الحراك الإخباري - الشعبوية تسوق الغوغاء...كما يساق قطيع الخرفان إلى المسلخ
إعلان
إعلان

الشعبوية تسوق الغوغاء...كما يساق قطيع الخرفان إلى المسلخ

منذ 3 سنوات|رأي من الحراك

في خضم المنشورات التي تجتاح فضاءات التواصل الإجتماعي حول مسائل وطنية وقضايا سياسية، تحول العديد من محدودي المستوى إلى مؤثرين وصناع رأي وأصبح عامة الناس من مرتادي هذه المواقع يساقون بهذه المنشورات مثلما يساق قطيع الخرفان إلى مسالخ الذبح، دون أي تفكير أو اعتراض أو نقاش.
 "منشورات رأي" هنا وهناك، يظهر من خلالها أن أصحابها ليس لهم لا مستوى ولا ريادة ولا رجاحة عقل، يحققون أرقاما خيالية من التفاعلات والإعجابات ويتحوّلون إلى مؤثرين في الرأي العام، والخاص، إلى درجة أنهم يسحقون "النخبة" بآرائهم ويحاصرونها بمنشوراتهم، ولا يتركون لها نافذة تطل منها.
فبينما يفكر المثقف، ويحسب ألف حساب قبل أن يعبر عن رأيه، ويراجع منشوره ألف مرة قبل أن يطلقه في مواقع التواصل الإجتماعي، يأتي شخص آخر متهور، نرجسي ليس له أي فكر، ولا يثبت على موقف، يتجه حيث تتجه الرياح، وينعطف حيث تنعطف المياه، يغرق مجموعات الفايسبوك بمنشورات شعبوية، فعلى سبيل المثال هناك من لم يقرأ مشروع تعديل الدستور
 ولكنه ينقل كل المنشورات التي تدافع عنه، منساقا بذلك وراء منشورات قد يعرف أصحاباها وقد لا يعرفهم، وهناك من يرفض مشروع تعديل الدستور جملة وتفصيلا وهو لم يطلع على مضمونه، و تجده يروج لكل المنشورات التي ترفض الدستور.
نفس الشيء حدث في قضية الفتاتان اللتان تم إقصائهما من البكالوريا بسبب تأخرهما، فقد سارع الجميع إلى التضامن معهما، دون حتى معرفة الأسباب أو التفاصيل، وعج الفايسبوك بموجة من التعاطف معهما، ثم سرعان ما اتضح أن الفتاتان تقطنان بالقرب من مركز الإمتحان، ولا عذر لهما للتأخر، فبدأت موجة أخرى تدعو إلى الصرامة وتطبيق القانون، فانساق ورائها كذلك... الأمثلة كثيرة عن قضايا وأحداث يتفاعل معها رواد المواقع بكل شعبوية، و بينما تلقى المنشورات المخالفة للموجة أو العقلانية استهجانا وعزوفا.
والغريب أن المنشورات الشعبوية سرعان ما تنتشر بين الناس ويتبنون أفكارها، ويتأثرون بها ويتواترونها في مجموعات الفايسبوك لتحصد آلاف التفاعلات، وتصل إلينا وإلى أكبر عدد من الناس..فإذا تركتهم يأتون على الزرع والحرث، وإذا حزّ في نفسك المنشور وعلقت أو حاولت أن تعترض عليه أو أن تناقشته أو تنصح تجد نفسك عرضة للشتم والإتهامات الباطلة.

جميلة بلقاسم

تاريخ Sep 15, 2020