الحراك الإخباري - الزاوية القادرية...طريقة ثائرة ضد فرنسا بصحراء الجزائر
إعلان
إعلان

الزاوية القادرية...طريقة ثائرة ضد فرنسا بصحراء الجزائر

منذ 3 سنوات|روبرتاج

تأسّست الزاوية القادريّة، في طبعتها الجزائرية، بالرويسات في ولاية ورقلة، أواخر سنة 1851م، على يد الشيخ الولي المجاهد الشهيد سيدي محمد الطيب بن إبراهيم بن أحمد الكبير، وهو من ذريّة وأحفاد الشيخ عيسى بن تاج الصالحين سيدي عبد القادر الجيلاني البغدادي.

غير أنّ الاحتلال الفرنسي هدم الزاوية سنة 1863م وخربها بالكامل، جزاء موقف الطريقة القادرية من الاستعمار قبل أن يعاد بناؤها سنة 1880م.

ذلك أنّ الزاوية كانت نواة المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي بالمنطقة الجنوبية، تحت قيادة الشريف محمد بن عبد الله القادري نسبا، والملقب بسلطان ورقلة، ثم خلفه بعدها إبنه الشيخ سيد إبراهيم، وخلفه بعدها ابنه محمد ابن إبراهيم، المعروف بحمّى باهي، لتستمرّ الزاوية بقيادة شيوخها في نضال ضمن الحركة الوطنية، وجمعية العلماء، حتى اندلاع الثورة التحرير.

 وقتها تقلد شيخ الطريقة القادرية، المجاهد حساني محمد بن إبراهيم الشريف القادري، القيادة ضمن الثورة التحرير، وكان ضمن الرعيل الأول للمجاهدين، ليتفرغ بعد الاستقلال الشيخ سيدي محمد بن إبراهيم إلى إعمار ونشر الطريقة القادرية، وبعثها من جديد، وهذا بعد غلق جلّ الزوايا القادرية وتضييق الخناق عليها من طرف الاستعمار الفرنسي الذي وضعها نصب عينيه، لموقفها الدائم ضده والتحاق أكثر أتباعها بثورة التحرير.

 والآن تستمرّ رسالة الزاوية على يد الشيخ الأعلى للطريقة القادرية بالجزائر وعموم أفريقيا الشيخ حساني الحسن، مكرّسه جهدها لتحفيظ القران والفقه وإصلاح ذات البين ولم الشمل وإيواء اليتامى والمساكين .

/////// المقاومة القادريّة للاستعمار بوادي سوف

بأمر من شيخ الطريقة الأعلى محمد الطيب الملقب بسلطان ورقلة، وبقيادة قائد الطريقة الثائر، الشيخ الهاشمي الشريف، مؤسس فرع الطريقة القادرية بالوادي، زحفت الجماهير الغاضبة يوم 15 نوفمبر 1918، فيما يسمى بملحمة هدّة عميش من البياضة إلى الوادي، في انتفاضة لمواجهة تسلط القيّاد ورفض الضرائب التي أرهقت كاهل سكان سوف، وأيضا التصدي للقوانين الخاصة بالتجنيد الإجباري، ناهيك عن إحياء روح الجهاد ونشر الوعي السياسي والوردّ على محاولات تهديم المدرسة القادرية.

وخلّد الشاعر مفدي زكريا في إلياذته مخلدا هذه الانتفاضة بقوله:

وضرغامها الهاشمي الشريف.... يذيق "بواز" العذاب المهين

/////// أهم قواعد وأسس الطريقة القادرية

يؤكد شيوخ الطريقة أن طريقتها مبنية على الكتاب والسنة، فمن خالفهما فليس منها، ويقولون: "اجعل الكتاب والسنة جناحيك وطر بهما إلى الله".

وكذلك قاعدة "الجَـدٌ والكًـدٌ ولزوم الحَـدٍ حتى تنقد": ومعنى (جـد) الجدية في سلوك الطريق إلى الله، ومعنى (كـد) بذل الجهد والجوارح والنفس والروح في السير إلى الله بدون هوادة ولا تراخي، ومعنى(لزوم الحد) الالتزام بالشريعة وتحليل الحلال وتحريم الحرام والوقوف عند حدود الله وعدم تجاوزها، ومعنى (حتى تنقد) حتى تجف النفس عن المعاصي والذنوب والشهوات والملذات والأخلاق السيئة ولا يبقى فيها إلا الله جل في علاه.

وأيضا قاعدة "الاجتماعٌ والاستماعٌ والإتباعٌ حتى يحصل الانتفاع": ومعنى هذا الاجتماع بالصالحين والعلماء والمرشدين والأخوة في الله والاستماع لهم بأدب وإتباع ما يقولون وما يأمرون من الهدي النبوي وبذلك يحصل لدينا الانتفاع والوصول لما وصلوا إليه.

ثم قاعدة "الاعتقاد بشيخ الطريقة وفق العقيدة الصحيحة": ومعنى هذا أن يحبوه ويحترموه ويقدروه ولا يهملوه ولا يعظمونه فوق الحد المطلوب، ولا يغلوا في حبه ولا يعتقدوا فيه العصمة، فإنه بشر يخطئ ويصيب، لكنه محفوظ بعناية الله، إن أخطأ سرعان ما يرجع إلى الله ويتوب إليه، يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه الغنية: "يا بني إياك أن تنظر إلى شيخك أنه معصوم إنما هو بشر يخطئ ويصيب فإن رأيت منه مخالفة فابحث له عن عذر شرعي فإن لم تجد له عذر فاستغفر له الله فإنه بشر يخطئ ويصيب".

لكن حب الله والرسول مقدم عليه وهو المراد الحقيقي من السير والسلوك على يد الشيخ المرشد، فهو دليلهم إلى حب الله ورسوله والدعوة إلى الله .

وتأتي بعدها قاعدة "كثرة الذكر لله تعالى": فهو عندهم المعراج في السير إلى الله في الطريقة القادرية، فمن أهم أعمال المريد كثرة الأذكار والمداومة عليها وعلى الاستغفار والصلاة على الرسول بالليل والنهار، وبذلك يرتقي المريد في مقامات المحبة لله ولرسوله، والذكر هو الوسيلة العظمى لتزكية النفس وتربيتها وتحليتها بالأخلاق المحمدية.

وكذا "محبة آل البيت": ذلك أن حبهم مقدم على كل من سواهم من الناس لأنهم بضعة النبي ووصيته لأمته، مع الحب والتقدير والإكبار والإجلال للصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب،

وحب كل الأولياء والصالحين، وحب مشايخ ومرشدين المدارس الأخرى، ولا يفرقون ولا يميزون بين طريقة وأخرى، ولا يتعصبون لمدرستهم ولا يطعنون بالطرق الأخرى التي تنهج منهج الكتاب والسنة، وذلك كله مع المحبة والتعظيم والتقدير لمدرستهم ولمشايخهم كما ينبغي أن يكون.

ق/و

تاريخ Nov 21, 2020