الحراك الإخباري - الجامعات الأمريكية، كلمة السر (غزة)
إعلان
إعلان

الجامعات الأمريكية، كلمة السر (غزة)

منذ أسبوع|الأخبار


لم يعد خفيا على أحد أن حركة التضامن الدولية مع غزة منذ بدأ حرب الإبادة الصهيونية في أكتوبر الماضي قد وحدت العالم بشكل غير مسبوق في نصف القرن الماضي على الأقل.

ففي العقود الخمسة الأخيرة لم تلتف الإنسانية من دبلن إلى طوكيو ومن نيويورك إلى سيدني حول قضية دولية التفافها حول قضية غزة التي أصبحت كلمة السر الدولية لحركات المقاومة للإمبريالية العالمية وللكولونيالية الجديدة ناهيك عن معادتها للمد الصهيوني وللمعسكر المتخفي خلف "الحق في الدفاع عن النفس" وهو يقوم بإبادة عنصرية لم تبقي طفلا ولا شيخا ولمرأة في القطعة المقدسة التي تسمى "فلسطين".

آخر هذه الحركات التي أشعلت فتيلها الكلمة التي تهز الضمير الإنساني "أوقفوا النار فورا" هي حركة الطلاب الدولية التي شب لهيبها في جامعة كولومبيا وتوشك أن تحرق العالم في سيناريو مشابه للحركة المناهضة لحرب فيتنام.


جامعة كولومبيا...مهد الطوفان الأمريكي

وقبل الجمعة حيث أرجأت إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية الموعد النهائي لفض الاعتصامات داخل الحرم الجامعي كانت قد انطلقت شرارة الاحتجاجات التي تدعو هذه المؤسسة العلمية العريقة إلى سحب الاستثمارات من الشركات التي "تجني أرباحا عن طريق الفصل العنصري الإسرائيلي والإبادة واحتلال فلسطين" في بداية الأسبوع.

وطالبت الحركة التي وحدت النخبة الأمريكية من مختلف الأعراق والأديان بداية بشيء واحد هو سحب الاستثمارات التي تدعم العدوان الصهيوني قبل أن تتحول إلى تيار وطني يتمسك بحرية التعبير والتظاهر ويرفض الوصاية الإسرائيلية على الجامعات الأمريكية وخاصة بعد إرسال الشرطة لقمع المحتجين واعتقال عدد كبير من الطلبة وهيئات التدريس.

وأمام الاعتقالات والعقوبات التي واجهها الطلاب تحولت المظاهرات إلى اعتصامات حيث نصبوا الخيام وهم يواجهون اليوم التهديدات بتفكيك الحركة الاحتجاجية التي رفعت شعار "لا تنسى دائما أن تبتسم".

وتحاول الجامعة كسر إرادة المتظاهرين الذين يدينون العنف الإداري والترهيب الذي تمارسه النخبة الحاكمة المؤيدة لإسرائيل من خلال الشرطة تارة ومن خلال وصف المؤيدين للفلسطينيين بالإرهابيين والمعادين للسامية تارات أخرى. لكن الأداة الوحيدة التي يملكها المحتجون وتزعج البروباغندا الغربية هي "الأصوات والأغاني ورقصة الدبكة والكوفية والعلم الفلسطيني". 


كالنار في الهشيم... حركة "العار لكم" تعزو الجامعات

ولم تكن أولى التوقيفات التي جرت في جامعة كولومبيا إلا البنزين الذي أوقد نارا امتد حريقها إلى جامعات أخرى بما في ذلك الجامعات المرموقة دوليا على غرار "هارفرد" و"يال" و"برينستون".

وأوقفت الشرطة الأمريكية يومي الأربعاء والخميس ما لا يقل عن 200 متظاهر بجامعات لوس أنجليس وبوسطن وأوستن في ولاية تكساس حيث تجمع حوالي ألفي متظاهر مجددا للتعبير عن رفضهم لهذا القمع بحق الطلبة المؤيدين للفلسطينيين.

