربوي ميسّر يهدف إلى تعزيز القراءة الصحيحة لكتاب الله عز وجل من خلال تصحيح مخارج الحروف والنطق السليم للكلمات، بالموازاة مع التربية على معاني القرآن، الإعانة على تحفيظه وتعلم قواعد تجويده.

بالفرع النسوي لمسجد العربي تبسي بالعاصمة، التقينا السيدة " جميلة" خمسينية وأم لخمسة أطفال، أخبرتنا بقولها"استطعت بتوفيق من الله أن أحفظ تسعة أجزاء من كتاب الله، ورغم كل الظروف المحيطة بي لم أفشل، وأصرّيت على حفظ القرآن كاملا خلال هذا العام، رغم أنني لم ألج أبواب المدرسة، لكن المرشدة ساعدتني كثيرا على تخطّي عتبة الأمية بتعليمي القراءة".

وأرجعت جميلة سبب إقدامها على حفظ القرآن الكريم في المسجد بدلا عن البيت، إلى أن " الحفظ على يد مرشدة متمكّنة سهل مقارنة بالحفظ في البيت، فالمرشدة تعينني على النطق السليم لأحرف الآيات وتبسّط مفهومها"، ومن جهتها، كشفت السيدة " نجية" 60 سنة، أن " حفظ القرآن الكريم حلم راودها منذ الصّغر حين أخبرتهم معلمة الابتدائي بأن من يحفظ القرآن يشفع له ولأقربائه، غير أن أشغال البيت وتربية الأولاد أخذ مني كل وقتي، فانتهزت فرصة ولوج أبنائي إلى الجامعة لأتفرّغ إلى حفظ القرآن وتجسيد حلمي على أرض الواقع".

وبعزيمة قوية حاربت السيدة " فريدة" 67 سنة، الأمية وعلى كبر سنها تعلّمت القراءة وحاليا تحفظ القرآن بمسجد حمزة بن عبد المطّلب بباب الزوار، هناك وجدنا المرشدة الدينية "غنية" تزاول تلقين عشرات النّسوة أحكام قراءة القرآن الكريم بتقنية " الداتاشو"، أكدت في حديثها لـ" الحراك الإخباري" الإقبال المتنامي للنساء على حفظ القرآن الكريم بحلقتها ومن جميع الفئات والأعمار.

وفيما استدلّت المرشدة بقوله صلى الله عليه وسلّم ''خيركم من تعلّم القرآن وعلمه''، أشارت إلى أنّ "لتحفيظ القرآن الكريم قواعد أساسية، أوّلها إخلاص النية لله عز وجل ، إصلاح القصد ووجود الدافع الذاتي والهِمَّة العالية"، وأوضحت بأنّها تعتمد في ذلك على خطة تقتضي تقسيم الراغبات في حفظ كتاب الله إلى أفواج، بمساعدة مرشدات أخريات يتولّين تدريس الفتيات، مع إتباع خطوات من شأنها تبسيط الحفظ وفهم معنى الآيات وأحكام حفظها.

بحلقة المرشدة " غنية" التقينا بنساء من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، منهنّ الصغيرة والمسنّة، الماكثة في البيت، الطبيبة، المعلمة، المحامية، المديرة وغيرهنّ كثيرات، تركن أشغالهن يسارا والتفّين حول كتاب الله يمينا، بل وأصبح جل اهتمامهنّ ختم القرآن قبل انقضاء شهر رمضان المقبل، وهو أمل السيدة " مليكة" البالغة من العمر 50 سنة، طبيبة عامّة، التي استدلّت بما روي عن عائشة رضي الله عنها عن الرسول قوله ''الماهر بالقرآن مع السّفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران'' لتؤكد حرصها على النهل من كتاب الله حتى " أكون من خاصته".

وعن كيفية توفيقها بين حيازة فضل القرآن الذي حفظت منه 20 حزبا ومشاغلها العائلية والمهنية، أوضحت " مليكة" بأن " العمل وحفظ القرآن لا يتعارضان، فالأمر لا يعدو مسألة تنظيم للوقت ليس إلا"، مضيفة بأن " الغاية تبرّر الوسيلة، وتذوق حلاوة القرآن يشعرك بلذّة لا يشعر بها إلا من فعل ذلك".

يذكر أنّ ذات الحلقات تختم عادة بتوزيع هدايا تحفيزية على النساء اللواتي تمكنّ من ختم حفظ القرآن، حيث تولي مديريات الشّؤون الدّينية اهتمامًا كبيرًا لهذا الجانب، تجلت بإحداث عدد من الجوائز لتكريم حفظة كتاب الله العزيز.. لتبقى هؤلاء النسوة  نماذج جديرة بالاقتداء بها، وأمثلة حيّة ومشرقة لجزائريات ركبن قطار التحدّي رغم كل الصعوبات وتمكنّ من نيل صفة الحافظات لكتاب الله، وما أجلّها من صفة.

ربورتاج: سميّة.م

تاريخ Jan 10, 2020