الحراك الإخباري - يعالج السياسة العقلية والشرعية والعمران والأخلاق كتاب "بدائع السلك في طبائع الملك"
إعلان
إعلان

يعالج السياسة العقلية والشرعية والعمران والأخلاق كتاب "بدائع السلك في طبائع الملك"

منذ 3 سنوات|قراءة في كتاب


مؤلف كتاب "بدائع السلك في طبائع الملك" هو القاضي محمد بن علي بن محمد الأزرق الأصبحي، المعروف بابن الأزرق المولود في "مالقة" بالأندلس سنة 832 هجرية، وبها نشأ، ثم تتلمذ على علماء الأندلس في عصره.
وقد أسهم "ابن الأزرق" في الحياة العامة، فكان عالماً بارعاً وفقيهاً جليلاً، ولي القضاء في غربي "مالقة" ثم قضاء "مالقة" نفسها ثم قضاء الجماعة بغرناطة، وقد انتقل إلى "تلمسان" بعد استيلاء الإفرنج على "غرناطة" وبعدها هاجر إلى المشرق، يستنفر ملوك الأرض لنجدة صاحب غرناطة، إلى أن توفي في "القدس" سنة 896هـ .
وعلى كثرة تولي "ابن الأزرق" لوظائف القضاء والفتوى، فإنه كان أديباً وعالماً بالعربية وشاعراً، ويدل ما خلفه من نتاج أو ما وصلنا منه، على شخصية فذة تركت أثرها في غيره من رجالات عصره، كما تدل بعض الأشعار التي رويت له في كتب التراجم، على ملكة شعرية وقوة خيال وإرهاف شعور، وقد خلف "ابن الأزرق" عدداً من المؤلفات المهمة في بابها منها: روضة الإعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام ـ شفاء الغليل في شرح مختصر خليل، وبدائع السلك.أما كتاب "بدائع السلك في طبائع الملك"، فقد وقع في منزلتين متضادتين، فرأى فيه بعضهم، كتاب أدب ووعظ، وليس كتاباً في علم الاجتماع، ولا في علم الأخلاق السياسي، وليس فيه من علم الاجتماع إلا تلخيصه لنظريات ابن خلدون الاجتماعية.وذهب آخرون إلى أن كتاب ابن الأزرق، لا يقل في تكامله ولا في منهجيته عن مقدمة "ابن خلدون" والتي يؤسس فيها هذا الأخير لعلم الاجتماع قبل علماء الغرب بكثير من القرون.وعلى الرغم من أن "ابن الأزرق" قد استند على المقدمة، فإنه خطى بالنظريات الاجتماعية السياسية لدى المسلمين خطوات واسعة، ومزج بين نظريات "ابن خلدون" ونظريات أخرى سياسية إسلامية تستند على اتجاه ابن خلدون السياسي، وهو علم الأخلاق السياسي.يعالج "ابن الأزرق" في بدائعه، موضوعات السياسة العقلية والشرعية والعمران والأخلاق، وقد أدار المؤلف الكلام على هذه الموضوعات في خطبة ومقدمتين وأربعة كتب وخاتمة، ومسكة ختام، وقد اتبع فيه منهجاً دقيقاً في توزيع الموضوعات ومعالجتها، ضمن عناوين أصلية وفرعية.فالعناوين الرئيسة التي يتألف منها هذا الكتاب: مقدمة أولى: في تقرير ما يوطئ في النظر في الملك عقلاً، وفيها عشرون سابقة، منها السابقة الأولى: إن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم ضروري، ومن ثم قال الحكماء: الإنسان مدني بالطبع مقدمة ثانية: في تمهيد أصول من الكلام في الملك شرعاً وفيها أيضاً عشرون سابقة، ومنها الفاتحة العشرون: حيث يقول إن صلاح السلطان وفساده، صلاح الرعية وفسادها، ففي الحديث: صنفان من أئمتي، إذا صلحا صلح الناس: الأمراء والعلماء.أما الكتاب الأول فقد جاء تحت عنوان: في حقيقة الملك وسائر أنواع الرئاسات، وسبب وجود ذلك وشرطه، وفيه بابان، الباب الأول في حقيقة الملك وسائر أنواع الرئاسات، وفيه ثلاثة أنظار: أحدها: في حقيقة الملك، الثاني: في حقيقة الخلافة، الثالث: في سائر أنواع الرئاسات.أما الباب الثاني: في سبب الملك وشرطه والنظر في ظرف سبب وجوده، وشرطه، وما به، قضى الله ذلك الشرط وهو الحرب والقتال. أما الكتاب الثاني: فقد جاء في أركان الملك وقواعد مبناه ضرورة وكمالاً، وفيه أيضاً: بابان.كذلك الكتاب الثالث الذي جاء: فيما يطالب به السلطان تشييداً لأركان الملك تأسيساً لقواعده، ويشتمل على مقدمة وبابين أما الكتاب الرابع: فما كان: في عوائق الملك وعوارضه.يبدأ ابن الأزرق بالكليات في كتبه المتعلقة بالموضوع الذي يناقشه ثم ينتقل إلى الجزئيات متدرجاً، وطريقته في المعالجة هي أن يأتي بالأفكار العامة بادئاً بالآيات الكريمة، ثم بالأحاديث الشريفة، ثم بأقوال الحكماء، ويختم بحكايات لها صلة وثيقة بالموضوع وأسلوب "ابن الأزرق" هو أسلوب العلماء الذين يبتعدون عن الاستطراد، وهو يحجم عن استخدام هذا الأسلوب كي يبتعد عن التطويل والتشويش، ليقدم لنا كتاباً معرفياً مهماً في أسلوبه ومادته.ونشير أن القاضي محمد بن علي بن محمد الأزرق الأصبحي الغرناطي، الأندلسي المالكي، وهو شمس الدين أبو عبد الله، ذكر المقري في "نفح الطيب" نقلاً عن السخاوي: أن ابن الأزرق لازم الأستاذ إبراهيم بن أحمد بن فتوح مفتي غرناطة في النحو والأصلين والمنطق، بحيث كان جل انتفاعه به، ثم يورد أسماء بعض شيوخه الآخرين إلى أن يقول: وكتاب السلك لخص فيه كلام ابن خلدون في مقدمة تاريخية وغيره، مع زوائد كثيرة، ثم يذكر كتابًا آخر له، هو: روضة الأعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام، ويصفه بأنه مجلد ضخم فيه فوائد وحكايات، وشفاء الغليل في شرح مختصر خليل في فروع الفقه المالكي، ويروي له بعض الأوراد الدينية والشعر،‏ ويصفه صاحب معجم المؤلفين بأنه فقيه من القضاة، مشارك في بعض العلوم، تولى القضاء بغرناطة إلى أن استولى عليها الفرنج، فانتقل إلى تلمسان، ثم إلى المشرق، وحج ورجع إلى مصر، وتوفي بالقدس عام 896هـ 1491م‏.وللراغبين في الانتفاع من هذا التراث النفيس والفريد في حقله المتميز، فإنّ دار الوعي الجزائرية توفّر طبعة أنيقة ومجلدة من جزأين، حقّقها العالم الجليل الدكتور محمد بن عبد الكريم الجزائري رحمه الله، فما عليهم سوى التواصل معها عبر موقعها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي أو عبر موزعيها المتعمدين.

تاريخ Jun 2, 2020