الحراك الإخباري - في 4 مجلدات للشيخالدكتور محمد سعيد رمضان البوطي: "الحكم العطائية: شرح وتحليل"
إعلان
إعلان

في 4 مجلدات للشيخالدكتور محمد سعيد رمضان البوطي: "الحكم العطائية: شرح وتحليل"

منذ 3 سنوات|قراءة في كتاب


الحكم العطائية أقوال جليلة في تزكية النفس والارتقاء بها في مدارج الكمال والسمو، وقد تداولها أهل العلم على مر العصور وشهدوا من نفحاتها الكثير، حتى قال قائلهم "لو جازت الصلاة بشيء غير القرآن، لجازت بحكم ابن عطاء الله السكندري".

وتعتبر الحكم العطائية من المصادر المهمة التي لخصت لعلم التصوف حالا ومقاما، إذ ركزت بشكل كبير على البعد المقاصدي من الممارسة الصوفية بخصوصيتها، إذ لخص فيها ابن عطاء الله السكندري شروط سلوك الطريق إلى الله تعالى في دقة وإفادة، بجمالية متميزة، وقد كان الشيخ ابن عطاء الله السكندري مريدا للشيخ أبي الحسن الشاذلي رحمه الله تعالى، الذي عرفت طريقته بمقدرتها على توليد المعاني بشكل رائق، ويكاد يجمع علماء الأمة على فعالية الحكم العطائية في تسطير حدود السلوك السني الذي ينحو بنا إلى مقام الإحسان؛ مرتبة الكمال من مراتب الدين الإسلامي. وقد جاءت الحكم العطائية كما يعلمها الجميع جامعة مانعة ومختصرة في أسلوب رائق وراق، فمبناها ومعناها مؤصل من كتاب الله عز وجل ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومما يدل على ذلك تضمينه آيات بينات من الذكر الحكيم في حكم متعددة، مؤكدا بذلك على مرجعيته الملتزمة بالكتاب والسنة، كما أنها سابرة لأغوار النفس البشرية، منبهة لهفواتها بقصد الانتباه لها وتجاوزها وذلك بالترقي في مقامات خلقية غايتها التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل، وتلك غاية الممارسة الصوفية التي تنبه إلى زلات النفس وتروم إصلاحها لبلوغ الترقي في الأخلاق وهو المراد من الدعوة المحمدية لقوله عليه الصلاة والسلام: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”[السنن الكبرى، البيهقي، كتاب الشهادات، باب بيان الأخلاق ومعاليها، رقم: 20782.]، لذلك فقد كان كتاب الحكم العطائية مقبولا عند متصوفة الزمان وغيرهم لما يحويه من بعد تربوي تحتاجه الأمة الإسلامية على مر العصور.

ولمع اسم ابن عطاء الله السكندري عالماً من أجلّ علماء الشريعة، مصطبغاً بحقائقها ولبابها التي تحرر الإنسان من حظوظ النفس والهوى، وترقى به إلى سدة الصدق مع الله، وتمام الرضا عنه، وكمال الثقة به، والتوكل عليه، وكان إذا جلس للنصح والوعظ والتوجيه، أخذ حديثه بمجامع القلوب، وسرى من كلامه تأثير شديد إلى النفوس، أما كتابه "الحكم"، فليس هناك كتيّباً صغيراً في حجمه انتشر في الأوساط المختلفة كانتشاره، وتقبلته العقول والنفوس كتقبلها له، وهو مجموعة مقاطع من الكلام البليغ الجامع لأوسع المعاني بأقل العبارات، كلها مستخلص من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى عليه وسلم.

والدكتور العلامة محمد سعيد رمضان البوطي، رحمه الله، هو واحد ممن عشق هذه الحكم، وواحد ممن أدلى بدلوه في شرحها والتعليق عليها في كتاب رائع نشرته دار الفكر في آخر طبعة فاخرة لها من أربع مجلدات، أملاً في بلوغ المعاني السامية والأسرار القدسية الكامنة في تضاعيفها.

يتناول هذا الكتاب شرح الحكم العطائية وتحليلها، فيشرح ويحلل حكم ابن عطاء الله السكندري في تزكية النفس والارتقاء بها في مدارج الكمال والسمو، ويأتي بها زاخرة بجليل الأقوال، ويجعلها تتألق بشروح وتحليلات على كلام مركّز شديد التركيز.

ويحتوي الكتاب على ( 259 ) تسع وخمسين ومئتي حكمة، ألحق بها أربع رسائل من صاحب الحكم إلى بعض إخوانه، وبعض مناجاته وأدعيته وابتهالاته إلى الله عز وجل. ويقدم لها بكلمة عن صاحب كتاب الحكم الذي هو من أعيان القرن السابع الهجري، الإمام الملقب بتاج الدين أحمد بن محمد بن عبد الكريم عطاء الله السكندري المالكي، وعن كتابه الحكم الذي هو مجموعة مقاطع من الكلام البليغ الجامع لأوسع المعاني بأقل العبارات، المستخلصة من كتاب الله تعالى، أو من السنة النبوية الشريفة، وعن حكم ابن عطاء وصلتها بالتصوف، وعن موقع الإحسان من الإسلام والإيمان.

وينقسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام: أما القسم الأول فيدور على محور التوحيد، وحماية المسلم من أن يتسرب إليه شيء من المعاني الخفية الكثيرة للشرك. وأما القسم الثاني فيدور على محور الأخلاق، وتزكية النفس. وأما القسم الثالث فيدور على محور السلوك وأحكامه المختلفة.

ونشير في الختام أن هذا الشرح والتحليل للحكم العطائية الذي طبعته دار الفكر بدمشق في طبعة مجلدة وفاخرة جدا من 4 مجلدات، متوفر حصريّا بالجزائر لدى "دار الوعي"، لكل من يرغب في الاستفادة منها، حيث يمكنه التواصل معها عبر حسابها الرسمي على مواقع التواصل الاجتماعي.

تاريخ May 18, 2020