وأصبح المشهد الذي دشنته جامعة كولومبيا متكررا في عدة أنحاء من البلاد حيث قام الطلاب بنصب الخيام وإقامة الاعتصامات داخل الجامعات وأصبحت الشعارات أكبر بما في ذلك "التنديد بالدعم العسكري الفاضح الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني وبالوضع غير الإنساني للفلسطينيين في قطاع غزة."

وفي كل مرة كانت الشرطة تقوم بفض الاعتصامات وتوقيف المتظاهرين كان المتعاطفون مع الحركة يوثقون بالصور والفيديوهات "العار" الذي لحق بإدارات الجامعات وهي تحرم طلابها من حرية التعبير المقدسة في الدستور الأمريكي.

وفي جامعة إيموري بأتلانتا قامت الشرطة بإجلاء المتظاهرين وألقت بعضهم على الأرض بهدف توقيفهم قبل أن تعترف في وقت لاحق باستخدامها عناصر كيميائية لمواجهة العنف الذي مارسه البعض حسبما ادعى رجال الأمن.

وانتقلت حمى الجامعات صباح الخميس إلى جامعة جورج واشنطن بالعاصمة الأمريكية أين أنشئ مخيم جديد وإلى جامعة كاليفورنيا حيث نصب 200 طالب زهاء 30 خيمة محاطة بالمنصات الخشبية واللافتات. والهدف لفت العالم إلى غزة التي لم يعد فيها مكان لمخيم أو ملجأ أمن.

وقبل نهاية اليوم أعلنت جامعة كاليفورنيا القبض على 93 متظاهر وإلغاء حفل التخرج الرئيسي هذا العام بسبب الإجراءات الأمنية الجديدة.

لكن لا التوقيفات ولا الفصل ولا إلغاء حفلات التخرج أو التحول للتدريس عن بعد ومن خلال المنصات الالكترونية نجح في إخماد الغضب الطلابي.



تمرد الجامعات بين الجدل انتخابي والمسار قانوني 

وفي سنة انتخابية في الولايات المتحدة الأمريكية سرعان ما قفز هذا الموضوع من "ترند" على مواقع التواصل اجتماعي إلى "هاشتاج" رئيسي في السباق الرئاسي حيت قال جيسون ميلر وهو مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب "في عهد جو بايدن لن يكون حفل تخرجك مضمونا".

ومع أن العجوز بايدن يؤيد في الظاهر "حرية التعبير والنقاش العمومي في الجامعات وبدون تمييز بين الطرفين" لا يبدو المشهد في الميدان كذلك حيث يحاط مؤيدو إسرائيل بالحماية الأمنية والقانونية وإن ارتكبوا أفعالا يعاقب عليها القانون الأمريكي فيما يتم تكميم الأصوات المؤيدة للفلسطينيين ومنع تظاهراتها وكل ما يرمز للمقاومة الباسلة للشعب الأعزل في قطاع غزة.

ولأن لا شيء في الولايات المتحدة الأمريكية لا يذهب إلى المحاكم قالت منظمة أميركية مؤيدة للفلسطينيين الخميس أنها قدمت شكوى اتحادية متعلقة بالحقوق المدنية ضد جامعة كولومبيا.

وتتعلق هذه الشكوى أساسا باعتقال عشرات المحتجين المناهضين للحرب في غزة واستدعاء الجامعة للشرطة من أجل فض مخيم المتظاهرين، تضيف المنظمة.

وحثت منظمة "فلسطين القانونية"، وهي جهة تسعى إلى حماية الحق في التحدث علنا نيابة عن الفلسطينيين في الولايات المتحدة الأمريكية وزارة التعليم على التحقيق في ممارسات الجامعة، متهمة إياها بـ "التمييز" ضد المؤيدين للفلسطينيين فيما أحجمت جامعة كولومبيا عن التعليق.

لطفي فراج

تاريخ Apr 26, 2024