تعد أسواق الأسهم من أهم الركائز الأساسية للاقتصادات الحديثة، فهي تمثل منصات مالية حيوية تمكن المستثمرين من شراء وبيع حصص ملكية في الشركات العامة. تعتبر هذه الأسواق بمثابة مرآة تعكس صحة الاقتصاد وتوجهاته المستقبلية. و تلعب أسواق الأسهم دوراً محورياً في جمع رأس المال اللازم لتمويل مشروعات الشركات، مما يعزز من قدرتها على التوسع والنمو.
تساهم أسواق الأسهم في تحفيز الاستثمار من خلال توفير فرص للمستثمرين لتنمية ثرواتهم وتحقيق عوائد مالية. كما تعزز هذه الأسواق من الشفافية والمساءلة، حيث تلزم الشركات المدرجة بالإفصاح عن معلوماتها المالية وأدائها التشغيلي، مما يعزز من ثقة المستثمرين في السوق.
من خلال جمع رأس المال، تحفيز الاستثمار، وتعزيز الشفافية، تسهم أسواق الأسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وزيادة معدلات النمو. كما تلعب دوراً حيوياً في تنويع الاقتصاد من خلال تشجيع نمو قطاعات جديدة، مما يقلل من الاعتماد على القطاعات التقليدية. باختصار، تعتبر أسواق الأسهم أداة لا غنى عنها لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والازدهار الاقتصادي في الدول المختلفة.
أبرز مؤشرات الأسواق العربية
وفقاً لبيانات فبراير من صندوق النقد العربي في مارس 2024، سجلت تداول السعودية الحصة الأكبر من رأس المال السوقي، حيث بلغت حوالي 2.983 تريليون دولار، مما يمثل زيادة بنسبة 4.85% مقارنة بـ 2.845 تريليون دولار في يناير. بينما وصلت القيمة السوقية لسوق أبوظبي للأوراق المالية (ADX) إلى 775.1 مليار دولار في فبراير، مسجلة انخفاضاً طفيفاً بنسبة 1.95% من 790.5 مليار دولار في يناير. في دبي، بلغت قيمة سوق دبي المالي 198.8 مليار دولار، بزيادة قدرها 2.65% مقارنة بـ 193.7 مليار دولار في يناير.
كما أبرز تقرير صندوق النقد العربي أرقام القيمة السوقية لبورصات عربية بارزة أخرى. سجلت بورصة قطر زيادة بنسبة 2.75% في القيمة السوقية لتصل إلى 165.8 مليار دولار. بالإضافة إلى ذلك، شهدت بورصة الكويت زيادة بنسبة 2.05% لتصل إلى حوالي 143.2 مليار دولار. بينما أظهرت بورصة الدار البيضاء في المغرب قيمة سوقية بلغت 66.7 مليار دولار، بزيادة قدرها 4.58% مقارنة بشهر يناير.
ترتيب الأسواق العربية في فبراير 2024
السعودية: سجلت تداول أكبر حصة من رأس المال السوقي، حيث بلغ نحو 2.983 تريليون دولار.
أبو ظبي: بلغ رأس المال السوقي لبورصة أبو ظبي 775.1 مليار دولار.
دبي: وصلت قيمة سوق دبي المالي إلى 198.8 مليار دولار.
قطر: سجلت بورصة قطر زيادة بنسبة 2.75% في القيمة السوقية لتصل إلى 165.8 مليار دولار.
الكويت: بلغت القيمة السوقية لبورصة الكويت حوالي 143.2 مليار دولار.
المغرب: أظهرت بورصة الدار البيضاء قيمة سوقية تبلغ 66.7 مليار دولار.
الأسواق العربية الأخرى
مصر: سجلت البورصة المصرية زيادة بنسبة 1.57% في رأس المال السوقي لتصل إلى 64.7 مليار دولار.
عمان: بلغت القيمة السوقية لسوق مسقط للأوراق المالية 61.7 مليار دولار.
الأردن: بلغت قيمة سوق عمان للأوراق المالية 24.1 مليار دولار.
لبنان: بلغت القيمة السوقية لبورصة بيروت 17.99 مليار دولار.
تونس: سجلت بورصة تونس 7.7 مليار دولار.
سوريا: بلغت قيمة سوق دمشق للأوراق المالية 5.68 مليار دولار.
فلسطين: بلغت القيمة السوقية لبورصة فلسطين 4.38 مليار دولار.
