من المستفيد الاول من الترويج للحرقة؟ من يمول "الحملات الإشهارية" في وسائط التواصل الاجتماعي التي تدفع الشباب الى الحرقة؟ من يدفع مليون دينار و اكثر لشاب قاصر من اجل الحرقة؟ من يوهم الشباب بان الحرقة هي الحل الامثل لحياة افضل بعيدا عن الوطن؟ ما هي حظوظ الحراق في العمل و الاندماج في اوروبا؟ هل سبب الحرقة هو حقيقة محاولة تحسين وضع اجتماعي و اقتصادي ام ان هناك اسباب اخرى مسكوت عنها لانها تدخل ضمن المكبوتات و الممنوعات دينيا و اجتماعيا و ثقافيا؟
اسئلة كثيرة بدون اجوبة علمية دقيقة و مقنعة. لكن لا بد من قول بعض الحقائق حتى و ان كانت صادمة: مما لا شك فيه ان المستفيد رقم واحد من الحرقة هو مالك المركبة او صاحب البوطي الذي يتقاضى حتى مليون دينار جزائري على "الراس" الواحد، إذا كان عدد الرؤوس 10 يحصل على 10 مليون دينار (واحد مليار سنتيم) في رحلة الحرقة التي تدوم بضعة ساعات. تصوروا لو انه يقوم باربعة رحلات حرقة في الشهر بمعدل رحلة في الأسبوع يصبح المبلغ الاجمالي هو 40 مليون دينار (4 مليار سنتيم في الشهر). الحقيقة الثانية هي ان الظروف المعيشية في الجزائر ليست بالسيئة إلى درجة ان تصبح الحرقة قضية حياة او موت بالنسبة للشاب، هل الشاب الجزائري هو في وضع اكثر سوءا اجتماعيا و ماديا و حتى ماليا من الشاب الإفريقي الذي انطلق في رحلة الموت من دولة من دول الساحل فارا من الحرب و الجوع و الأمراض؟ لا يوجه وجه للمقارنة بين الحالة الجزائرية و الحالة الساحلية و لا يمكن قبول حجج الشباب الراغب في الحرقة و كل حججهم مردود عليهم، لا يوجد مبرر مقبول للحرقة و فرص العمل متوفرة إلا لمن أبى و رفض الاندماج مهنيا في مجتمعه. الحقيقة (الصادمة) الثالثة خاصة بدور الاولياء الذين يشجعون فلذات أكبادهم على الهجرة و يمولون سفر الابناء؟ هل يعقل ان يمول الولي الابن الذي يلقي بنفسه إلى التهلكة و هل يقبل ان ينتظر الاب او الام مقابلا ماليا على تسهيلهم الحرقة على ابنائهم؟ اما الحقيقة الرابعة تكمن في الصورة التي يسوقها الحراق عن بلده، هي صورة بائسة حقيرة لا ترفع الرأس. الحقيقة الخامسة هي ان الدول الاجنبية تستعمل الحراق ضد دولته و تساوم حكومته و قد يصل الأمر الى الابتزاز و هذا بالضبط ما يحدث مع دول الاتحاد الاوروبي. الحقيقة السادسة هي الدور الخطير الذي تلعبه وسائط التواصل الاجتماعي التي تصور أوروبا على انها جنة و فيها من حور العين ما فيها و تكشف هذه الحقيقة ان سبب الهجرة ليس اجتماعياً او اقتصادياً او مالياً بل هو من اجل إشباع الغرائز و البحث عن حور العين! اما الحقيقة الأخيرة فهي تؤكد ان الدولة الجزائرية لم تخطىء حين جرمت فعل الحرقة لانه لا مبرر له في ظل تحسن الظروف المعيشية و في ظل قرارت السلطات صب منحة البطالة و تسهيل التجارة و المقولاتية بالاضافة إلى ضمان التغطية الصحية الشاملة و غيرها من الامتيازات التي لا يتوفر بعضها حتى في الدول المهاجر اليها.
و يبدو ان التوقيت (بداية عهدة رئاسية جديدة) هو توقيت مناسب من اجل تنظيم ايام دراسية حول الحرقة يشارك فيها الخبراء من اختصاصات مختلفة للخروج بخطة واضحة لوضع حد لهذه الظاهرة او على الأقل التقليل منها.
جيلالي عبد القادر