الحراك الإخباري - إسقاط الطائرة المسيرة.. ما الذي يجري في مالي؟!
إعلان
إعلان

إسقاط الطائرة المسيرة.. ما الذي يجري في مالي؟!

منذ أسبوع|روبرتاج


بقلم عبد المنعم بن حمدة

من حركة مجتمع السلم 


لم يكن إسقاط الطائرة المسيرة أقنجي ( تركية الصنع ) من قبل قوات الدفاع الجوي عن الإقليم مجرد تحذير، بل هو خطوة متقدمة في تغيير السلوك السياسي والعسكري اتجاه الجار الشقيق الذي طالما كانت الجزائر ملجأه في الأزمات.

 إن إسقاط طائرة مسيرة من أحدث التكنولوجيات في الصناعة الحربية في ظرف دقيقتين في ليلة العيد بالصحراء وفي عتمة الظلام رسالة قوية جدا على مدى الجاهزية واليقظة والفاعلية لجيشنا الوطني الشعبي، فالطائرة تعتبر : 

- من أكبر الطائرات المقاتلة المسيرة. 

- بإمكانها التخفي عن أحدث الرادارات. 

- بإمكانها حمل أكثر من 1500 كغ من الحمولة، قادرة على حمل 09 صواريخ متعددة المهام ( جو- جو / جو- ارض) 

- بإمكانها التحليق على ارتفاع 45 ألف قدم.

 والسؤال المطروح: لماذا هذا التحلل من اتفاق الجزائر الذي أبرم سنة 2015؟! والذي لم يعد على أرض الواقع مقنعا للسلطات المالية الجديدة التي أتت عبر الانقلاب العسكري في 2021، فالخطاب الرسمي كان سابقا متمسك باتفاق الجزائر، ولكن الممارسات المتكررة تقول نقيض ذلك فما الذي يحدث ؟ 

 واقع دولة مالي: 

تعتبر مالي من الدول الأضعف والأهش في دول الساحل، حيث يسيطر الأزواد ومجموعاتهم المسلحة على (60%) من الأراضي المالية الواقعة في الشمال خاصة (تمبكتو، غاو، كيدال) ويمثلون (10%) من السكان، بينما تسيطر الحكومة المركزية المالية على (40 %) من المساحة المتبقية بما فيها العاصمة باماكو. 

 ونظرا للتفكك الاثني والعرقي الذي تتميز به مالي والذي غذته فرنسا عبر سنوات من الاستعمار والهمجية والحرب لتترك مالي في بدايات استقلالها في 1960 ، مجموعة من القبائل المتناحرة عن الهوية والأرض والاثنية والعرق ، والاخطر من ذلك أن فرنسا تركت مشروعا مسموما اسمه الحكم الذاتي كانت قد وعدت به سكان الشمال أو ما يسمى باقليم أزواد الذي يسيطر عليه الطوارق... ضلت هذه التركة المسمومة خنجرا في العمق الجزائري يتجدد كل مرة ...


 ماذا يعني اتفاق الجزائر ؟ 

لم تتوقف الجزائر عبر الدبلوماسية النشطة في مالي منذ الاستقلال وأبرمت بين أطراف الصراع حزمة من الاتفاقيات للمصالحة واحلال السلم سنوات 90 ، 96 ، 2006 ،2012 ، وآخره اتفاق 2015 الذي فوضت بموجبه هيئة الامم المتحدة الجزائر لخوض ملف الوساطة بين أطراف النزاع عبر بعثة أممية للوساطة ( الجزائر ، الاتحاد الاوروبي ، دول غرب افريقيا اكواس ، منظمة التعاون الاسلامي ...) وتوج إعلان الجزائر بنتائج عديدة : 

- الدعوة الى مصالحة حقيقية تتيح شراكة سياسية للجميع ليكون مشاركا في حكم مالي .

- تنمية مناطق الشمال التي عانت ويلات التهميش والاقصاء وباتت ممرا للمخدرات والاجرام والاتجار بالبشر .

- دمج مقاتلي الازواد في الجيش المالي عبر تنسيقية ازواد وتثبيت المصالحة الوطنية .

- انسحاب القوات الفرنسية واحلال قوات السلام عبر هيئة الأمم المتحدة .

 لماذا نشب الصراع من جديد في مالي ؟ 

منذ تغير السلطات المالية عبر انقلاب عسكري جديد في مالي في 2021 ، ورفض ومطالبة السلطات المالية القوات الاجنبية في مالي ( أمريكا وبقايا القوات الفرنسية) بالانسحاب الكلي حدث صراع في من يسيطر على المناطق التي كانت تحت هذه القوات الدولية ، فاعتبر الازواد أن مناطق الشمال هي ارض لهم بينما تصر الحكومة المركزية المالية بالتعاون مع قوات فاغنر على استرجاعها ولو عبر القوة والردع وقد تسبب ذلك في شن حرب وسيل دماء الطوارڨ في الشمال، بالاضافة إلى : 

- عدم التزام الحكومة المركزية المالية بدمج المجموعات الازوادية في الجيش .

- عدم الالتزام بالمصالحة وادارة الحكم عبر كل التشكيلات العرقية 

- فشل كل مشاريع التنمية الاقتصادية بسبب تجذر تجارة المخدرات المنطلقة من أمريكا اللاتينية والتي تعبر دول الساحل لتمر إلى اوروبا بسبب هشاشة دول الساحل.

- والخطر الاكبر أن مجموعات الطوارڨ القادمة من القتال في ليبيا عادت باسلحة ضخمة وثقيلة مما تهدد بنشوب حرب حقيقية هذه المرة في جنوب الجزائر ( شمال مالي ) .

الخلاصة : 

غلق المجال الجوي أمام مالي هو خطوة متقدمة لكبح التهديدات القادمة من الساحل و ( مالي ) حيث ضلت الجزائر حريصة على تحقيق " اتفاق الجزائر " وإنجاز مشروع المصالحة بين الوسطاء ، والتحلي بسياسة الصبر والتحمل يقابله تصعيد وتواطئ و تحلل الحكومة العسكرية المركزية في مالي فعليا من كل تقارب وتهدئة ، عبر سياسة الأمر الواقع آخره ارسال مسيرة عسكرية بهدف الاستطلاع والتجسس وهو ما أدى إلى اسقاطها بعد اقل من دقيقتين من دخولها الاقليم الجوي للجزائر، وهذا تحقيق لعدة أهداف: 

يضع حدا للشلة المسيطرة في مالي عن طريق الانقلاب والتي ردت كذلك بغلق مجالها الجوي.

- وقف تدفق ونزوح المهاجرين إلى الحدود الجزائرية بالملايين هروبا من الحرب وتردي الاوضاع 

- تحذير الدول الوظيفية المتحمسة لتوسيع رقعة الحرب من السودان الى التشاد الى النيجر ومالي. 


ملاحظة: المقال منشور في صفحة عبد المنعم بن حمدة في فايسبوك

تاريخ Apr 8, 2025