صدر مؤخرا عن المركز الديمقراطي العربي كتاب رائع، في صورة بحث جماعي حول" أثر السلام الاقتصادي على الصراع العربي – الإسرائيلي"، تحت إشراف و تحرير الأستاذة المصريّة ياسمين حلمي العايدي.
وفي مقدمة العمل الأكاديمي المميّز، يؤكد الناشر أنه في إطار تنامي النفوذ الأمريكي في المنطقة لفرض "شرق أوسط جديد" بمعايير أمريكية ، تحاول إسرائيل استغلال الوضع العربي الراهن، و مقتضيات "الربيع العربي "، التي جعلت من المنطقة العربية أكثر ضعفاً و استسلاماً ، تجاه المخططات الصهيونية ، بالتزامن مع قرارات إدارة ترامب ، بإعلانه بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس ، ثم اعترافه بأحقية إسرائيل في هضبة الجولان ، في تعدٍ صارخ على حقوق العرب، و الترويج لصفقة القرن كمحاولة لتسويف القضية الفلسطينية و تصنيفها و العمل علي إدماج الدولة العبرية في المنطقة الشرق الأوسط ، من أجل شرعنة وجودها ، و ذلك بإقامة مشروعات اقتصادية مشتركة تجمع إسرائيل بالدول العربية، و بما يهدف إلى إخراجها من العزلة الدولية المفروضة عليها .
وقد توحدت جهود مؤلفي الكتاب من مختلف التيارات الفكرية بالوطن العربي، لينقسم الكتاب إلى خمسة أبواب ، بإثني عشر فصلاً ، شمل الباب الأول "الصراع العربي الإسرائيلي من منظور دولي" ، و الذي استهله في الفصل الأول كلاً من الباحث المتخصص في شؤون القدس ، عدنان فضل الهندي ، و الإعلامية هند عدنان أبو نجيلة ، حيث تناولا "الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على مدينة القدس"، ثم تطرق الباحث محمد عبد الكريم في الفصل الثاني إلى "المسئولية الدولية تجاه القضية الفلسطينية".
ويتناول الباب الثاني "المشاريع الاقتصادية المشتركة "، و بدأته محررة الكتاب ، ياسمين حلمي العايدي ، بالحديث عن " قناة البحرين الإسرائيلية و تداعياتها على المنطقة"، في الفصل الثالث ، بينما الفصل الرابع تناوله أستاذ العلوم السياسية الدكتور لبيد عماد ، بعرض "المبادرات الأمريكية لتسوية الصراع العربي الصهيوني من خلال المشاريع الاقتصادية ما بين عام 1948 – 1991 ".
ثمّ ينتقل الباب الثالث إلى "البعد الإقليمي للصراع العربي الإسرائيلي " ، ليتولى الباحث المتميز عمار مرعي الحسن ، تغطية "العلاقات التركية الإسرائيلية بين المنظومة الإعلامية و المصلحية " ، بالفصل الخامس ، و في الفصل السادس ، أخذ الباحث جاسم محمد حاتم على عاتقه رصد "العلاقات الإيرانية – الإسرائيلية بين العلن و الخفاء "، و جاء الفصل السابع عن "التغلغل الإسرائيلي في إفريقيا و أثره على العلاقات العربية الإفريقية "، بقلم الباحث فخار خالد .
أما الباب الرابع بعنوان " السلام الدافئ بين الدول العربية و إسرائيل "، فقد بدأه الباحث و المحلل السياسي ، منصور أبو كريم ، في الفصل الثامن ، ليلقي الضوء فيه على " الحل الإقليمي من منظور الأحزاب الإسرائيلية في ضوء التحولات الإقليمية "، فيما جاء الفصل التاسع ، للكاتب و المحلل السياسي ، ماجد هديب ، ليكتب فيه "السلام الاقتصادي .. واقع و آفاق "، ثم تطرق أستاذ العلوم السياسية الدكتور إبراهيم أبو جابر ، في الفصل العاشر، إلى " دور النظام العربي الرسمي في التمكين للكيان الإسرائيلي في الإقليم ".
الباب الخامس و الأخير " الاقتصاد السياسي و تغير بنية الصراع العربي الإسرائيلي " ، بدأه الباحث و المحلل السياسي الدكتور جمال خالد الفاضي ، في الفصل الحادي عشر ، حيث تناول " مفهوم السلام الاقتصادي على القضية الفلسطينية "، و ختاماً بالفصل الثاني عشر " دور الاقتصاد السياسي في بلورة علاقات إسرائيل بالدول العربية "، بقلم الخبير الاقتصادي أنور حامد الدليمي .
وبذلك حصد هذا الكتاب ثمرة جهود نخبة من ألمع الباحثين المتخصصين في الشأن الفلسطيني ، ليقدموا إلى القارئ رؤية شاملة و تحليلية ، حول تغير مسار الصراع العربي الإسرائيلي و محاولات فرض السلام ما بين الدول العربية و إسرائيل ، في ظل تحولات البيئة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط ، متمنين أن يقدم هذا الكتاب علماً تنتفع به الأمة .