الحراك الإخباري - حيزية نادية وكنزة ذوات همم صنعن من مطبات المجتمع قصص نجاح
إعلان
إعلان

حيزية نادية وكنزة ذوات همم صنعن من مطبات المجتمع قصص نجاح

منذ 3 سنوات|روبرتاج

حولت "حيزية رزيق" من الخطأ الطبي الذي تعرضت له بعمر العامين وأدى إلى بتر رجلها اليسرى، قصة نجاح شابة أفنت حياتها في خدمة ذوي " الإرادة القوية"، ودفعت قوة الإرادة الصلبة التي لا تنصهر ب"كنزة خريف" إلى مزاولة الدراسة حبوا في الابتدائي، على متن " برويطة" في المتوسط ثم على كرسي متحرك في الثانوية والجامعة، اين حازت شهادات الليسانس في القانون، الكفاءة المهنية والماستر، ولأنه "لا مستحيل مع الله" حققت نادية بوغوار نجاحات بالتسلق نحو المعالي بعد أن حكم عليها المجتمع بالبقاء في أسفل السلم....حكايات ننقلها على لسان الفحلات الثلاث اللواتي قلن الكثير وقدمن عبر بالكمشة في حديثهن ل " الحراك الاخباري".

🔴 حيزية رزيق: تحدت الاعاقة فغيرت مجرى حياة الكثيرين

اول من جلسنا إليها خلال إعداد هذا الروبورتاج بمناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة المصادف ل3 ديسمبر من كل سنة، كانت حيزية رزيق، رئيسة جمعية أمل وعمل للتكفل بذوي الاحتياجات الخاصة، شابة حيوية تخفي وراء بشاشة وجهها ونظارته قصة تبكي الحجر ترويها بتفاؤل كبير وإرادة قهرت الألم ولم تستسلم للمطبات.

بُترت ساقها بعمر العامين نتيجة خطآ طبي, فالممرض الذي كلف بترتيب ملفها استعدادا لإخضاعها لعملية جراحية على مستوى قدمها لإصلاح اعوجاج طفيف، أدخل إلى قاعة العمليات ملف مريضة أخرى كانت ترقد بجانبها في المستشفى بحاجة إلى بثر رجلها.

"بعمر العامين بترت رجلي اليسرى عوضا عن رجل المريضة الاخرى، نتيجة خطأ طبي"، تقول حيزية وهي تسترجع لحظات مؤلمة وبكاء لمحته في عيون والديها رغم صغر سنها، وكيف عايشا صدمة حولاها إلى عزيمة لا تقهر في مرافقتها للتفوق في الحياة.

كبرت الطفلة حيزية وتدرجت في دراستها وهي في ذلك لا تقبل بغير التفوق، بالموازاة مع التسلح بالإيمان والثقة بالنفس لمواجهة المجتمع ونظراته القاسية، بقلب صاف ونية خالصة في رفع الغين عمن هم في مثل حالها، إلى ان ترأست جمعية أمل وعمل للتكفل بذوي الاحتياجات الخاصة، الكائن مقرها بالكيتاني بباب الوادي بالعاصمة.

تركت حيزية الألم وتبعات الاعاقة خلف ظهرها، نظرت يمينا وشمالا تمعنت بقلب سليم وفكر مستنير في واقع مر يعايشه ذوو الإرادة القوية كما تفضل تسميتهم، فقررت أن تنذر حياتها للتكفل بانشغالاتهم، السعي لإدماجهم وتغطية حاجياتهم في مجتمع قاس إلا من رحم ربي.

 الارتكاز على العكاز لم يشكل حاجزا لها عن تحقيق طموحها، بل كان حافزا قويا لها، حيث قدمت يد العون لعديد عائلات المعاقين وأشرفت على عمليات تزويج الكثير منهم ضمن مشاريع خيرية ترمي إلى التكفل الفعلي بشريحة لطالما عانت الظلم والحقرة، تقول حيزية والامل يحذوها في رفع الغبن قدر المستطاع عن فئات هشة أنهكها المرض والعوز، وفيما لم تفارق الابتسامة محياها قالت حيزية مصوبة نظرتها نحو الأفق" ما حدث لي لن أتركه يحدث لغيري وان قدر الله وحدث فسأعينه ولن أتركه"..

🔴 خريف كنزة: التحدي وراء ذهابها الى المدرسة حبوا وعلى متن" برويطة"

"حياة قاسية" هكذا وصفت خريف كنزة، 33 سنة، مرحلة طفولتها والتي جعلت منها شابة ارتبط اسمها بالتحدي وعنوانا بالبنط العريض للإصرار على النجاح دون كلل أو ملل.

ولدت كنزة بولاية بسكرة وفيها ترعرعت وانطلقت في مسيرة التفوق، بعد أن حكم عليها من حولها ب " الموت المحتوم" بالنظر إلى الاعاقة الحركية التي ولدت بها ولكن " جعلت من هذه التكهنات السلبية مطية نحو تحقيق النجاح والتسلح بالإيجابية وإرادة صلبة لا تنصهر"، تقول كنزة.

تضيف كنزة " دخلت المدرسة الابتدائية وقد تجردت من عقدة النقص وسط زملائي الذين تعاملوا معي بصفة عادية" وبنوع من الألم الممزوج بالتحدي تضيف " شغفي بالدراسة دفعني إلى الذهاب حبوا إلى المدرسة، بالنظر لانعدام وسائل النقل في منطقة نائية"..

