اولوية الاولويات عندنا اليوم هي بناء اقتصاد خارج قطاع المحروقات لضمان مناصب شغل بالملايين و مداخيل بالمليارات، هذا امر مستعجل جدا و لا وقت لدينا (اقصد النخبة في الجزائر) نخصصه لهذيان فرنسا و قياداتها السياسية التي اتخذت من الجزائر ورقة انتخابية تسعى لتحقيق من خلالها هدفين: صرف نظر الفرنسيين عن فشل الرئيس ايمانويل ماكرون على كل الأصعدة و مديونية فرنسا التي تجاوزت 3200 مليار يورو وجه من وجوه هذا الاخفاق. ان غضب الشارع الفرنسي حقيقة ملموسة و انتشار مظاهر الفقر و البؤس في فرنسا واقع ملموس، لذلك تحاول الحكومة الفرنسية صرف نظر الناس عن إخفاقاتها بالتوجه الى عدو خارجي و في هذه الحالة اختارت فرنسا ان يكون عدوها الجزائر. اما الهدف الثاني من استعمال ورقة الجزائر من طرف رجالات السياسة في فرنسا هو هدف انتخابي صرف، اليمين و اليمين المتطرف و الوسط و اليسار و اليسار المتطرف كل هذه التيارات على اختلاف طرحها تعتبر الجزائر شأنا داخليا فرنسيا و تستعمل ورقة الجزائر من اجل كسب الأصوات في المعارك الانتخابية. فما دخل الجزائر مثلا في دخول الجمهورية الفرنسية الخامسة في الحيط و ما دخل الجزائر في الفوضى الحزبية في فرنسا؟ و ما دخل الجزائر في اخفاق الدولة الفرنسية في تسيير شؤون المواطن الفرنسي؟ هذا شأن فرنسي داخلي و لا دخل لنا في الجزائر فيه و نحن لسنا من انصار اكسافي درينكور Xavier Driencourt سفير فرنسا السابق في الجزائر الذي يعتقد بان "الجزائر شأن فرنسي داخلي"نحن لا نعتقد في الجزائر ان فرنسا شأن داخلي جزائري بل نعتقد ان الدولة الجزائرية لا تتدخل في شؤون الدول و لا تقبل ان تتدخل الدول في شؤونها الداخلية.
ان رد الدولة الجزائرية على استفزازات و سوء ادب فرنسا كان هادئا صائبا كافيا و لا تحتاج الحكومة الجزائرية ان تبذل جهدا اضافيا و لا ان تضيع وقتها الثمين في مواجهة فرنسا، بل لا بد من تركيز كل الجهد و كل الوقت على الجانب الاقتصادي والاجتماعي من اجل تحسين يوميات المواطن الجزائري، هذه هي أولويتنا و لا مكان لفرنسا في قائمة أولوياتنا و تجاهل فرنسا خير ستين مرة من الاهتمام بها و اعطائها حجما يتجاوز حجمها الحقيقي، فرنسا اليوم دولة في مؤخرة الدول الأوروبية اقتصاديا و علميا و عسكريا، و لكن هذا شأن فرنسي لا يهمنا لا من بعيد و لا من قريب.
احمد العلوي