الحراك الإخباري - مغناطيسات الفيريت: مشروع جزائري ذهبي يربط "غار جبيلات" بالأسواق العالمية
إعلان
إعلان

مغناطيسات الفيريت: مشروع جزائري ذهبي يربط "غار جبيلات" بالأسواق العالمية

منذ 7 ساعات|الأخبار


بقلم المهندس زهير شيخي 

خبير اقتصادي 


تُشكّل مغناطيسات الفيريت عصباً خفياً في صميم التقنيات الحديثة، من أنظمة السيارات الكهربائية إلى الأجهزة المنزلية ومشاريع الطاقة المتجددة.

وفقاً لتقارير متخصّصة في أبحاث الأسواق العالمية، من المتوقّع أن تصل قيمة السوق العالمية لهذه المغناطيسات الى أكثر من 9 مليار دولار بحلول سنة 2033

وفي هذا المشهد التنافسي، تبرز الجزائر كمرشحٍ استراتيجي لقيادة إنتاجها في إفريقيا، مستفيدةً من أربع ركائز: وفرة المواد الخام (لا سيما خام الحديد)، وتكلفة الطاقة التنافسية، وكفاءة الأيدي العاملة، والقرب الجغرافي من الأسواق الأوروبية. 

سوقٌ عالمي.. وهيمنةٌ آسيوية صارمة

تهيمن شركات عملاقة من الصين واليابان على هذا السوق، أبرزها "دراغون ماغنيتيك تكنولوجي" (بطاقة إنتاجية سنوية: 60 ألف طن) و"ماغنيتيكس هنجديان" (37 ألف طن). بينما تُساهم أوروبا عبر شركات مثل "فيراكسيوب" بطاقاتٍ محدودة (نحو 8 آلاف طن). أما في القارة الإفريقية، فيُسجَّل فراغٌ إنتاجي لافت، ما يمنح الجزائر فرصةً تاريخية لإنشاء

مصنعٍ رائد بطاقة 5000 الى 10000 طن سنويا من مغناطيسات الفيريت متوسطة الجودة، لتصبح المنتج المحوري في القارة

 مقوّمات جزائرية فريدة

ثروة الخامات:

 تمتلك الجزائر احتياطيات هائلة من خام الحديد (أبرزها منجم غار جبيلات المُزمع استغلاله قريباً)، مع ضرورة معالجة الخام كيميائياً لرفع نقاوته بما يتلاءم مع صناعة المغناطيسات عالية الأداء.

طاقة مُستدامة ومنافسة:

 توافر الكهرباء بأسعار تنافسية، وإمكانية ربط المصنع بمحطة طاقة شمسية لخفض التكاليف وتعزيز الاستدامة – تماشياً مع السياسة الوطنية للتحوّل الطاقوي.

كفاءة تشغيلية:

 انخفاض كلفة العمالة المدّربة مقارنةً بأوروبا وآسيا، ما يعزّز الميزة السعرية.

موقعٌ جيواقتصادي استراتيجي:

 القرب من السوق الأوروبية المتعطّشة لهذه المنتجات، خصوصاً مع تحوّلها السريع نحو السيارات الكهربائية والطاقات النظيفة.

أثرٌ تنموي متعدّد الأبعاد

صناعة السيارات:

 يدعم القطاع السيارات الناشئ (المقرّر إطلاق تصنيعه المحلي أواخر 2025) بتوفير مدخلات صناعية محلية، مُخفّضاً فاتورة الاستيراد.

الأجهزة المنزلية:

 يُعزّز صناعةً محلية راسخة عبر توريد مكونات أساسية بجودة عالية وأسعار منافسة.

الطاقات المتجددة:

 يُسهم في تطوير توربينات الرياح والألواح الشمسية محلياً، وتموين الأسواق الإفريقية الصاعدة (كمصر والمغرب).

تشغيل الأيدي العاملة:

 يُولّد 250 الى 350 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة (تشغيل، صيانة، نقل، خدمات داعمة)، مساهماً في امتصاص البطالة.

جدوى اقتصادية واستثمارية واعدة

الإيرادات المتوقعة:

 بيع 10,000 طن سنوياً بسعرٍ وسطي (2000 دولار للطن) يُحقّق إيرادات تقارب 20 مليون دولار سنويا (قبل احتساب تكاليف التشغيل ).

حجم الاستثمار:

 تُقدّر الكلفة الأولية للمصنع المتكامل (بمعدّات حديثة، مختبرات ضبط جودة، نظم إدارة بيئية) بين 8 و12 مليون دولار وهو استثمارٌ في متناول القطاعين العام والخاص. 

متطلّبات النجاح وآفاق التطوير

تحالفات التكنولوجيا:

 التعاون مع شركات عالمية رائدة لاكتساب المعرفة في العمليات التصنيعية الدقيقة (كالتلبيد الحراري) وضبط الجودة.

الامتثال للمعايير العالمية:

 الحصول على الشهادات الإلزامية للتصدير إلى أوروبا، مثل شهادة الجودة العالمية للقطاع السياراتي وتشريع المواد الكيميائية الأوروبي.

بنية تحتية ذكية:

 تطوير المرافئ وشبكات النقل لضمان سلاسة التصدير وخفض الكلفة اللوجستية.

الإدارة البيئية الرشيدة:

 اعتماد حلول إعادة تدوير المياه في العمليات التصنيعية لمواجهة الشح المائي.

التطوير التكنولوجي التصاعدي:

 جعل المشروع نواةً لإنشاء مراكز بحثية (بالشراكة مع الجامعات الوطنية) تستهدف لاحقاً إنتاج مغناطيسات متطوّرة (كمغناطيسات النيوديميوم) ذات قيمة مضافة عالية.

رؤية استراتيجية: من المنجم إلى الصدارة التكنولوجية

يمثّل إنتاج مغناطيسات الفيريت في الجزائر قفزةً صناعية نوعية فهو ليس مجرد استغلال للمواد الخام، بل تحوّل جوهري في سلاسل القيمة الصناعية, من استخراج الخام إلى المنتج التكنولوجي الجاهز. الجمع بين وفرة الخامات، والطاقة المتجددة، والكفاءة التشغيلية، والموقع الاستراتيجي، والاستثمار في نقل المعرفة والامتثال العالمي، يُتيح للجزائر

تعزيز السيادة التكنولوجية عبر تقليل التبعية للواردات.

تنويع الصادرات غير المحروقية وزيادة العملة الصعبة.

ترسيخ مكانةٍ صناعية رائدة في إفريقيا وأوروبا، وتمهيد الطريق لصناعات تحويلية متقدمة (كمحرّكات السيارات الكهربائية). هذه الفرصة الاستثنائية تتطلّب تحركاً عاجلاً وحكيما لتحويل الإمكانات من حبر الدراسات إلى واقعٍ ملموس.

تاريخ Jun 7, 2025