دخول الاكمالية لم يكن بدوره سهلا، حيث وبعد أن " عاهدت نفسي ان استكمل دراستي مهما حدث، تجاوز المطبات ألزمني بالذهاب إلى المدرسة هذه المرة على متن برويطة بمساعدة شقيقي الأصغر، مع الحرص على تفادي نظرات المجتمع".

لم تحصل كنزة على كرسي متحرك، كما أسرت لنا، إلا بعمر ال 15 سنة،، وتوجت مرحلة الثانوي بحصولها على البكالوريا العام 2007، لتواصل رحلة التحدي بالسفر الى العاصمة، قطعت كنزة مئات الكيلومترات وولجت كلية الحقوق، اين تحصلت على شهادتي الليسانس حقوق 2011 والكفاءة المهنية للمحاماة 2012.

واعتبرت كنزة ان المرحلة الجامعية كانت " أفضل وأجمل محطة في حياتي"، بالنظر ل " المكانة الخاصة والاهتمام الذي لاقيته بالحرم الجامعي وإقامة البنات"، لتلج عالم الشغل بعد أربع سنوات قضتها في مراسلة عدة جهات...

توسع حلمي، تقول كنزة، لم ابق مكتوفة اليدين ولم تنهمر دموعي على وسادتي، بل عقدت العزم على أن انجح في حياة مليئة بالعراقيل في مجتمع لا يرحم، فقررت بعد سبع سنوات كاملة العودة إلى مقاعد الجامعة، لدراسة الماستر في القانون الدولي للبيئة بانتظار اجتياز رسالة الدكتوراه.

وإلى جانب مشاركتها في مسرحيات غنائية وتمثيلية في الطور المتوسط، نشطت كنزة بعديد الجمعيات وترأس حاليا مجموعة خيرية عبر "الفيسبوك" لتجهيز العرائس المعوزات، نالت حب الناس وكرمت نظير أعمالها وريادتها من طرف ستة وزراء، وبرحلات سياحة من طرف محبيها.

🔴 نادية بوغوار.. "لا شيء مستحيل مع الله"

 تأسف الأطباء لتعذر مواصلة علاجها، بعد أن ولدت بإعاقة تمنعها من النمو طبيعيا، قرار تجرعت مرارته والدتها على مضض، ولم تفقد الأمل واليقين في ان ما عند الله أفضل وأدوم.

ولأن قدرة الله ليس لها حدود، والأعمار بيد الله فقط، تشبتت الأم والابنة نادية بأمل شفائها في وقت حكم عليها بالموت بالنظر لمؤشرات طبية دقيقة، فكان أن نجت الابنة من موت محقق، نمت رغم ضعفها وقصر قامتها لتستكمل مسيرة حياة بدأتها خطوة بخطوة وتدرجت في سلم النجاح مرحلة بمرحلة، أولاها مواجهة تنمر المجتمع واستغراب ارتسم على وجوه أشخاص لا تتجاوز نظراتهم أطراف أنوفهم كيف لها أن تمشي وتقف على رجليها.

 تقول نادية ل " الحراك الاخباري"، " تمكنت بمعجزة من المشي وذلك فضل من الله، وعلى بركته بدأت حياتي طبيعيا وواجهت المجتمع وقساوته بتجلد وصبر"، هي التي تدرجت بجدارة عبر الاطوار التعليمية إلى أن طرقت الجامعة من باب تخصص القانون، لتخوض تجربة جديدة في حياتها عنوانها " لا مستحيل مع الله".

ترى نادية بوغوار أن "النجاح موجود في باطن كل شخص، وما عليه سوى الكد بجد لإخراجه إلى العلن، بالتشمير عن ساعديه والتوكل على ذاته والابتعاد عن الاتكال والإنصات لتنمر المجتمع الرامي إلى تثبيط العزائم".

 بالموازاة مع دراستها الجامعية حققت نادية العديد من النجاحات على مستويات مختلفة، الى جانب عضويتها الفعالة في جمعيات خيرية إلى جانب كونها معالجة بطاقة الحياة، الطاقة الحيوية أو "البرانا" وهي عبارة عن علاج طبيعي يكمل الطب الحديث، يعتمد على إزالة الطاقة السلبية من الجسم الطاقي أو ما يسمى بالجسم الأثيري.

إلى ذلك، تضطلع نادية بالعلاج بما يعرف بتقنية "الاكسس بارز" للوصول إلى مسارات الوعي، وتعد عضوا فعالا في برنامج نسوي توعوي "جلسات نواعم"، منظمة لرحلات السلام التوعوية والتحسيسية، الى جانب كونها مؤثرة ومحفّزة لذوي الاحتياجات الخاصة، وتعمل حاليا على تجسيد أحد أكبر البرامج التوعوية الموجهة لذوي الإرادة القوية..

🔴 يبقى التأكيد على أن المعاق الحقيقي هو من يملك عقلا ولايعرف كيف يسيره، والاعاقة ليست مشكلة في هيكل الجسم، بل هي مرتبطة بأناس أصحاء لا تتجاوز نظراتهم أطراف انوفهم، يدورون في نطاق ضيق إلى أبعد الحدود؛ مطبات جعلت منها كل من حيزية، كنزة ونادية انطلاقة نحو الافق، فأصبحن مثالا للإصرار والعزيمة والتحدي، واستطعن رغم تعرضهن للعديد من الأزمات والعقبات التي قد تجعل أي شخص يفقد الإصرار والعزيمة والثقة بالنفس، أن يحققن لأنفسهن اسما ومركزا وان يحزن حب الناس، كما حصلتا على لقب نساء ملهمات... في مسيرة حياة مستمرة في شق طريقها نحو المعالي...

سمية.م

تاريخ Dec 3, 2020