الحراك الإخباري - محمد بن عبد الرحمن الديسي ...فقيه أديب جزائري وعالم بالقراءات السبع
إعلان
إعلان

محمد بن عبد الرحمن الديسي ...فقيه أديب جزائري وعالم بالقراءات السبع

منذ سنتين|روبرتاج

في رحلتنا التاريخية الشيقة مع أعلام الجزائر اليمامين، تستوقنا اليوم شخصية سيدي الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسي، وحياته العامرة بالصلاح والإصلاح والعلم، فهو أحد قناديل الجزائر التي بلغت في العلم منتهاها، فانتشرت أنوارها و عَمَّ سناها، وهو أحد الأقلام التي أجادت وأفادت بعلوم جمّة، ومعارف مهمة.

عاش كفيف البصر، لكنه مستنير البصيرة، فقيه، أديب، عالم بالقراءات السبع، وكان يحفظ زهاء 50 متنًا في اللغة والعقيدة والمنطق والبلاغة وعلم الحديث والتجويد والنحو والفقه .. وغيرها، وقد وصفه الشيخ أبو القاسم محمد الحفناوي بأنه "من أجَلِّ المشايخ المعتبرين"، وقال عنه الشيخ الهاشمي بن بكار: "هو صاحب العلوم الرشيدة ، والمؤلفات المفيدة ، والردود السديدة ، على الفرق الضالة العنيدة "، وقال عنه شيخ المؤرخين الجزائريين الدكتور أبو القاسم سعد الله : "اشتهرت مؤلفات الديسي وعرف برزانته واتساع علمه رغم .. فَقْدِ بصره "، وقال المحدث المغربي الشهير الشيخ عبد الحي الكتاني في فهرس الفهارس هو " فخر القطر الجزائري " ، وكان الشيخ عبد الحميد ابن باديس يثق في رأي الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسي يستفتيه، كما كان الديسي يكن له الحب و التقدير.

 أعماله وتآليفه

ألف فضيلة الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسي 14 كتابا، أو بالأحرى هذا ما وصلنا من مؤلفاته، في الفقه ، والعقيدة ، والتصوف، والبلاغة، والمنطق، والنحو، والسيرة النبوية، والحديث الشريف، كما ردَّ ردودًا بالغة الأهمية على بعض أعلام عصره، ومشايخ زمانه، أَبَانَ فيها عن وعيه وسلامة فهمه لأصول المحاججة وقواعد الحوار... الشيخ عبد الرحمن الديسي كان صاحب همّة عالية في التأليف ، وهذه بعض كتبه :

• فوز الغانم ، في شرح ورد الشيخ محمد بن أبي القاسم ، طبع بالمطبعة الرسمية بتونس

• الزهرة المقتطفة ، و هو نظم في اللغة شرحه بشرح أسماه القهوة المرتشفة

• عقد الجيد منظومة في العقائد و شرحها بشرح سماه الموجز المفيد .

• العقيدة الفريدة منظومة مختصرة في العقائد شرحها الشيخ الكافي التونسي ، مطبوعة بتونس .

• البديعية منظومة رجزية ضمنها مدح شيخه الأستاذ الأكبر محيي الدين بن عربي ، و شرحها بشرح سماه " تحفة الإخوان "

• المشرب الراوي على منظومة الشبراوي في النحو.

• سلم الوصول و هو نظم الورقات في الأصول ، و شرحه بشرح سماه النصح المبذول.

• ديوان منة الحنان المنان

• توهين القول المتين في الرد على الشامخي الإباظي.

• بذل الكرامة لقراء المقامة شرح المناظرة بين العلم والجهل

• إبراز الدقائق على كنوز الحقائق في الحديث للمناوي

• تنوير الألباب شرح أحاديث الشهاب

• فتح القدوس العلام ، في شرح صلاة ابن مشيش عبد السلام

• خاتمة على قول ألفية ابن مالك

أخذ الشيخ عبد الرحمن الديسي علوم جمة، ومعارف مهمة، عن مشايخ عظام ، وفقهاء أعلام، نذكر منهم الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي، والشيخ حمدان لونيسي، والشيخ دحمان بن السنوسي بن الفضيل الديسي، والشيخ بن أبي القاسم بن الصغير المعروف بابن عروس، والشيخ محمد الصديق بن محمد بن سليمان الديسي، وأخذ عن شيوخ زاوية الشيخ السعيد بن أبي داود بزواوة في بلاد القبائل الكبرى، ومكث طويلا في الزاوية القاسمية في الهامل قرب بوسعادة ، وتنقل في طلب العلم إلى قسنطينة إلا أن مكثه فيها كان يسيرًا.

نماذج من شعره

لمّا بعث أبو القاسم محمد الحفناوي الجزء الأول من كتابه تعريف الخلف برجال السلف للشيخ محمد بن عبد الرحمان الديسي قرظه بالأبيات التالية:

حبّذا عقدُ جمانٍ و درر **** صاغه الحبرُ الجليلُ المعتبرْ

مفردُ العصرِ الهمامُ المرتضى **** ماجدَ الآباء محمودَ السَّير

إن وشى طرسا فحدِّث ما تشا **** عن بيانٍ و معانٍ كالغرر

لوذعيٌ ذو مزايا جمة **** فارس التحرير غواصُ الفِكْر

ذلك الحفنيُ نبراسُ الدُّجا **** في علاه صدَقَ الخبرُ الخبر

و كفانا شاهدا إبرازه **** تحفة في العصر تسبي من نظر

ضمنها تعريفه بالعلما **** من رجال ذكرهم يجلي الكدر

جملوا الغرب و أعلوا قدره **** و هم للغرب نعم المفتخر

خدموا العلم فما أسعدهم **** ظفروا بالفوز في أعلى مقر

زينت أسماؤهم مدرسة **** بجوارِ الثعلبي القطب الأبرّ

روضة العلم و مغنى الفضلا **** سوف يحيى في حماها ما اندثر

ياله سفرا غدا تاريخه **** جلّ للتعريفِ معنىً قد بهر

//// وفاته

ولد الشيخ عام 1854 ، وفي سن الثالثة والثلاثين تولى مهام التدريس في الزاوية القاسمية التي كان طاقم التدريس فيها آنذاك يضاهي طاقم التدريس في جامع الزيتونة المعمور بتونس من حيث كفاية العلماء فيها، بشهادة الشيخ أبو القاسم محمد الحفناوي ، وبقي الشيخ الديسي أستاذًا في الزاوية القاسمية 34 سنة ، إلى أن وافاه الأجل فيها بتاريخ 17 أوت سنة 1921م ، فأفاد من علمه الجم الغفير، وكان مرجعًا للفتوى على مذهب الإمام مالك، نسأل الله له الرحمة والمغفرة والثواب .

نقلا بتصرف عن الباحث محمد رميلات

تاريخ May 30, 2021