محركات النمو
شهد رأس المال السوقي للأسواق العربية نشاطاً متبايناً في فبراير. سجلت ثماني بورصات زيادة مدفوعة بتحسن قطاعات السلع طويلة الأجل والرعاية الصحية والبنوك والطاقة. بالإضافة إلى ذلك، ساهم تحسن نشاط الاستثمار الأجنبي على المستويين الفردي والمؤسسي في زيادة مؤشرات الأداء في بعض البورصات العربية الشهر الماضي. علاوة على ذلك، كانت النتائج السنوية لأعمال الشركات المدرجة إيجابية في معظمها، خاصة تلك العاملة في قطاع البنوك، مما أدى إلى زيادة في التداول وزيادة في مؤشرات السيولة في عدة بورصات عربية. في نفس السياق، واصلت البورصات العربية جهودها نحو توسيع قاعدتها السوقية من خلال إدراجات جديدة، مما دعم نموها وزاد من قيمتها السوقية.
أهمية البورصات لتطوير الاقتصادات العربية
تعتبر أسواق الأسهم من الأدوات الأساسية لتعزيز التنمية الاقتصادية في الدول العربية. فهي توفر للشركات إمكانية الوصول لرأس المال اللازم للتوسع والنمو، وتمنح المستثمرين فرصاً لتنمية ثرواتهم. من خلال تعزيز الشفافية وتحفيز الاستثمار، تسهم أسواق الأسهم في تحقيق استقرار اقتصادي أكبر وزيادة معدلات النمو.
سوق الأسهم في الجزائر
رغم تأسيس بورصة الجزائر في 1997، إلا أن رأس مالها السوقي ما زال صغيرًا مقارنة بدول أخرى مثل تونس وعمان. في مارس 2024، بلغ رأس مال السوق في الجزائر نحو 0.6 مليار دولار فقط. ويرجع ذلك لعدة عوامل منها ضعف التنويع الاقتصادي وقلة الشركات المدرجة في السوق.
وفقاً لتقرير وكالة ايكوفين تضاعف رأس المال السوقي لبورصة الجزائر سبع مرات بعد إدراج بنك عمومي. ومع ذلك، تبقى القيمة السوقية صغيرة جداً بالمقارنة مع البلدان الأخرى. على سبيل المثال، تسجل تونس رأس مال سوقي يقدر بـ 7.7 مليار دولار، وعمان بـ 61.7 مليار دولار، وهو فارق كبير يظهر التحديات التي تواجهها الجزائر في تعزيز سوقها المالي
أهمية تطوير سوق الأسهم في الجزائر
يعد وجود سوق أسهم قوية في الجزائر أمراً بالغ الأهمية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. يمكن لسوق الأسهم المزدهرة أن:
تجمع رأس المال للشركات: توفير رأس المال اللازم للشركات المحلية يمكنها من التوسع والنمو، مما يخلق فرص عمل جديدة ويحسن من مستوى المعيشة.
تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي: يمكن لسوق الأسهم الشفافة والفعالة أن تجذب المستثمرين المحليين والأجانب، مما يعزز من تدفق الاستثمارات إلى البلاد ويدعم النمو الاقتصادي.
تعزيز الشفافية والمساءلة: تلزم الشركات المدرجة في البورصة بالكشف عن معلوماتها المالية وأدائها، مما يزيد من الشفافية ويعزز الثقة في السوق.
تنويع الاقتصاد: يساعد سوق الأسهم على تنويع الاقتصاد من خلال تشجيع نمو قطاعات غير نفطية مثل التكنولوجيا، الرعاية الصحية، والخدمات المالية.
زيادة السيولة: توفر أسواق الأسهم وسيلة للشركات والمستثمرين لتحويل استثماراتهم إلى نقد بسرعة وسهولة، مما يعزز من مرونة الاقتصاد.
الخاتمة
على الجزائر أن تسعى جاهدة لتطوير سوق أسهمها لتكون قادرة على منافسة الأسواق الإقليمية والدولية. من خلال تبني سياسات تشجيع الاستثمار وتطوير البنية التحتية المالية، يمكن للجزائر أن تحسن من جاذبية سوقها المالي، مما يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والازدهار للشعب الجزائري. إن أسواق الأسهم القوية ليست مجرد أداة لجمع رأس المال، بل هي أيضاً مؤشر على صحة الاقتصاد وجاذبيته للاستثمارات، وأداة فعالة لتعزيز الشفافية والمساءلة. تطوير سوق الأسهم في الجزائر ليس خياراً، بل ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة وتحقيق النمو الاقتصادي المنشود.
يجب أن يكون تطوير سوق الأسهم في الجزائر ودخولها في مرحلة جادة من النمو أحد المشاريع الرئيسية للرئيس القادم للجمهورية. فهذه الخطوة تعد واحدة من الطرق الفعالة لإدخال الأموال الموجودة في الدوائر غير الرسمية إلى دائرة رسمية وشفافة، مما سيساعد الدولة كثيراً في مكافحة السوق السوداء وتمكين تحويل جزء كبير من تلك الأموال إلى نظام قانوني يمكن أن يعود بالفائدة الكبيرة على المواطنين.
زهير شيخي
مهندس مختص في الطاقة و الاقتصاد